أسمع وقع أقدامها ولا أراه.
أسمعها تنادي ولا أراها.
كنت أصرخ كالملسوعة في وضح النهار إذا طرق الباب شخص أو إذا حط عصفور على النافذة، إذا غنى مغن بالطريق، أو داعب الريح شباكا أو ...
ولولا أن أهلي يعلمون خوفي من النوافذ منذ الصغر لم يترددوا في إيداعي المصحة، نما أيضا عندي الخوف من الظلام، ثم هاجمتني الكوابيس والأحلام المرعبة، قطط وبراغيث أموات تأكل أمواتا، حريق، جدري، وحمى شوكية، فئوس نارية تبتر أطرافي، طريق طويلة تؤدي إلى رجل قصير ميت، ناموس وأحشاء مكومة كالجبال، جنيات ترقص المانجي والمردوم على ضوء القمر وعروس تلبس كفنا عطش ... عطش ... عطش ... - طلقني أرجوك أو ...
اقتلني كما قتلت محمد آدم! - من قتل محمد آدم؟ - أنت وأبي أغرقتماه، وركبت أنت على ظهره إلى أن مات ... ثم حطمت صحف الحساء على رأسه، عضيته بصدره مرتين، فجاء بالمختار الطبيب النفساني.
تفحص وجهي
تفحص وجهي جيدا، حملق في عيني مليا، ثم طلب من زوجي ومن بالحجرة الخروج، وعندما غادر آخرهم قال لي بهدوء: اسمي محمد المختار، ما اسمك؟
ثم أخذ مجلسا قرب رأسي وأخذ يتلو:
سلام قولا من رب رحيم ، ثم تحدث بشكل متواصل عن أشياء عادية جدا ومتنوعة، وكان غالبا ما يسألني عن رأيي فيما يقول مرددا: أليس كذلك؟ ثم يواصل حديثه بحرفية وثقة وبيقين تام، مرة كنت أراه يعبث بعمق، ومرة كنت أحسه كنبي، قال: تحدثي عما تشائين.
حدثته عن السفر الطويل، الطويل نحو بلد بعيدة عن رجل قصير وسيم ينتظرني في نهاية الطريق لأهبه بنتا جميلة، رجل ميت.
Unknown page