The Middle Dictionary of Al-Tabarani, Part Two
القسم الثاني من المعجم الأوسط للطبراني
Investigator
محمود محمد محمد عمارة السعدني
Genres
القسم الثاني مِن المعجم الأوسط
للإمام أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبرانيّ ﵀ ت ٣٦٠ هـ - تحقيق ودراسة مع ملاحظة أحكامه على الأحاديث بالتَّفرد.
مِنْ حديث (٤٠١) حديث وَاثِلَة بن الأَسْقَعِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ ﷿: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي … الحديث»، إلى حديث رقم (٦٥٠) حديث ابن عَبَّاسٍ، قَالَ: «تَضَيَّفْتُ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، وَهِيَ لَيْلَتَئِذٍ حَائِضٌ لَا تُصَلِّي … الحديث».
رسالة مُقَدَّمةٌ لنيل درجة التَّخصص (الماجستير)
في الحديث وعلومه
إعداد الباحث:
محمود محمد محمد عمارة السعدني
تحت إشراف
فضيلة الأستاذ الدكتور/ أ. د/أحمد محمد محمد علي سالم:
أستاذ الحديث ووكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالزقازيق
فضيلة الأستاذ الدكتور/ أ. د/أحمد محمد صبري. مدرس الحديث وعلومه بالكلية
الجزء الأول
1 / 1
بسم الله الرحمن الرحيم
1 / 2
الحمد لله رب العالمين
الحمد لله بجميع محامده كلها ما علمتُ مِنْها
وما لم أعلم، على جميع نعمه كلها ما علمتُ مِنْها
وما لم أعلم، عدد خلقه كلهم ما علمتُ مِنْهم وما
لم أعلم، حمدًا يُوافي نعمه ويُكافئُ مزيده.
يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك
وعظيم سُلْطانك.
1 / 3
اللهم صلِّ على سيدنا محمد، وعلى آله، وصحبه،
ومَنْ تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
صلاة تكون لنا طريقًا لقربه، وتأكيدًا لحبه، وبابًا … لجمعنا عليه، وهديَّة مقبولة بين يديه.
وسلِّم اللهم كذلك تسليمًا كثيرًا أبدا.
وارض اللهم عن آله، وصحبه السعدا، واكسنا يا ربنا
حلل الرضا، والطف بنا بلطفك في القضا.
1 / 4
الإهداء
إلى نبينا وسيدنا محمد ﷺ، وآله الطاهرين، وأصحابه الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إلى الحافظ الثِّقَة، الرَّحَّال الجَوَّال، مُحَدِّثِ الإسلام، عَلَمِ المُعَمَّرين: أبي القاسم سُلَيْمان بن أحمد الطبرانيّ.
إلى شيخيّ الكريمين المشرفين على الرسالة: أ. د/أحمد محمد سالم وأ. د/أحمد محمد صبري.
إلى كل مَنْ ساهم في تحقيق "المعجم الأوسط"، وإخراجه مِنْ عالم المخطوط إلى عالم المطبوع، وأخص بالذكر الشيخ/طارق بن عوض الله، والشيخ/عبد المحسن الحسيني، وفريق التحقيق معهما، فجزاهم الله خيرا.
إلى شيخي وأستاذي الفاضل أ. د/أحمد معبد عبد الكريم، وجميع أساتذتي بكلية أصول الدين بطنطا.
إلى والديَّ الكريمين الذين تحملا الصعاب، وزرعا لي مِنْ غَرس فؤاديهما جَنَّاتٍ لأعيش هانئًا سعيدًا، وفرشا لي مِنْ مُقْلَة عُيونهما دُرُبًا، إلى أُمي الغالية، وأبي الغالي، اللذين في رعايتهما تَقَلَّبت، وفي كنفهما ارتفعت، وبسببهما تَعَلَّمت، أسأل الله ﷿ أن يُطيل في عُمرهما على الخير والطاعة، وأن يُمتعهما بالصحة والعافية، وأن يجعل مقامهما الفردوس الأعلى، وجزاهما الله عني خير الجزاء، إنَّه ولي ذلك ومولاه.
إلى ريحانة فؤادي التي شاركتني حياتي فكانت نِعْم الشريك، ورافقتني مسيرتي فكانت نعم الرفيق، بَذَلَت لسعادتي كل ما تسطيع، وساعدتني على تحمل عناء الدراسة، وآنستني وساندتني في تقلبات أحوالي، إلى زوجتي الغالية التي كان لها أثر بارز في إنهاء هذا البحث بالكتابة والتنسيق، فجزاها الله عني خير الجزاء.
إلى مَنْ غمراني بالسعادة، وأضحكاني، قرة عيوني: مريم، ومحمد، جعلهما الله ﷿ مِنْ خُدَّام هذا الدين.
إلى أخواتي الأربعة: أُم أحمد، وأُم زينب، وأُم مريم، والصغرى حنان اللائي أفضن عليّ بالعطف والحنان، والوقت والمال، والنَّصيحة والامتنان، والتَّضرع إلى الله والابتهال أن يرزقني العون والتوفيق والجنان.
إلى كل من أسدى إلىَّ معروفًا، أو تعلمت منه شيئا، أو بذل لي نصحًا، أو مد يد العون لي، مِنْ مشايخي الفضلاء، وأساتذتي الأعزاء، وإخواني مِنْ طلبة العلم.
إلى هذا الصرح الشامخ جامعة الأزهر الشريف، من أساتذة وعلماء وقائمين على العمل الدراسي.
إليهم جميعًا أُهدي هذا العمل المتواضع، وأسأل الله ﷿ أن يجعله من العلم النافع، والعمل الصالح.
والحمد لله رب العالمين،،،
الباحث
1 / 5
مقدمة الرسالة
1 / 6
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (^١)، الحمد لله بجميع مَحَامِده كلها ما علمتُ مِنْها وما لم أعلم، على جميع نعمه كلها ما علمتُ منها وما لم أعلم، عدد خلقه كلهم ما علمتُ مِنْهُم وما لم أعلم، حَمْدًا يُوافي نعمه، ويُكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك. (^٢)
وأشهدُ أن لا إله إلا اللَّهُ، وحده لا شَرِيكَ له، له الملك وله الحمد يُحيي ويُميتُ، وهو على كل شيء قدير، إِقْرَارَ مَنْ لاح له الهُدَى فَعَرَفَ، وأشهد أنَّ سيدنا محمدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ مُنْتَهَى الكَرَمِ والشَّرَفِ، صَلَّى اللَّهُ وسلَّم عليه، وعلى آله وصحبه ومَنْ قَفَا أَثَرَهُمْ، ومِنْ بِحَارِ عُلُومِهِمُ اغْتَرَفَ. (^٣)
أمَّا بعد:
فإنَّ علم الحديث مَفْخَرةٌ مِنْ مفاخر العلوم الإسلامية، وجوهرةٌ مِنْ جواهرها النَّفيسة، فقد كان أول مَنْهجٍ عِلْمِيٍّ يُوضع في تاريخ العلوم الإنسانية لتمحيص الرِّوايات، وتدقيق الأخبار، ومعرفةِ الصحيح مِنْ الضعيف، والمقبول مِنْ المردود، بَيْنَما كان هذا الأمر غُفْلًا عند الأُمم الأُخْرَى؛ ينقلون ما هبَّ ودَبَّ مِنْ الرِّوايات والقصص والأخبار؛ دون أن يكون لديهم أي ميزانٍ أو ضابطٍ لها، حتى لو كانت تتعلَّقُ بدينهم، أو تدخل في عقائدهم؛ لذا راجت عندهم الأساطير، ودَاخَلَ مُعتقداتهم التحريفُ، وشَابت كُتُبَهم التُّرَّهاتُ والأباطيل.
فكان هذا العلم - وهو علم الحديث - مِنْ تكريم الله ﷾ لهذه الأمة، ومِنْ تشريفه لها، وكيف لا …؟ وقد جعلها الله ﷿ خير أمَّة أُخرجت للنَّاس!! قال الله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ (^٤).
وهو إعجازٌ مِنْ الله ﷾ في حفظ كتابه؛ لأنَّ السُّنة هي المُبَيِّنةُ للقرآن، وهي المُفَسِّرةُ له، وحفظ الشيء يكون بحفظ بيانه، قال الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (^٥). (^٦)
لذلك فإنَّ الله تعالى وَفَّق للسُّنَّة حُفاظًا عارفين، وجهابذة عالمين، وصيارفة ناقدين، ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المُبطلين، وتأويل الجاهلين، فتنوعوا في تصنيفها، وتفننوا في تدوينها على أنحاءٍ كثيرةٍ،
_________
(^١) سورة "الفاتحة"، الآية رقم (٢).
(^٢) مِمَّا حفظته مِنْ شيخنا الجليل فضيلة الشيخ/عبد السلام أبي الفضل ﵀، ورضي الله عنا وعنه، وأرضانا وأرضاه آمين -، وكان كثيرًا ما يُرَدِّدُها في خطبه، ودروسه - نفعنا الله بها -.
(^٣) مقتبسٌ مِنْ مقدمة كتاب "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (١/ ١٥٧) - بتصرف -.
(^٤) سورة "آل عمران"، الآية رقم (١١٠).
(^٥) سورة "النحل"، الآية (٤٤).
(^٦) مقتبسٌ مِنْ مقدمة كتاب "التَّفرُّد في رواية الحديث ومنهج المُحَدِّثين في قبوله" د/عبد الجَوَاد حَمَام (ص/٩ - ١٠).
1 / 7
وضروبٍ عديدةٍ، حرصًا على حفظها، وخوفًا من إضاعتها. (^١)
وقَيَّض الله ﷿ للسُّنِّة الشريفة أئمةً كبارًا، وجهابذة نُقَّادًا، ورجالًا أفذاذًا، سَخَّروا حياتهم لها، وبذلوا حياتهم بل وبذلوا كُلَّ ما لديهم مِنْ غالٍ ونفيسٍ خدمة لها، حتى مَيَّزوا لنا صحيح الحديث مِنْ سقيمه، ونقدوا لنا الإسناد والمتن بتمحيصٍ شديدٍ، وتوثيقٍ بالغٍ لا مثيل له على مرّ العصور والدهور.
ولقد اعتنى المُحَدِّثون بشتى أنواع علوم الحديث المختلفة التي تخدم حديث النَّبيّ ﷺ.
وكان مِنْ أهم أنواع علوم الحديث التي اعتنى بها صيارفة الحديث ونُقَّاده أشد عناية واهتمام:
علم الغرائب والأفراد؛ لكون الإكثار مِنْ التَّفرد والإغراب، ورواية ما لا يعرفون - خاصة عند المخالفة، وشدة النكارة في المروي - سببًا مِنْ أسباب جرح الراوي، وضعفه، وأدعى إلى عدم قبوله ورده.
ولكون معرفة الأفراد والغرائب من أهم وسائل الكشف عن العلة كما قال ابن الصلاح: ويُسْتَعانُ على إدراكِها - أي العلة - بتَفَرُّدِ الراوي، وبمخالفةِ غيرِهِ لهُ، مَعَ قرائنَ تَنْضَمُّ إلى ذلك. (^٢)
ولدقة هذه المسألة وحساسيتها، وتداخلها مع أهم علوم الحديث، كعلم الجرح والتعديل، وعلل الحديث، ولكثرة الأنواع المتفرعة عنها، والمتصلة بها اتصالًا وثيقًا؛ كالشاذ، والمُنْكر، وزيادة الثقة، وغيرها. (^٣)
لذا تكلَّموا عليه في شتى كتب الحديث وعلومه: كَكُتُبِ المتون (^٤)،
والمصطلح (^٥)، وكُتُبِ تراجم الرِّجال،
_________
(^١) يُنظر: "تهذيب الكمال في أسماء الرجال" للإمام أبي الحجَّاج يوسف المزيّ (١/ ١٤٧).
(^٢) يُنظر: "معرفة علوم الحديث" لابن الصلاح (ص/١٨٧).
(^٣) يُنظر: "التَّفرُّد في رواية الحديث ومنهج المُحدِّثين في قبوله" (ص/١٩٥).
(^٤) يُنظر: "الزهد" لابن المبارك حديث رقم (٩٤٨ و٩٤٩). "صحيح البخاري" ك/الطلاق، ب/الخُلْعِ وَكَيْفَ الطَّلَاقُ فِيهِ برقم (٥٢٧٣)، حيث أورد حديثًا لعكرمة عن ابن عبَّاس ﵄، ثُمَّ قال: لا يُتَابَعُ فيه عن ابن عَبَّاسٍ؛ أي: لا يتابع أزهر بن جميل - شيخ البخاري في الحديث - على ذكر ابن عباس ﵄ في هذا الحديث. "السنن" لابن ماجه حديث رقم (٢١٤٣ و٢١٦٢)، "السنن" لأبي داود حديث رقم (٥٠ و١٥٥ و٣٣٣ و١١٢٠ و٢٢٥٤ و٢٣٤٨ و٢٨٦٨ و٤٤٧٦)، "السنن" للترمذي، وأكثر فيه الترمذي مِنْ ذكر غرائب وأفراد الرواة في هذا الكتاب، منها على سبيل المثال: حديث رقم (٧ و٢١ و٤٠ و٤٣ و٥٧ و٧٣ و١٠٦ و١٢٧ و٢١٠ و٢١١ و٢٦٨ و٢٦٩ و٢٩٤ و٣٣٤ و٣٤٩ و٤١١ وغير ذلك كثير)، "السنن الكبرى" للنَّسائي حديث رقم (١٦٣٩ و٤١٦٠ و١١٥٨٩ وغيرها)، "صحيح ابن خزيمة" حديث رقم (١٤ و١٧٧ و٢٢٩ و٣٠٥ و٥٧٣ وغيرها)، "شرح مُشْكِل الآثار" للطحاوي حديث رقم (٤١٨ و٥٧٢)، "المسند" لأبي سعيد الشاشي حديث رقم (٢١٥)، "صحيح ابن حبَّان" حديث رقم (الإحسان/١٧٤ و١٧٥ و٣٧٨ و١٤٠٦ و١٤٧٩ و١٥٠٨ و١٧٨٦ و١٩٥٣ وغير ذلك كثير)، وقد اهتم ابن حبَّان ﵁ في "صحيحه" بنفي التَّفرد عن بعض الأحاديث التي وصفها البعض بالتَّفرد في إحدى طبقات إسنادها، فكثيرًا ما يقول: ذِكْرُ الخَبَرِ المُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هذا الخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ فلان عن فلان، والمواضع في ذلك تزيد عن مائة موضع مِنْ الكتاب، مِنْها على سبيل المثال: (الإحسان/١٣٠ و١٦٧ و٢٥٥ وغيرها) .. "رؤية الله" للدَّارقُطني حديث رقم (٥٩ و٢٣٣)، "السنن" للدَّارقُطني حديث رقم (١٢٥ و١٧٣ و١٧٩ و١٩٤ و٢٤٤، وغير ذلك كثير)، "المُسْتدرَك على الصحيحين" حديث رقم (٩٤ و١٦٦ و٤١٨ و٦٣٩ و٦٤٥ وغيرها)، "حلية الأولياء" لأبي نُعيم ويُعتبر مِنْ مظان الأفراد مِنْ الأحاديث، والمُقَلِّب لصفحاته يقف على مِئات المواضع الدَّالة على ذلك، مِنْها على سبيل المثال: (١/ ١٦٨ و١/ ٢٢٦ و١/ ٢٢٧ و١/ ٣١٥ و١/ ٣١٥، وغيرها كثير)، "السنن الكبرى" للبيهقي حديث رقم (١٣١ و١٧٧ و٢٠٧ و٢٤٩ و٨٢٧، وغيرها كثير)، "معجم ابن عساكر" حديث رقم (٤٢ و٦٧ و١٤٦ و١٦٢ و٢٥٨، وغيرها)، وغير ذلك مِنْ كتب المتون، والله أعلم.
(^٥) وفي كتب المصطلح افردوه بعناوين مُسْتَقِلَّة، واعتنوا به أشد عناية، وتكلَّموا عنه ضمن بقية علوم الحديث المتداخلة معه، والمترابطة به كالشاذ، والمنكر، ونحوهما، كما سيأتي بيانه والإشارة إليه في الفصل الثالث مِنْ القسم الأول في هذه الدَّراسة.
1 / 8
والتواريخ والبلدان (^١)،
وكُتُبِ العلل (^٢)، وغيرها مِنْ المؤلَّفات؛ فنراهم يُوردون عقب الروايات مَنْ تَفَرَّد بها مِنْ الرواة، ويُوردون في تراجم الرِّجال ما تَفَرَّدوا به مِنْ الغرائب والمناكير.
_________
(^١) يُنظر: "التاريخ الكبير" للبخاري (١/ ١١٠ و١٣٨ و١٧٩ و٢٣٠ و٣٥٧ وغيرها كثير)، ويَسْتَعْمِلُ ذلك بقول: لا يُتابع عليه. "الجرح والتعديل" (٣/ ٥٧٠)، "التاريخ" لابن يونس (١/ ٣٥٣ و١/ ٤٤٥ و١/ ٤٩٣)، "المجروحين" لابن حبَّان (١/ ١١٢ و١١٦ و٢١٦)، "الكامل في ضعفاء الرجال" لابن عدي، وهذا الكتاب أصل في غرائب الرواة وأفرادهم، وهو أمر واضح لمن تَصَفَّحه، مِنْ ذلك على سبيل المثال: (١/ ١٠١ و١٠٤ و١١٢ و٣٧٩ و٥٠٧ وغير ذلك الكثير)، وتنوَّعت عبارات ابن عدي في ذلك، فأحيانًا يقول: تَفَرَّد به فلان، وأحيانًا: غريب مِنْ حديث فلان، وأحيانًا: لم يروه عن فلان إلا فلان، وأحيانًا: لا يُتابع على حديثه، وعامة ما يرويه لا يُتابع عليه، ونحو ذلك. "طبقات المُحدِّثين بأصبهان" لأبي الشيخ، قال في مقدمته (١/ ١٤٧): "هذا كتاب "طَبَقَاتِ أَسْمَاءِ الْمُحَدِّثِينَ مِمَّنْ قَدِمَ أَصْبَهَانَ" مِنَ الصَّحَابَةِ والتَّابِعِينَ وَمَنْ كان بها وَقْتَ فَتْحِهَا إلى زَمَانِنَا هذا، مع ذِكْرِ كُلِّ مَنْ تَفَرَّدَ به وَاحِدٌ مِنْهُمْ بذلك الحديث ولم يَرْوِهِ غيره بذلك الإسنادِ .... الخ"، وهذا ظاهر في بعض المواضع في كتابه، فإنَّه أحيانًا يذكر ترجمة الراوي، ويقول: ومِمَّا تَفَرَّد به ما حدَّثنا، ويشرع في ذكر الحديث، يُنظر على سبيل المثال: (٢/ ١٧ و٥٢ و٦٨ و١٤٣ و٣/ ٨٨ وغيرها)، "معرفة الصحابة" لابن مندة وفيه الكثير مِنْ ذلك، أذكر على سبيل المثال: (ص/١٩٤ و٢٠٩ و٣٠٩ و٣١٣ و٣٢٠ وغيرها)، "معرفة الصحابة" لأبي نُعيم، وهو يشتمل على مواضع كثيرة، مِنْها على سبيل المثال: حديث برقم (٣٣ و٢٨٢ و٢٨٥ و٢٨٦ و٣٥٤ وغيرها). "تاريخ بغداد" (٢/ ٤٧١ و٥٣٦ و٣/ ١٢٠ و٢٢٥ و٣٣٠ وغيرها)، وأكثر مِنْ النقل عن الأئمة السابقين، خاصة الطبراني، والدَّارقُطني. "تاريخ دمشق" لابن عساكر (٤/ ١٦٩ و٢٤/ ٢٢٥ و٣٦/ ٣٨٢ وغيرها)، وأكثر كذلك مِنْ النَّقل عن الأئمة السابقين، خاصة الطبراني والدَّارقُطني، وغيرهما. وأكثر المزيُّ في "تهذيب الكمال" بنقل أحكام الأئمة السابقين كالبخاري، والترمذي، وابن عدي، والعُقَيْليّ، وغيرهم على الأحاديث بالتَّفرد، أو على الرواة بالإكثار مِنْ الأغراب والأفراد، مِنْ ذلك على سبيل المثال: (٢/ ٢٢ و١٠٧ و٣/ ٢٤٠ و٥٠٣ و٤/ ١٥٧ وغيرها)، وأخرج حديثًا مِنْ طريق الطبراني، ونقل عقبه قول الطبراني: لم يَرْوِهِ عن ثَابِتٍ إلا محمد بن سالم البَصْرِيّ، تفرد ابنُ الطَّبَّاعِ، ثُمَّ أورده عند الترمذي مِنْ طريق آخر عن محمد بن سالم، ثُمَّ تَعَقَّب الطبراني، فقال: وفِيهِ اسْتِدَرَاكٌ عَلَى الطَّبَرَانِيِّ فِي قَوْلِهِ: تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ الطَّبَّاعِ. "التهذيب" (٢٥/ ٢٤٣ - ٢٤٤). وفي موضع آخر (٢٦/ ٩٧) ذكر حديثًا وعزاه إلى البخاريّ، ثُمَّ قال: وهُوَ مِنْ غَرَائِبِ الصَّحِيحِ، مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ شَرِيك بْنُ عَبد الله بْن أبي نمر، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرة، وتَفَرَّدَ بِهِ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمان بْنِ بِلالٍ، عَنْ شَرِيك، واللَّهُ أَعْلَمُ. واهتم بهذا الأمر أيضًا الذهبي في كتبه، فأحيانًا يحكم بنفسه بالغرابة والتَّفرُّد مِنْ ذلك على سبيل المثال: "تاريخ الإسلام" (١/ ٣٧٢ و٤٢٩ و٥١٦ و٦١٣)، "سير أعلام النبلاء" (١/ ١٢٨ و٢/ ١٦٤ و٣/ ٢٥٢ و٨/ ٥٢٧ و٩/ ٥١٠)، "ديوان الضعفاء" (١/ ٢٧٦)، "ميزان الاعتدال" (١/ ٤٣ و٦٣ و٢١٣ وغيرها)، وأمَّا نقله عن الأئمة السابقين فهذا أشهر مِنْ أن يُذكر له مثال، فقد أكثر مِنْ ذلك في عامة كتبه. وأكثر كذلك الحافظ ابن حجر في عامة كتبه في الرجال مِنْ نقل الأقوال الأئمة في ذلك، وحكم بنفسه كذلك بالتَّفرد: "تهذيب التهذيب" (٢/ ٢٣٥)، والله أعلم.
(^٢) يُنظر: "العلل الكبير" للترمذي (ص/٢١١ و٢١٦ و٣٦٠). "علل الحديث في صحيح مسلم" للشهيد الهروي حديث رقم (١٣ و١٥). "العلل" للدَّارقُطني (١/ ١٦٢ و١٧٤ و٢٢٠ و٢٣٣ و٢/ ٤٠ و٥٥ و٣/ ٥٨ و١٧١ و٤/ ٢٢ و٦٧ وغيرها كثير).
1 / 9
بل وأفردوا لهذا العلم كذلك الكُتُب والمُصَنَّفات، مِنْها على سبيل المثال:
- "التَّفرُّد" للإمام أبي داود - صاحب "السنن" -، وهو: ما تَفَرَّد به أهل الأمصار مِنْ السنن.
- و"المفاريد عن رسول الله ﷺ " لأبي يعلى أحمد بن عليّ بن المُثَنَّى الموصليّ.
- و"المسند" للإمام أبي بكر أحمد بن عَمرو - المعروف بالبَزَّار -.
- و"المعجم الأوسط"، و"المعجم الصغير" وكلاهما للإمام أبي القاسم سُليمان بن أحمد الطبراني.
- و"الجزء الخامس مِنْ الأفراد" للإمام أبي حفص عُمر بن أحمد - المعروف بابن شاهين -.
- و"الأفراد" للإمام أبي الحسن علي بن عُمر الدَّارقُطني.
- و"أطراف الغرائب والأفراد" للإمام أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي، المعروف بابن القيسراني. (^١)
ومِنْ أهم هذه الكتب، وأكثرها شهرة، كتاب "المعجم الأوسط" للإمام الطبراني - قيد بحثي ودراِستي -.
أسباب اختياري للموضوع:
وبعد انتهائي مِنْ مرحلة الدراسات العليا بقسم الحديث وعلومه - بكلية أصول الدين، جامعة الأزهر الشريف -، وأثناء تَقَدُّمي لإعداد بحثٍ - لنيل درجة التخصص (الماجستير) -، وجدت أنَّ هناك عِدَّة دوافع وأسباب، دفعتني بقوة للتسجيل في خدمة جُزءٍ مِنْ هذا الكتاب بالتحقيق والدِّراسة، وهي كالآتي:
١) التقرب إلى الله تعالى بخدمة السنة المشرفة عمومًا، وبخدمة هذا السفر الجليل خصوصًا.
٢) مكانة هذا الكتاب وعلو كعب مُؤلِّفِه؛ فمُؤلِّفُه إمامٌ عَلَمٌ وناقدٌ خبيرٌ، عَمَّر قرنًا مِنْ الزمان، واتسعت رحلته حتى شارك بعض شيوخه في مشايخهم، وأتى من الروايات الغريبة والأفراد والفوائد بما لم يأت بها غيره، فأجهد من جاء بعده، وأتعب كل من أراد تحقيق كتاب من مصنفاته، فرحمه الله رحمة واسعة.
٣) أهمية الكتاب، وعظيم نفعه: فموضوع الكتاب يَتَمَثَّلُ في جمع الأحاديث الغرائب والفوائد، والتَّنصيص على غرابتها، وموضع التَّفرُّد أو المخالفة فيها، فالكتاب يُعَدُّ مصدرًا أساسيًا لعلل الحديث.
قال الإمام الذهبي: يأتي فيه عن كل شيخ بما له من الغرائب والعجائب، بيَّن فيه فَضِيلَتَه، وَسَعَةَ رِوَايَتِهِ، وكان يقول: هَذَا الكِتَابُ رُوحِي، فإنَّه تَعِبَ عليه، وفيه: كُلُّ نَفِيسٍ وَعَزِيزٍ وَمُنْكَرٍ. (^٢)
٤) كون الإمام الطبراني حكم على جُلِّ أحاديث الكتاب بالتَّفرد، فأردت أن أُسهم في هذا المضمار، ببيان موقفي مِنْ ذلك بعد الدِّراسة بالموافقة أو المخالفة أو الجمع، بناءً على قواعد أهل هذا الفن.
٥) شدة حاجة أهل العلم والمشتغلين بهذا الفن إلى هذا الكتاب؛ فعلى الرغم من أهميته، وتقدم مُؤَلِّفه، إلا أنَّه لم يُخدم الخدمة التي تليق به.
٦) رغبتي في اكتساب الملكة والخبرة في مجال تحقيق المخطوطات، كمقابلتها بأصولها الخطية، ولا يُتِمُّ هذا للباحث إلا بالخوض في أغمار هذا العلم الشريف.
_________
(^١) وسيأتي - بإذن الله ﷿ الإشارة إليها بشيء مِنْ التفصيل، وذلك في الفصل الثالث مِنْ القسم الأول مِنْ هذه الرسالة.
(^٢) يُنظر: "تذكرة الحفاظ" (٣/ ٨٥).
1 / 10
٧) كثرة نصح وشِدَّة إلحاح مشايخنا وإخواننا إلى العناية بالكتاب، بتخريج متونه، ودراسة أسانيده، والحكم عليها بالقبول أو الرَّد، وبيان منهج مُصَنِّفه. (^١)
لهذه الأسباب وغيرها؛ تَوَجَّهت هِمَّتي، وقويت عزيمتي، واندفعت إرادتي، فاستخرت الله تعالى، مُسْتَعينًا به، ومُعْتَمِدًا عليه، ومُتوجهًا إليه، وسجلتُ في هذا الموضوع الوعر، وكان عنوان البحث:
القسم الثاني مِنْ "المعجم الأوسط" للإمام أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبرانيّ ﵀ (ت ٣٦٠ هـ)
تحقيق ودراسة مع ملاحظة أحكامه على الأحاديث بالتَّفرد
مِنْ حديث رقم (٤٠١) حديث وَاثِلَة بن الأَسْقَعِ ﵁، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "قَالَ اللَّهُ ﷿: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي … الحديث"، إلى حديث رقم (٦٥٠) حديث ابن عَبَّاسٍ ﵄، قَالَ: "تَضَيَّفْتُ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، وَهِيَ لَيْلَتَئِذٍ حَائِضٌ لا تُصَلِّي … الحديث".
سائلًا المولى ﷾ العون عليه، والتوفيق والسداد فيه، بلطفه ورأفته، إنَّه وليُّ ذلك، والقادرُ عليه.
_________
(^١) ومِمَّن كان لهم الأثر الأوفر في التسجيل في هذا البحث الأخ الفاضل/ رضا عبد الله، حيث وجَّهني إليه، ولفت نظري له، وأخذ على يديّ، وشَدَّ مِنْ ساعدي، للتَّسجيل فيه، فاستخرت الله ﷿، وانطلقت إلى الكتاب فنظرتُ فيه، مُتَصَفِّحًا أوراقه، مُتأملًا كلماته، ثُمَّ شاورت جميع إخواني، وكل ما استطعت أن أصل إليه مِنْ مشايخي الفضلاء، فكان مِنْهم المُشَجِّع عليه، والمُحفِّز له، ذاكرين لِيَ فضله ومكانته وأهميته، وكان منهم مَنْ خَوَّفني خوض غِمَار هذا البحث؛ لصعوبته، وشِدَّة وعورته - ولقد رأيت ذلك أثناء العمل في البحث بالفعل -، فجزى الله الجميع عني خير الجزاء.
ومكثت فترة بين الإقدام والإحجام حتى قذف الله ﷿ في قلبي حب الكتاب ومُؤلِّفه، فوجدتُني مَدفوعًا إليه، وإلى خدمته، تَقَرُّبًا إلى الله ﷿ بخدمة سنة النَّبيّ ﷺ، ووفاءً وإكرامًا لمُؤلِّفه ﵁.
وكان مِمَّن شَجَّعني على خوض غمار هذا البحث بعض أساتذتي الفضلاء بقسم الحديث وعلومه بكلية أصول الدين والدعوة بطنطا، كالأستاذ الدكتور/شهاب الدين أبو زهو، والأستاذ الدكتور/محمد العشماوي، والأستاذ الدكتور/منجي حامد، والأستاذ الدكتور/السيد إبراهيم متولي، وكذلك بعض مشايخي الفضلاء بجامعة الأزهر كالأستاذ الدكتور/سعيد محمد صالح صوابي أستاذ الحديث وعلومه بكلية أصول الدين بالقاهرة، والأستاذ الدكتور/أحمد مُحَرَّم رئيس قسم الحديث وعلومه بكلية أصول الدين بأسيوط - وقد التقيت به في المؤتمر الأول لخدمة السنة النبوية بجامعة الأزهر -، - فجزى الله الجميع عني خير الجزاء -.
وقد مَنَّ الله ﷿ عليَّ أثناء حضوري للمؤتمر الأول لخدمة السنة النَّبوية "السُنَّةُ النَّبويّة بين الواقع والمأمول" المنعقد في الفترة مِنْ ٢١ إلى ٢٣ صفر لسنة ١٤٣٣ هـ بمركز الأزهر للمؤتمرات، حيث التَقَيتُ فيه قبل التسجيل في هذا الموضوع ببعض مشايخنا الفضلاء وشاورتهم في هذا الموضوع، فما شاورت فيهم أحدًا إلا وقَوَّى مِنْ عزيمتي، وشدَّ مِنْ آزري للتَّسجيل فيه، وكان على رأسهم: فضيلة الأستاذ الدكتور/ الشريف حاتم بن عارف العوني، والأستاذ الدكتور/ بَشَّار عَوَّاد، والأستاذ الدكتور/ محمد عَوَّامة، والأستاذ الدكتور/ حمزة المليباري، وأخيرًا المُحقق الفذ الأستاذ/صبري عبد الخالق الشافعي - فجزاهم الله خير الجزاء -.
1 / 11
منهجي في البحث:
اقتضت طبيعة البحث أن يأتي في مقدمةٍ، وقسمين، وخاتمة، ومنتهيا بالفهارس العلمية. (^١)
وبيان ذلك على النحو التالي:
- أولًا: المقدمة:
بَيَّنْتُ فيها أسباب اختياري للموضوع، وإبراز منهجي فيه.
- ثانيًا: القسم الأول:
قسم الدِّراسة: ويشتمل على التعريف بالمُؤلِّف، وكتابه، ودراسة لبعض الجوانب النظرية التي لها علاقة مباشرة بموضوع البحث، وذلك في ثلاثة فصول مُجْمَلَةٍ في العرض التالي:
• الفصل الأول: التعريف بالمُؤلِّف، وذلك في ثلاثة مباحث:
- المبحث الأول: حياة الإمام الطبراني الشخصية، وذلك في مطلبين:
المطلب الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، ونسبته.
المطلب الثاني: مولده، ونشأته، وأسرته.
- المبحث الثاني: حياة الإمام الطبراني العلمية، ويشتمل على ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: طلبه للعلم.
المطلب الثاني: رحلاته العلمية.
المطلب الثالث: أشهر شيوخه.
- المبحث الثالث: مكانته العلمية وآثاره، ووفاته، ويشتمل على سبعة مطالب:
المطلب الأول: كثرة حديثه، وسعة حفظه.
المطلب الثاني: أشهر تلاميذه.
المطلب الثالث: بعض مؤلَّفاته.
المطلب الرابع: ثناء العلماء عليه.
المطلب الخامس: عقيدته.
المطلب السادس: وفاته، وعمره.
المطلب السابع: بعض مصادر ترجمته.
• الفصل الثاني: التعريف بالكتاب وما يتعلق به، وذلك في ستة مباحث:
- المبحث الأول: اسم الكتاب، واسم مُؤلِّفه.
- المبحث الثاني: التثبت من صحة نسبة الكتاب إلى مؤلِّفه، بالوسائل المعروفة لدى أهل العلم.
_________
(^١) قمتُ بتعديل بعض الأشياء اليسيرة بناءً على توجيه أستاذي الكريمين - جزاهما الله خيرًا -.
1 / 12
- المبحث الثالث: موضوع الكتاب.
- المبحث الرابع: منهج المؤلِّف في الجزء الخاص بالدراسة لهذه الرسالة، وتقويم ذلك المنهج.
- المبحث الخامس: جهود العلماء حول هذا الكتاب.
- المبحث السادس: وصف النُّسخ المخطوطة، والمطبوعة للكتاب.
• الفصل الثالث: التَّفرد والغرابة، وموقف العلماء منهما، وذلك في ثلاثة مباحث:
- المبحث الأول: التفرد لغة واصطلاحًا.
- المبحث الثاني: أقسام التفرد، مع ذكر أحكام كل قسم.
- المبحث الثالث: موقف الأئمة تجاه الغرائب.
- ثالثًا: القسم الثاني:
النَّص المُحَقَّق: ويشتمل على تحقيق ودراسة الجزء الخاص بهذا البحث، ومنهجي فيه على النحو التالي:
• أولًا: منهجي في تحقيق النص:
١) قُمتُ بتوثيق النَّص، بمقابلة المطبوع - طبعة دار الحرمين -، على النُّسخة الخطية، ومعالجة إشكالات النص؛ بالرجوع إلى كتب السنة، وكتب التراجم والتخريج، وغيرها، وأَثْبَتُّ الفروق في الهامش.
٢) قُمتُ بضبط النص ضبطًا كاملًا قريبًا مِنْ التَّمام، مُراعيًا قواعد الإملاء الحديثة.
٣) قُمتُ بضبط ما يُشْكِل مِنْ أسماء الرواة، وكناهم وألقابهم، ضبط قلم، ورُبَّما ضبطته بالحروف في الحاشية إذا اقتضت الحاجة.
٤) قُمتُ بشرح غريب الألفاظ، وترجمة الأعلام، والبلدان والمواضع في الحاشية.
٥) قُمتُ بعزو الآيات القرآنية إلى المصحف الشريف في الهامش، بذكر اسم السورة، ورقم الآية.
٦) قمتُ بترقيم الأحاديث ترقيمًا مُسَلْسَلًا، وذكرت قبل كُلّ حديث رقمين بين معقوفتين هكذا [١/ ١]، وجعلتُ الرقم الأول خاص بالأحاديث الخاصة بالدِّراسة، والرقم الثاني يُشير إلى رقم الحديث في المطبوع.
• ثانيًا: منهجي في تخريج الأحاديث:
١) خَرَّجتُ الحديث - قيد البحث - مِنْ مسند الصحابي المذكور في إسناد المُصَنِّف ﵁، مع مراعاة الاختصار إلا إذا اقتضت الحاجة إلى التوسع، مع الاكتفاء في العزو برقم الحديث إذا كان الكتاب مُرَقَّمًا، وذكرت اسم الكتاب، واسم الباب في الكتب الستة فقط؛ للإشارة إلى فقه الحديث، وخشية التطويل.
٢) خَرَّجتُ الخلاف على الراوي في الإسناد أو المتن، أوهما معا، مع بيان الراجح وعلته، وكذا الجمع.
٣) اكتفيتُ بما يسد الأغراض الثلاثة: درجة الحديث، والخلاف على الراوي، ودفع التفرد، أو إثباته.
٤) رتَّبتُ الطرق على حسب المتابعات الأتم فالأقل، فإن تساوت رتَّبتُ المُخَرِّجين على سنة الوفاة.
1 / 13
• ثالثًا: منهجي في دراسة الإسناد:
١) ترجمتُ للراوي المذكور في الإسناد بذكر: اسمه، ونسبه، وكنيته، ولقبه، وذكر بعض شيوخه وتلامذته، على أن يكون الشيخ أو التلميذ مِنْ المذكورين في الإسناد قيد البحث، وتلخيص كلام النُّقاد فيه جرحًا أو تعديلًا، وأختم بذكر خلاصة حاله، بناءً على الدِّراسة، وإعمال قواعد أهل العلم.
٢) إذا كان المُتَرجم له مِنْ الثِّقات المُتَّفَقِ على توثيقهم اختصرت ترجمته، وكذا إن كان مُتَّفَقًا على ضعفه، وأمَّا إن كان مُخْتلفًا في حاله قُمْتُ بذكر كلام النُّقَّاد فيه جرحًا وتعديلًا، محاولًا الجمع بينها أو الترجيح بناء على قواعد الجرح والتعديل.
٣) وإن كان الرَّاوي موصوفًا بالاختلاط أو التدليس، حَرَّرت القول فيه مِنْ كتب أهل العلم المُختصة بذلك، وفَصَلْتُ القول فيه بالجمع، أو الإثبات، أو النَّفي؛ وذلك بناءً على قواعد أهل هذا الفن.
٤) وأما المتابعات والشواهد التي تفيد في تقوية الحديث، فإن كانت في "الصحيحين" أو أحدهما اكتفيت بذلك في الحكم علي صحتها، وإن كانت في غيرهما درست أسانيدها في المُسَوَّدة، واكتفيت في البحث بذكر الحكم على الإسناد فقط، مع التعليل إن كان الحديث ضَعيفًا.
٥) وإذا كان الحديث مختلفًا فيه على أحد رواته، وكان الحديث مِنْ وجه المُصَنِّف مَرْجُوحًا قمتُ بدراسة إسناد الوجه الراجح - بشرط ألا يكون في "الصحيحين" أو أحدهما -؛ مُكتفيًا في ترجمة الرَّاوي بذكر ما يُميِّزه مِنْ اسمه، ونسبه، وكنيته، ولقبه، وخلاصة حاله تَعديلًا، أو جرحًا، مُكْتَفِيًا بحكم الحافظ ابن حجر عليه مِنْ "التقريب"، إلا إذا كان الحافظ قد جانبه الصواب في حكمه، فتوسَّعتُ في ترجمته، وحكمت عليه بما يتَّفق مع بقيَّة أقوال النُّقَّاد الأخرى في الرَّاوي.
• رابعًا: منهجي في الحكم على الحديث:
١) حكمت على الحديث بما يليق بحاله، مُبَيِّنًا عِلَّة الحكم إن كان الحديث حسنًا أو ضَعيفًا.
٢) نَقَلتُ أقول أهل العلم السَّابقين، وكذا أغلب المعُاصرين في الحكم على الحديث، موافقًا، أو مُخالفًا، مُعَقِّبًا ومُعِلِّلًا عند مُخالفتي لهم في الحكم على الحديث.
٣) وإذا كان الحديث مُخْتَلَفًا على أحد رواته، لَخَّصْتُ الخلاف الموجود على الراوي، مُبَيِّنًا القول فيه إمَّا بالجمع أو الترجيح، بناءً على الدِّراسة، وإعمال قواعد أهل العلم، وذكرتُ أقوال النُّقَّاد في ذلك.
٤) وإذا كان وجه المُصَنِّف راجحًا حكمت عليه بما يليق بحاله، مُكتفيًا بذلك في الحكم، وذكرتُ ما يُفيده ويُقَويه مِنْ المتابعات والشواهد إن كان الحديث حسنًا أو ضَعيفًا؛ وأمَّا إنْ كان الحديث مِنْ وجه المُصَنِّف مرجوحًا حكمتُ عليه بما يليق بحاله مِنْ الشُذُوذ أو النَّكارة، مُعَلِّلًا ذلك بناءً على الدِّراسة، ثُمَّ حكمت على الحديث مِنْ وجهه الراجح.
1 / 14
• خامسًا: منهجي في النظر في أحكام الإمام على الأحاديث بالتفرد:
١) قُمتُ بالنظر في أحكام المُصَنِّف على الأحاديث بالتفرد.
٢) وذكرتُ أقوال أهل العلم الموافقين أو المخالفين له في الحكم بالتفرد إن وجد.
٣) ونظرت في قول المُصَنِّف وإخوانه مِنْ أهل العلم بالموافقة أو المخالفة أو الجمع، بناءً على التخريج، مُراعيًا قواعد أهل هذا الفن.
• سادسًا: منهجي في التعليق على الحديث:
- ختمتُ الكلام على الحديث - في الغالب - بالتعليق عليه، وذكرتُ كلام بعض شُرَّاح الحديث مِنْ أجل أن أوضِّح معانيه، وأجليها، ورُبَّما تَدَخَلْتُ بالعبارة لتوضيح بعض ألفاظ أهل العلم.
- رابعًا: الخاتمة:
• وقد ضَمَّنتُها تلخيصًا لأهم الفوائد، والنتائج، والتوصيات التي ظهرت لي مِنْ خلال معايشة البحث، ودراسته، وذكرت عدد الأحاديث الواردة في البحث من حيث القبول والرد.
- خامسًا: الفهارس العلمية:
قمتُ بوضع فهارس البحث على النظام التالي:
١) فهرس الآيات القرآنية الواردة في البحث على ترتيب السور في المصحف العثماني.
٢) فهرس الأحاديث النبوية على نظام ألف بائي باعتبار مطلع الحديث.
٣) فهرس الأحاديث النبويَّة مُرَتَّبًا على الموضوعات.
٤) فهرس للرواة جميعا على حروف المعجم.
٥) فهرس شيوخ الطبراني، مُرَتَّبين على حروف الهجاء، في الجزء الخاص بالدراسة.
٦) فهرس تفردات الرواة في الجزء الخاص بالدراسة.
٧) فهرس المراجع: ذكرت فيه اسمه، ومُصَنِّفه، وطبعته، وتاريخها إن وجد، مُرَتَّبًا على نظام ألف بائي.
٨) فهرس الموضوعات.
1 / 15
وأخيرًا: الشكر والتقدير:
أشكر الله ﷿ كثيرًا على ما وفَّقني وهداني لخدمة جُزءٍ مِنْ هذا السفر الجليل، وتقديمه مُحَقَّقًا، ومَخْدومًا.
ولا يسعني إلا أن أتقدم بخالص الشكر والامتنان لشيخيّ وأستاذيّ الكريمين الذين قَبِلا - تواضعا منهما - الإشراف على هذه الرسالة، فضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد محمد محمد سالم أستاذ الحديث وعلومه، ووكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالزقازيق، وفضيلة الدكتور/ أحمد محمد صبري مدرس الحديث وعلومه بكلية أصول الدين بالزقازيق، فلقد سهلا لي طريق البحث بنصحهما وإرشادهما، وتعلمت الكثير مِنْ خُلُقهما وأدبهما وكرمهما البالغ، فجزاهما الله عنى وعن إخواني من طلبة العلم خير الجزاء.
كما أتقدم بالشكر والعرفان لشيخي المُحَدِّث المُسْنِد فضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد معبد عبد الكريم، والذى كان له أثرٌ كبيرٌ في الحصول على النسخة الكاملة للمخطوط، حيث صَوَّرها لنا - بعد عناءٍ شديدٍ مِنْ مصدرها بتركيا - على نفقته الخاصة، وكان لتوجيهاته أثرٌ كبيرٌ في خروج البحث بهذه الصورة النهائية.
كما أتقدم بالشكر والعرفان لعميد ووكيل كلية أصول الدين والدعوة بالزقازيق، ولأعضاء هيئة التدريس بقسم الحديث وعلومه بالكلية، وأخص منهم بالذكر فضيلة الأستاذ الدكتور/ ممدوح محمد أحمد أستاذ الحديث وعلومه، على ما قَدَّمه لي مِنْ نصح وإرشاد وتوجيهٍ، ومُساعدة، فجزاه الله عني خير الجزاء.
كما أتقدم بخالص شكري وتقديري وعرفاني ودعواتي إلى جميع العاملين بكلية أصول الدين والدعوة بطنطا عمومًا، ولأعضاء هيئة التدريس بقسم الحديث وعلومه خصوصًا، وأخص منهم بالذكر فضيلة أ. د/ياسر شحاته - رئيس قسم الحديث حاليًا -، وأ. د/ أيمن مهدي - رئيس قسم الحديث سابقًا -، وأ. د/محمود … عبد الرحمن، وأ. د/شهاب الدين أبو زهو، وأ. د/محمد العشماوي، وأ. د/ منجي حامد، وأ. د/ السيد متولي، وأ. د/أحمد العزبي، وجميع مشايخي - وكلهم أصحاب فضل وامتنان عليَّ -، وجميع إخواني المُعيدين، والمدرسين المساعدين بالقسم على ما قدموه لي مِنْ نصحٍ وإرشادٍ - فجزاهم الله عني خير الجزاء -.
كما أتوجه بخالص الشكر والتقدير للسادة العلماء أعضاء لجنة المناقشة على قبولهم النظر في الرسالة وإبداء ملاحظاتهم، وإنَّي على يقين أنَّني سأستفيد من توجيهاتهم وإرشاداتهم - حفظهم الله رب العالمين -، والله أسأل أن يُنَضِّر وجوه مشايخنا في الدنيا والآخرة، وأن يجزيهم عنى وعن طلبة العلم خير الجزاء، وأن يجعل هذا الجهد في موازين حسناتهم في يوم تكون العاقبة فيه للمتقين.
وأخيرًا أتقدم بخالص شكري ودعواتي لشيخي الكريم الأخ الفاضل/ رضا عبد الله عبد الحميد فلقد كان له أثر بالغٌ في التسجيل في هذا الموضوع، وإخراجه بهذه الصورة، وكم تعلَّمت منه واستفدتُ - فجزاه الله عني خير الجزاء -، وإلى أخي الحبيب ورفيقي النَّجيب الشيخ/ محمد فوزي السعدني - الذي تعلمتُ مِنْه الحلم والأناة -، وإلى كل إخواني وأحبابي في الله تعالى مِمَّن لم أذكرهم - فجزاهم الله جميعًا عني خير الجزاء -.
ولا يفوتني أن أتقدَّم بخالصي دعواتي لأخي ورفيقي الحبيب وخالي الغالي/ هاني محمود السعدني أن يتغمَّده الله ﷿ بواسع رحمته، وأن يجعله في منازل المُقَرَّبين مع النَّبيِّن والشهداء والصالحين.
1 / 16
وختامًا: جعلنا الله ﷿ مِمَّن تَكَلَّف الجَهْدَ في حِفْظِ السُّنَنِ ونَشْرِها، وتمييز صحيحها مِنْ سقيمها، والتفقه فيها، والذب عنها، إنَّه المَانُّ على أوليائه بمنازل المُقَرَّبين، والمُتفضِّلُ على أحبابه بدرجة الفائزين. (^١)
هذا وإنِّي أضع بين أيديكم هذا الجُهْدَ الذى هو نهاية علمي، وغاية فهمي، وحصيلة سهري وتعبي، وعلى كل حالٍ فهو جُهدٌ متواضعٌ في خدمة السُّنَّة، حرصتُ أن أسلك فيه سُبُل المُحَدِّثين، وأن أقتفي آثار الحُفَّاظ المُتَقَدِّمين، فإن وُفِّقْتُ فالفضل كله لله تعالى، وإن زَلَّ قلمي، أو تَعَثَّرْتُ في شيء مِنْه، فمن نفسي وقلَّة علمي، وبسبب ذنوبي وآثامي - عاملنا الله بلطفه وستره ورحمته -.
والأمر كما قال القاضي عبد الرحيم البيساني ﵁: إني رأيتُ أنَّه لا يكتب أحد كتابًا في يومهِ إلا قال في غَدِهِ: لو غُيِّرَ هذا لكان أحسن، ولو زيد هذا لكان يُستحَسن، ولو قُدَّم هذا لكان أفضل، ولو تُرِك هذا لكان أجمل، وهذا أعظم العبر، وهو دليلٌ على استيلاء النقص على جملة البشر، فأرجو مسامحة ناظريه فهم أهلوها، وأؤمل جميلهم فهم أحسن النَّاس وجُوهًا. (^٢)
وإني لأتمثل في هذا المقام بقول من قال مِنْ أهل العلم:
وما كنتُ أهلًا للذي قد كَتَبْتُه … وإنِّي لفي خوفٍ مِنْ الله نادم
ولكنَّنِي أرجو مِنْ الله عفوه … وإنِّي لأهل العلم لا شك خادم (^٣)
والله من وراء القصد، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا وإمامنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
_________
(^١) مُقتبسٌ مِنْ كلام ابن حبَّان في كتابه "الثقات" (٩/ ٢٩٧).
(^٢) يُنظر: "إتحاف السادة المتقين" للزَّبيديّ (١/ ٣)، وهي من رسالة البيساني إلى العماد - رحمهما الله تعالى -.
(^٣) قالها الشيخ/ محمد بن محمد بن أبي حامد بن حسن بن علي المالكي البكري، المُتوفى سنة (٩١٨ هـ)، عقب نسخه لكتاب "شرح علل الترمذي" لابن رجب الحنبلي. يُنظر: مقدمة التحقيق لـ "شرح علل الترمذي" بتحقيق د/هَمَّام سعيد (١/ ٣١٧).
1 / 17
القسم الأول: قسم الدراسة:
ويشتمل على التعريف بالمُؤلِّف، وكتابه، ودراسة بعض الجوانب النظرية
التي لها علاقة مباشرة بموضوع البحث.
وذلك في ثلاثة فصول:
1 / 18
الفصل الأول: التعريف بالمُؤلِّف
وذلك في ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: حياة الإمام الطبراني الشخصية.
وذلك في مطلبين:
المطلب الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، ونسبته.
المطلب الثاني: مولده، ونشأته، وأسرته.
المبحث الثاني: حياة الإمام الطبراني العلمية.
ويشتمل على ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: طلبه للعلم.
المطلب الثاني: رحلاته العلمية.
المطلب الثالث: أشهر شيوخه.
المبحث الثالث: مكانته العلمية، وعقيدته، ووفاته.
ويشتمل على سبعة مطالب:
المطلب الأول: كثرة حديثه، وحفظه.
المطلب الثاني: أشهر تلاميذه.
المطلب الثالث: بعض مؤلَّفاته.
المطلب الرابع: ثناء العلماء عليه.
المطلب الخامس: عقيدته.
المطلب السادس: وفاته، وعمره.
المطلب السابع: بعض مصادر ترجمته.
1 / 19
المبحث الأول: حياة الإمام الطبراني الشخصية
وذلك في مطلبين:
المطلب الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، ونسبته.
المطلب الثاني: مولده، ونشأته، وأسرته.
1 / 20