وأما قول ابن القاسم: في إيجاب الإطعام دون الفدية فلأن المحرم إذا حلق رأس غيره فلم يمط بذلك أذى عن نفسـ (ـه) (١)، إذ الفدية إنما هي معلقة بإماطة الأذى والترفيه به.
فلما عري من ذلك كان في معنى من ألقى عن غيره قملا وعرضها للتلف، فوجب عليه الإطعام به لا مما ألقاه، لأنه في حكم اليسير الذي لو ألقاه عن نفسه لم يكن عليه فيه سوى ذلك، وكلا القولين له وجه في النظر (٢)، والله ولي التوفيق.
٩ - حكم نذر هدي ما لايهدى مثله كالثوب ونحوه (٣) (٤)
"قال ابن القاسم: قال مالك فيمن نذر هدي ثوب أنه يبيعه ويشتري بثمنه هديا فيهديه، فإن لم يكن في ثمنه هدي (يبعث) (٥) بثمنه إلى خزان مكة لينفقوه على الكعبة.
وقال ابن القاسم: أحبَّ إلي أن يتصدق بثمنه حيث شاء.
ألا ترى أن ابن عمر ﵀ كان يكسو جلال بدنه الكعبة، فلما كسيت الكعبة هذه الكسوة تصدق بها (٦). (٧)
_________
(١) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(٢) حكى ابن المواق في التاج والإكليل (٣/ ١٦٣) خلاف مالك وابن القاسم، وقال: ابن يونس: قول ابن القاسم أبين، ويحتمل أن يكون وفاقا.
(٣) قال الحطاب في مواهب الجليل (٣/ ٣٢٥): فإن كان ما نذره هديا مما لا يهدى مثل الثوب والعبد والدابة باعه وعوض بثمنه هديا، فإن لم يبعه وبعثه كره له ذلك وباعه وأهدي به.
وقال ابن عبد البر في الكافي (٢٠٤): وكذلك إذا نذر هدي ما لا يهدى مثله، باعه واشترى هديا بثمنه.
(٤) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(٥) بتر في الأصل بمقدار كلمة، وأتممته اعتمادا على المدونة.
(٦) رواه مالك (٨٤٩) عن نافع أن ابن عمر كان يجلل بدنه القباطي والأنماط والحلل، ثم يبعث بها إلى الكعبة فيكسوها إياها.
وروى مالك عن عبد الله بن دينار أنه سأل: ما كان عبد الله بن عمر يصنع بجلال بدنه حين كسيت الكعبة هذه الكسوة، قال: كان يتصدق بها.
(٧) المدونة (٢/ ٤٤٥).
1 / 50