Thawrat Islam Wa Batal Anbiya
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
Genres
ومجمل القول في هذا الحلف أنه كان نوعا من الشرطة المتطوعة في صالح الجماعة، وقد تم والنبي
صلى الله عليه وسلم
في العشرين من عمره في شهر ذي القعدة عام 33ق.ه، عقيب حرب الفجار بثلاثة أشهر. وكان أول ما نفذ حلف الفضول في العاص بن وائل السلمي عندما ظلم رجلا من بني زبيد فانطلق الأحلاف إلى العاص بن وائل فقالوا: «والله لا نفارقك حتى تؤدي للزبيدي حقه!» فأعطاه حقه.
ولكنه لم يتم إلا قبيل البعثة المحمدية. وعلى الرغم من تحالف القبائل - وهم بنو هاشم وبنو أسد بن عبد العزى وبنو زهرة وبنو تيم - فإن بطونا وأفخاذا من قريش لم تخضع له في كف الأذى عن المسلمين، بل إن بني عبد شمس خالفوه مخالفة صريحة ففتكوا بمن دخل في دين الله وتآمروا عليهم وأسروهم وأذلوهم وضربوهم وأخرجوهم من ديارهم وتعقبوهم في منفاهم ومهجرهم (في الحبشة والمدينة)، ولعل هذا هو السر في أنه لم يكن لعبد شمس في حلف الفضول نصيب. وإننا نميل إلى الطعن فيما نقل عن عتبة بن ربيعة من التحسر على عدم دخوله، وقد يكون واضع رواية الندم مؤرخ موال لبني أمية.
أما دار الندوة فقد بناها قصي بن كلاب، وهي أول دار بنيت بمكة وجعل بابها جهة البيت، وأمر قريشا أن يبنوا بيوتهم في الحرم حول الكعبة لتهابهم العرب، ولا تستحل قتالهم فبنوا حول البيت وجعلوا أبواب بيوتهم جهته، لكل بطن منهم باب ينسب إليه كباب بني شيبة وباب بني سهم وباب بني مخزوم وبني جمح، وتركوا قدر الطواف.
قال المبرد في الكامل (ص71، ج1): «ثم عزت قريش بعد ذلك بهذا الجوار حتى كان يقال يكفيك من قريش أنها أقرب الناس من بيت الله بيتا.»
وفي دار الندوة كان يكون أمر قريش كله وما أرادوا من نكاح أو حرب أو مشورة فيما ينوبهم، حتى أن كانت الجارية تبلغ أن تدرع فما يشق درعها إلا فيها ثم ينطلق بها إلى أهلها، ولا يعقدون لواء حرب لهم ولا من قوم غيرهم إلا في دار الندوة، يعقده لهم قصي، ولا يعذر لهم غلام إلا في دار الندوة، ولا تخرج عير من قريش فيرحلون إلا منها، ولا يقدمون إلا نزلوا فيها، تشريفا لقصي وتيمنا برأيه ومعرفة بفضله، ويتبعون أمره كالدين المتبع لا يعمل بغيره في حياته وبعد موته، وفي هذا معنى تقديس الأبطال وعبادتهم.
وسميت دار الندوة لأن قريشا كانوا ينتدون فيها؛ أي يجتمعون للخير والشر (انظر طبقات ابن سعد، ص50، ج1، طبع ليدن ومصر). ومن الشر الذي اجتمعوا لأجله في دار الندوة أنه لما رأى المشركون المكيون أن أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قد حملوا الذراري والأطفال إلى الأوس والخزرج، خافوا خروج الرسول فاجتمعوا في دار الندوة ولم يتخلف أحد من أهل الرأي والحجى منهم ليتشاوروا في أمره؛ فتذاكروا أمر النبي
Unknown page