العبدِ والتوفيقِ من اللَّه تعالى، وفيه ردٌّ على الجبريَّة والمعتزلةِ:
فالجبريةُ يَنْفون الفعلَ من العبد، وقولُه: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ يردُّ عليهم ذلك.
والمعتزلةُ لا يَرون التوفيقَ من اللَّه، وقولُه: ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ يردُّ ذلك عليهم.
وأهلُ السنَّة والجماعةِ يقولون: من العبد الفعلُ واختيار الفعل، ومن اللَّه تعالى خلقُ ذلك الفعلِ ومشيئةُ ذلك الفعلِ، والآيةُ تدلُّ على ذلك كلِّه.
- وفي قوله تعالى: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾ [البقرة: ٣] قال: ثم الرِّزقُ يكون هو التغذيةَ عندنا، وهو عند المعتزلة: التمليكُ، فالحرامُ عندهم ليس برزقٍ؛ لأنه ليس بمِلكٍ، وهذا في غايةِ الفُحش منهم، وهو نهايةُ الضَّلال؛ فإنه ردُّ كتاب اللَّه تعالى، قال عزَّ وعلا: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: ٦].
والحيواناتُ عندهم ليست تأكلُ من رزقِ اللَّه تعالى، لأنها لا تملك، وآكِلُ الحرام عندهم وكاسبُه في جميع عمره لم يأكلْ من رزقِ اللَّه شيئًا، ولم يَرزقه اللَّهُ ﷿ شيئًا.
والأمثلةُ لا تحصى، وإنما أوردنا منها ما فيه كفايةٌ لبيان المراد.
٥ - منهجه في النحو:
وملخَّص منهج المؤلِّف في النحو الذي انتحاهُ في تفسيره: أنه يُعنَى بالإعراب، لكنه لا يستقصِي كما هي طريقةُ أبي حيَّان والسَّمين الحلبي، ويتابعُ مذهبَ الكوفيين في بعضِ المسائل وخصوصًا الفراء، كما يُعنَى أيضًا بالفوائد النحوية:
فمن أمثلة عنايته بالإعراب وشرحه وتوضيحه:
- قوله تعالى: ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ﴾ [طه: ١٢٨] قال: ﴿كَمْ﴾ في موضع الرفع، وتقديره: كثرةُ مَن أهلكنا من القرون، وهو فاعلُ ﴿أَفَلَمْ يَهْدِ﴾، والمفعول مضمَرٌ؛ أي: