Thawrat Islam Wa Batal Anbiya
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
Genres
فأبت جرهم ذلك إباء شديدا وقالوا: «لا والله ما نحب أن تنزلوا معنا فتضيقون علينا مراتعنا ومواردنا؛ فارحلوا؛ فلا حاجة بنا إلى جواركم.»
فقال لهم ثعلبة: «لا بد لي من المقام بهذا البلد حولا حتى يرجع إلي رسلي التي أرسلت، فإن تركتموني طوعا نزلت وحمدتكم وواسيتكم، وإن أبيتم أقمت على كرهكم ثم لم ترتعوا معي إلا فضلا ولن تشربوا إلا رنقا (وهو الكدر من الماء)، وإن قاتلتموني قاتلتكم، ثم إن ظهرت عليكم سبيت النساء وقتلت الرجال ولم أترك أحدا منكم ينزل الحرم أبدا!»
فأبت جرهم إلا القتال فاقتتلوا ثلاثة أيام وانهزمت جرهم المتحضرة في مكة أمام القبائل المقبلة من الجنوب بحالة البداوة والتقشف في حاجة إلى القوت والمأوى، ولم يفلت من جرهم إلا الشريد. وقد أفناهم السيف وصح تنبؤ مضاض بن الحارث الذي اعتزل جرهما ونزل هو وولده قنونا وحلي
5
واستتب الأمر لثعلبة بن عامر فأقاموا بمكة وما حولها هو وقومه، وعسكر حولا فانتشرت بينهم الحمى فاستوحوا كاهنتهم،
6
وفي الحق أنهم انقسموا على عادة البدو في الصحراء كما حصل لقبائل إبراهيم؛ فكل جماعة أصلية تهاجر جملة ثم تعود فتنشق فصائل، وتتخذ كل فصيلة منهم خطة غير خطة الأخرى.
فانشق عرب الجنوب فسارت منهم جماعة إلى عمان، وهم أزد عمان.
وسارت جماعة إلى وادي الأراك من بطن مر - وهي خزاعة - فالفرع الأول قصد الساحل الشرقي من جزيرة العرب والفرع الثاني أقام في الجنوب من الرصيفة، خلف جبال بحرة.
وخرج الفرع الثالث إلى يثرب - وهم الأوس والخزرج - وخرج الفرع الرابع إلى بصرى وعوير، وبصرى من أعمال جبال حوران بالشام، وعوير هي اليوم بادية الشام، والذين سكنوها هم آل جفنة من غسان، وسكن بلاد العراق آل جذيمة الأبرش وآل محرق.
Unknown page