فالطير الذي قتل على غصن الشجرة التي أصلها في الحرم، والغصن الذي قتل عليه الطير [ص٢٣] (...) (١) يجزئ ولا يؤكل (لأ) نه (٢) قتل قائما على غصن أصله في الحرم، وحرمته في المنع من قطعه كحرمة أصله، مع اتفاقهم بأن ما قارب الحرم محكوم له بحكم الحرم.
وقياس هذه الجملة التي اتفق عليها مالك وابن القاسم يدل على أنه لا يؤكل، والنظر أيضا يوجب ذلك.
لأن ما حد حدود الحرم: الاجتهاد، وكل ما طريقه الاجتهاد فالغلط مجوز فيه، والسهو متوهم عليه، فوجب أن يحكم لما قارب الحرم بحكم الحرم لجواز أن يكون منه، إذ لا نص على حده، فحكم لما عداه بخلاف حكمه.
وقد حكم النبي ﵇ لما قارب الفأرة التي تقع في السمن فتموت فيه بحكمها في قوله: "إذا وقعت الفأرة في السمن، فإن كان جامدا فألقوها وما حولها وإن كان مائعا فلا تقربوه" (٣) (فحـ) ـكم (٤) بما حول الفأرة بحكم عينها في النجاسة، وتحريم
_________
(١) ما بين القوسين به بتر بمقدار كلمتين أو ثلاثة.
(٢) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(٣) رواه أبو داود (٣٨٤٢) وأحمد (٢/ ٢٣٢ - ٢٦٥ - ٤٩٠) وابن الجارود (٨٧١) وابن حبان (١٣٩٣ - ١٣٩٤) وأبو يعلى (٥٨٤١) وعبد الرزاق (١/ ٨٤) عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة.
لكن قال البخاري: هذا خطأ، أخطأ فيه معمر، والصحيح حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة، سنن الترمذي (٤/ ٢٥٦).
قلت: يقصد البخاري أن الصحيح في الحديث هو عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي ﷺ سئل عن فأرة وقعت في سمن فماتت فيه فقال: ألقوها وما حولها وكلوه.
وهذا الذي رجحه أبو حاتم الرازي في العلل (٢/ ٩ - ١٢).
وقد رواه من هذا الوجه: البخاري (٥٢١٨) ومالك (٢/ ٩٧١) وأبو داود (٣٨٤١) والنسائي (٤٢٥٨ - ٤٢٥٩) والترمذي (١٧٩٨) والبيهقي (٩/ ٣٥٣) وابن الجارود (٨٧٢) والدارمي (٧٣٨) والطبراني في الكبير (٢٣/ ٤٣٠) - (٢٤/ ١٥).
وانظر علل الدارقطني (٧/ ٢٨٦).
(٤) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
1 / 64