إجمالا، توجد آثار اللغة الأخرى، خاصة في شكل تداخلات، في لغة الأشخاص الثنائيي اللغة، لكنها لا تؤثر عادة على عملية التواصل. ويمكنني القول حتى إنها تجعل ما يقال مميزا وأقل نمطية. وكما سنرى، فإن كتابات مؤلفين ثنائيي اللغة، مثل جوزيف كونراد وصامويل بيكيت، تحتوي على آثار من لغات أخرى؛ فالتداخلات تثري كتاباتهم كثيرا وتساعد في جعلها مميزة.
الفصل السابع
امتلاك لكنة في إحدى اللغات
على الرغم من أن عددا قليلا للغاية منا هم علماء لغة محترفون، فإننا جميعا نستطيع التعليق على وجود اللكنات؛ فاللكنة هي أحد أكثر الأشياء التي نلاحظها في حديث الناس، وعادة ما نكون رأيا بشأنها. يصبح موضوع اللكنة أكثر تعقيدا في حالة الأشخاص الثنائيي اللغة في ظل وجود لغتين أو أكثر لديهم، خاصة بسبب المعتقد السائد التالي:
خرافة: الأشخاص الثنائيو اللغة الحقيقيون لا تكون لديهم لكنة في لغاتهم المختلفة
إن حقيقة الأشخاص الثنائيي اللغة تختلف عن ذلك تماما؛ ففي الواقع، إن وجود لكنة «أجنبية» في لغة واحدة أو أكثر هو القاعدة لدى الأشخاص الثنائيي اللغة؛ والاستثناء ألا تكون لديهم لكنة. يعتمد وجود لكنة لدى المرء في إحدى اللغات على وقت اكتساب هذه اللغة. ووجود اللكنة لا يزيد ولا يقلل من كون المرء ثنائي اللغة؛ فتوجد لكنة لدى بعض من أكثر الثنائيي اللغة طلاقة وتوازنا لغويا في إحدى لغاتهم، وقد لا توجد لكنة لدى غيرهم من الأشخاص الثنائيي اللغة الأقل طلاقة؛ فالعالم مليء بعلماء وكتاب وسياسيين محترمين وغيرهم ثنائيي اللغة ويتحدثون بلكنة في إحدى لغاتهم.
يوجد مثال على هذا، وهو المؤلف الشهير جوزيف كونراد الذي ذكرناه بإيجاز في نهاية الفصل السابق. إن المعلومة التي قد يغفل عنها المرء أن كونراد كان من أصل بولندي، وليس بريطاني، وأنه كانت لديه لكنة بولندية واضحة للغاية عندما كان يتحدث بالإنجليزية؛ ومع ذلك فقد كانت كتاباته بالإنجليزية مميزة، ويظل أحد المؤلفين الكبار في الأدب الإنجليزي في مطلع القرن العشرين. وفي مجال مختلف تماما، نجد سياسيا أمريكيا بارزا حصل على جائزة نوبل ، وهو هنري كيسنجر، الذي كانت لديه لكنة ألمانية واضحة عند الحديث بالإنجليزية، وهي لغة كان يجيدها إجادة تامة.
إجمالا، لا توجد علاقة بين معرفة المرء بإحدى اللغات ووجود لكنة لديه فيها أو لا. ونظرا لأن وجود اللكنات في الواقع أمر طبيعي بين الأشخاص الثنائيي اللغة، فسنتعرف على أسباب ظهور اللكنات لدى الناس، ومعناها على المستوى الصوتي، وعيوب ومميزات وجود اللكنات لدى الأشخاص الثنائيي اللغة. (1) أسباب وكيفية امتلاك اللكنة
تصبح لدى المرء لكنة في إحدى اللغات لعدة أسباب؛ أولها، وأبسطها على الإطلاق، قد يرجع إلى اكتساب المرء لهجة معينة من اللغة؛ ومن ثم فإن الشخص الهندي الذي يتحدث بالإنجليزية، قد تكون لديه ببساطة اللكنة المرتبطة باللغة الإنجليزية الهندية، التي لا علاقة لها بالسن الذي اكتسب فيه تلك اللغة. والسبب الثاني الأكثر شهرة هو تأثير اللغة الأولى على اللغة الثانية؛ فقد توجد لدى ثنائي اللغة في اللغتين الإنجليزية والفرنسية لكنة إنجليزية في اللغة الفرنسية لأنه قد اكتسب الفرنسية في مرحلة لاحقة من حياته. ينطبق هذا على خالة والدي الإنجليزية، التي انتقلت إلى فرنسا في العشرينيات من عمرها؛ فقد كانت لديها لكنة واضحة عندما كانت تتحدث بالفرنسية، على الرغم من أن لغتها الفرنسية كانت بخلاف ذلك تخلو من العيوب ومصقولة إلى حد كبير.
ما نوع التأثير الذي تمارسه اللغة الأولى (الأقوى عادة) على اللغة الثانية (الأضعف عادة)؟ أولا: إذا كانت اللغة الثانية بها صوت لا يوجد في الأولى، فإن المتحدث قد يستخدم بديلا قريبا من الناحية الصوتية؛ على سبيل المثال: نظرا لعدم وجود الصوت
Unknown page