الفصل السادس عشر
الجوانب اللغوية للثنائية اللغوية لدى
الأطفال
عندما نتحدث مع الآخرين عن الأطفال الثنائيي اللغة، يظهر دوما عدد من الموضوعات، مثل: سيادة إحدى اللغات، والتكيف مع الوضع اللغوي، و«الخلط» بين اللغات. سنتحدث في هذا الفصل عن هذه الموضوعات، وعن كون الأطفال الثنائيي اللغة مترجمين شفويين بالفطرة. وفي النهاية، سنتحدث عن طريقة تلاعب الأطفال الثنائيي اللغة باللغات. (1) سيادة إحدى اللغات
تظهر عادة علامات سيادة إحدى اللغات لدى الأطفال الثنائيي اللغة. توجد عدة أسباب لهذا، تتعلق بما إذا كان الأطفال يكتسبون اللغتين معا أم أنهم يتعلمون إحدى اللغات بعد اللغة الأخرى. فعندما تكتسب اللغتان في وقت واحد، ربما تكون تركيبات لغوية معينة أكثر تعقيدا في إحدى اللغات منها في اللغة الأخرى، ومن ثم تكتسب بسرعة أكبر في اللغة «الأسهل»، مما يعطي الانطباع بسيادة هذه اللغة لدى الطفل؛ على سبيل المثال: قد يتمكن الأطفال الثنائيو اللغة في المجرية والصربية من التعبير عن الموقع باللغة المجرية قبل اللغة الصربية؛ نظرا لأن التعبير عنه في اللغة المجرية يكون فقط بتصريف الاسم، أما في الصربية فيتطلب تصريف الاسم وحرف جر مكاني.
1
اكتشفت عالمة اللغة مارلين فيمن أمرا مشابها في حديث رايفو، وهو طفل ثنائي اللغة في الإستونية والإنجليزية؛ إذ كان يميل إلى حذف المقاطع الصرفية المقيدة في الإستونية (نهايات مثل -da
أو -ega )، لأن علم الصرف في اللغة الإستونية أكثر تعقيدا من الموجود في الإنجليزية، واستغرق وقتا أطول في اكتسابه.
2
بخلاف هذه الأسباب التركيبية، ترجع سيادة إحدى اللغات لدى الأطفال الذين يكتسبون لغتين معا في الأساس إلى مقدار تعرضهم لكل لغة؛ فمن الشائع أن يحصل الطفل على مدخلات أكثر في إحدى اللغتين أكثر من حصوله على مدخلات متساوية في اللغتين. رأينا في الفصل الرابع عشر، على سبيل المثال، أن اللغة السائدة لدى هيلدجارد كانت الإنجليزية قبل رحلتها إلى ألمانيا؛ فلم تكن والدتها هي الوحيدة التي تتحدث إليها بالإنجليزية، بل كان أيضا المجتمع المحيط بها. حدث الأمر نفسه مع ستيفن الذي كانت الجاروية هي اللغة السائدة لديه لبعض الوقت. إن التأثير الأساسي لهذه السيادة، التي قد تتغير، وبسرعة كبيرة في بعض الأحيان، يتمثل في أن اكتساب اللغة الأقوى يتطور بدرجة أكبر من اكتساب اللغة الأضعف (فيحدث فصل بين أصوات أكثر، ويكتسب المزيد من الكلمات، ويستنتج المزيد من القواعد النحوية)، ويوجد احتمال أن تؤثر في اللغة الأضعف. قال روبنز بورلينج إن ولده ستيفن، على سبيل المثال، كان يستخدم الوحدات الصوتية الخاصة باللغة الجاروية بدلا من الوحدات الصوتية الإنجليزية عندما يتحدث باللغة الإنجليزية.
Unknown page