The Refined in Comparative Jurisprudence
المهذب في علم أصول الفقه المقارن
Genres
الصورة في دماغك، كأنك تنظر إليها وإن كان البلح غائبًا، فلو ذكر
ذلك البلح - فيما بعد - فإنك تستحضر تلك الصورة من ذهنك
ودماغك، وتقول: إن لونه أحمر وإن كان غائبا عنك، لأن صورته
في دماغك، فإنك تتخيله، لذلك سمي معنى متخيلًا.
كذلك لما لمست الثلج لأول مرة ووجدته باردًا، فإنك لو سئلت
عنه - فيما بعد - لقلت: إن الثلج بارد وإن كان غائبا عنك،
وهكذا.
وهذه القوة - وهي قوة التخيل - لا ينفرد بها الإنسان، بل يشترك
معه فيها الحيوان.
أي: كما أنه يوصف الإنسان بأنه يتخيل الأشياء في الدماغ كذلك
البهائم تتخيل ولا فرق، فمثلًا: تجد " الفرس " إذا أكل شعيرًا مرة،
ثم رآه مرة ثانية في يوم آخر فإنك تجده يتحرك نحوه، ويحاول أن
يقترب منه، وذلك لأنه تذكر صورته وطعمه الذي حفظه له دماغه
وخياله، فلو كانت الصورة لم تثبت في خياله لما بادر إليه وتحرك
نحوه، وكذلك جميع الحيوانات إذا رأت طعامها الذي يقدم إليها،
بل إن بعض الحيوانات إذا رأت من يعطيها طعامها المحبب لديها
رفعت أصواتها، واقتربت منه، وما ذلك إلا لأنها تخيلت اللذة
التي توجد في تلك الأطعمة التي يقدمها لها ذلك الشخص.
القسم الثالث: المعاني المعقولة، وهي: التي ندركها عن طريق
العقل الذي هو: الآلة التي ندرك بها الأشياء ونميز بعضها عن بعض.
والعقل غريزة، وليس مكتسبًا، خلقه اللَّه تعالى في الإنسان
تشريفًا له يباين ويفارق به البهيمة، ويستعد به لقبول العلم، وتدبير
الصنائع الفكرية.
1 / 115