يخلو إما أن يكون حزنُ أبي بكر طاعةً أو معصيةً، فإن كان معصيةً ففيه نقصانه لا فضلُه، وإن كان طاعةً فلمَ نهاه رسول اللَّه ﷺ؟
قلنا: لم يكن حزنُه سوءَ الظنِّ بربِّه تعالى، ولا استبطاءً لنصره، لكنْ شفقةً على رسول اللَّه ﷺ وحبيبه، وكان ذلك شيئًا نشأ عن طبعه ولا نقصَ في مثله.
ثم نعارضُهم بخوفِ موسى وهارونَ ﵉، وقال اللَّه تعالى لهما: ﴿لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا﴾ [طه: ٤٦] إلى آخر السؤال حَذْوَ القُذَّة بالقُذَّة، على أنهما قالا: ﴿إِنَّنَا نَخَافُ﴾ [طه: ٤٥]، وليس في القرآن أن أبا بكر ﵁ قال: إني أحزنُ.
أما ردودُه على المعتزلة فكثيرةٌ جدًّا، فهو لا يَدَعُ آيةً لهم فيها تأويلٌ منحرفٌ لإثباتِ مذهبهم الفاسد إلا رد عليهم:
- فمن ذلك قوله تعالى: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٢٤] قال: أي: هُيِّئت وخُلقت. . . والآيةُ ردٌّ على المعتزلة، فإنهم قالوا: النار والجنةُ لم يُخلقا بعد، وإنما يُخلَقان يوم القيامة عند حضور أهلهما، وقولُهم باطلٌ مردودٌ بهذه الآية، ولقوله تعالى في الجنة: ﴿أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ ونحوِهما من الآيات.
- وفي قوله تعالى: ﴿وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ﴾ [البقرة: ١٧] قال: وقيل: أي: لم يُخرجهم منه، كما يقال: تركَه في الدار؛ أي: لم يُخرجْه منها، وهذا تأويل المعتزلة؛ فإنهم لا يقولون بخلقِ أفعال البشر من اللَّه تعالى، والصحيحُ من التأويل عند أهل السُّنَّة والجماعة: ﴿وَتَرَكَهُمْ﴾؛ أي: جعَلهم في الظلمات، وهو كقوله: ﴿فَتَرَكَهُ صَلْدًا﴾ [البقرة: ٢٦٤]؛ أي: جعَله صلدًا.
- وردَّ مذهب الجبرية والمعتزلة بكلماتٍ بسيطةٍ واضحةٍ لا لبس فيها لمريدِ الحقِّ والساعي إليه، وذلك في قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ فقال: ثم في مجموعِ الكلمتين تحقيقُ مذهب أهل السُّنة والجماعة، وهو إثباتُ الفعل من