وظاهر هذا يدل على أنه الوسط من القوت، لأن أهل الأقاليم يتباينون في كثرة الأكل وقلته تباينا (متزا) يدا (١)، يعلم ذلك بالمشاهدة التي توجب علم الضرورة.
فلما نص على الـ (ـو) سط (٢) [ص١٩] من الإطعام دل على أنه ما يقوت للعدد الذي نص على إطعامهم، فوجب أن يطعم أهل كل بلد من قوتهم الوسط، فمن كان المد وسطا من قوت أهل بلده أجزأه ذلك، ومن كان الوسط من قوتهم أكثر من المد لم يجزه أن يقتصر عليه، لأنه خلاف الشرط المنصوص عليه في الإطعام.
وإذا اختار المكفر أن يطعم المساكين (عنه) (٣) لزمه أن يغذيهم ويعشيهم (٤)
ليكون قد أطعمهم قوت يومهم، لأن قوله ﷿: " فكفارته إطعام عشرة مساكين" يقتضي إطعامهم وسطا من قوتهم.
وأما قول ابن القاسم: إن الكفارة بالمد مجزية في كل بلد، فإنما يعني بذلك، والله أعلم، إذا عدل المكفر عما يلزمه من وسط عيش أهل بلده، إلى أن يكفر بالمد على وجه التأويل فيجزئه ذلك، لأنه مما قد اختلف فيه، بمنزلة الحاكم إذا اجتهد في مثل ذلك أن له أن يحكم بما يؤديه اجتهاده إليه، وهذا التأويل موافق لـ (ـمذ) هب (٥) مالك في ذلك، وبالله التوفيق.
_________
(١) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(٢) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(٣) يظهر أن ما بين القوسين زائد.
(٤) روى ابن أبي حاتم بسند ضعيف كما في تفسير ابن كثير (٢/ ٩٠) عن علي قال في قوله (من أوسط ما تطعمون أهليكم): يغذيهم ويعشيهم.
وعن الحسن ومحمد بن سيرين: يكفيه أن يطعم عشرة مساكين أكلة واحدة خبزا ولحما.
وفي الباب أقوال أخر عن جماعة من الصحابة والتابعين، انظر تفسير ابن كثير وابن جرير.
(٥) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
1 / 56