78

Urjanun Jadid

الأورجانون الجديد: إرشادات صادقة في تفسير الطبيعة

Genres

49

التي أسميتها أيضا «شواهد القضايا الثابتة»

instances of unchanging propositions ، وهي الشواهد التي تعرض جوهرا أو شيئا عيانيا فيه تكون الطبيعة محل البحث: إما حاضرة على الدوام كالرفيق اللصيق، وإما منسحبة دائما ومستبعدة من الارتباط كالعدو أو الخصم، ونحن على أساس هذه الشواهد نكون قضايا كلية يقينية إما موجبة وإما سالبة، سيكون فيها الموضوع جسما عينيا ويكون المحمول هو الطبيعة نفسها محل البحث؛ ذلك أن القضايا الجزئية ليست ثابتة على الإطلاق، إنها قضايا نجد فيها الطبيعة المقصودة سائلة غير ثابتة في شيء عيني، أي إنها طبيعة مقتربة أو مكتسبة، أو على النقيض مبتعدة أو منفصلة، وهكذا فالقضايا الجزئية ليس لها امتياز كبير إلا في حالة «الانتقال» التي عرضنا لها آنفا، ورغم ذلك فحتى القضايا الجزئية تكون ذات قيمة عندما توازن وتقارن بالقضايا الكلية، كما سوف أبين في موضعه، ولكن حتى في القضايا الكلية نحن لا نتطلب الإثبات أو النفي التام والمطلق، ويكفي لغرضنا أن تتيح استثناء ما فريدا أو نادرا.

بذا تكون وظيفة «شواهد الصحبة» هي تضييق مجال الموجب (الإثبات)، فمثلما تضيق «شواهد الانتقال» مجال الموجب بحيث تكون الصورة هي شيء يقبل أو يرفض بواسطة فعل الانتقال، كذلك تضيقه «شواهد الصحبة» حيث يتعين علينا أن نميز الصورة كشيء يدخل في تركيب هذا الجسم أو - على العكس - يأبى أن يدخل، بذا يصبح كل من هو على إلف بتركيب أو هيئة هذا الجسم قريبا من تسليط الضوء على صورة الطبيعة محل البحث.

افترض على سبيل المثال أن الطبيعة المطلوبة هي الحرارة، إن «شاهد الصحبة» هنا هو اللهب، ففي الماء والهواء والحجر والمعدن ومعظم الأشياء الأخرى تتباين الحرارة، ويمكن أن تأتي وأن تذهب، أما اللهب فكله حار، فالحرارة تصحب تكوين اللهب، وليس ثمة «شاهد عداء» (أو نفور) للحرارة في خبرتنا، ليست لدينا خبرة حسية بأحشاء الأرض، ولكننا لا نعرف بين جميع الأجسام تكوينا واحدا غير قابل للحرارة.

أو افترض أن الطبيعة المطلوبة هي الصلابة، فشاهد العداء هو الهواء، فالمعدن قد يكون منصهرا وقد يكون صلبا وكذلك الزجاج، وحتى الماء قد يكون صلبا وذلك عندما يتجمد، إلا أن من المحال دائما أن يتصلب الهواء أو يفقد سيولته.

50

يبقى هناك تحذيران حول «شواهد القضايا الثابتة» يتصلان بهذا العرض؛ أولا: إذا لم يكن ثمة أي قضية كلية مطلقة - موجبة أو سالبة - فإن علينا أن نسجل بعناية تلك الحقيقة الواقعة ذاتها كشيء غير موجود، تماما مثلما فعلنا في حالة الحرارة، حيث السالب الكلي (في حدود خبرتنا) غير قائم في الطبيعة، وبالمثل إذا كانت الطبيعة محل البحث أبدية أو غير قابلة للفساد فإن الموجب الكلي غير متاح في خبرتنا، فالأبدية وعدم القابلية للفساد لا يمكن أن يحملا على أي جسم يقع تحت سمائنا وفوق أحشاء أرضنا، والتحذير الثاني هو أن القضايا الكلية - السالبة والموجبة كلتيهما - عن الشيء العياني لها أشياء عيانية مرتبطة بها تقترب، فيما يبدو، من العدم (الجواهر غير الموجودة)، مثال ذلك: في حالة الحرارة اللهب الفائق اللطف والأقل إحراقا، وفي حالة عدم القابلية للفساد: الذهب، فهو أقرب شيء إلى ذلك؛ كل هذه الأشياء تشير إلى التخوم الطبيعية بين الوجود والعدم، وتفيد في تحديد حدود الصور فلا تنتفخ وتضل وراء شروط المادة. ••• (34) وفي المرتبة الثانية عشرة من شواهد الامتياز سأضع تلك «الشواهد الإضافية»

accessory instances

51

Unknown page