199

Tawdih

التوضيح في حل عوامض التنقيح

Investigator

زكريا عميرات

Publisher

دار الكتب العلمية

Publication Year

1416هـ - 1996م.

Publisher Location

بيروت

والبعض سلموا ذلك في المعاملات لما قلنا لا في العبادات أصلا فلا تصح الصلاة في الأرض المغصوبة اعلم أن أبا الحسين البصري أخذ في المعاملات مذهبنا على التفصيل الذي يأتي أما في العبادات فمذهبه أن النهي يقتضي البطلان مطلقا وإن كان الدليل دالا على أن النهي بسبب القبح في المجاور كالصلاة في الأرض المغصوبة فإنها باطلة عنده وأما عندنا وعند الشافعي رحمه الله تعالى صحيحة لكن على صفة الكراهة لأنه لم يأت بالمأمور به لأن المنهي عنه لم يؤمر به قلنا كل معين يأتي به فإنه لم يؤمر به بل مطلق الفعل مأمور به لكنه يخرج عن العهدة بإتيانه بمعين لاشتماله على المأمور به ذاتا والمنهي عنه عرضا والمشروعات تحتمل هذا الوصف إجماعا كالإحرام الفاسد والطلاق الحرام والنكاح الحرام ونحوهما وإنما قيدنا بقولنا ذاتا وعرضا لأنه بالتقسيم العقلي إما أن يكون مأمورا به لذاته ومنهيا عنه لذاته أو مأمورا به بالعرض ومنهيا عنه بالعرض أو مأمورا به بالذات ومنهيا عنه بالعرض أو بالعكس أما الأول فمحال لأنه إما بحسب عينه فيوجب أن يكون حسنا لعينه وقبيحا لعينه فيجتمع الضدان وأما بحسب جزئه فهذا الجزء القبيح يكون قبيحا لعينه قطعا للتسلسل فيكون باطلا فلا يتحقق الكل فعلم من هذا أن القبيح لمعنى في نفسه يمكن أن يكون قبيحا لجزء واحد وأما الحسن لمعنى في نفسه فلا يتصور إلا وأن يكون جميع أجزائه حسنا أي لا يكون شيء من أجزائه قبيحا لعينه وأما الثاني فقد ذكرنا أن الأمر المطلق يقتضي الحسن لمعنى في نفسه فلا يتأدى بما هو مأمور به بالعرض لأن هذا حسن لغيره فلا يتأدى به المأمور به فهذا القسم ممكن بل واقع لكن لا يتأدى به المأمور به أمرا مطلقا وأما الرابع وهو العكس فيكون باطلا لا يتأدى به المأمور به فبقي القسم الثالث وهو المدعى ثم يرد علينا إشكال وهو أنكم قد اخترعتم نوعا من الحكم لا نظير له في المشروعات فيكون نصب الشرع بالرأي فنقول في جوابه المشروعات تحتمل هذا الوصف أي كونه حسنا لعينه قبيحا لغيره وبعبارة أخرى كونه مأمورا به لذاته منهيا عنه لعارض وبعبارة أخرى كونه صحيحا ومشروعا بأصله لا بوصفه أو مجاوره والكل واحد

Page 410