77

Tashil Nazar

تسهيل النظر وتعجيل الظفر في أخلاق الملك

Investigator

محي هلال السرحان وحسن الساعاتي

Publisher

دار النهضة العربية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1401 AH

Publisher Location

بيروت

وليعلم أَن الْأُمُور الَّتِي تدبرها مِمَّا لَا تمْضِي إِلَّا بفرط الصرامة وَشدَّة الهيبة الَّتِي هِيَ قَاعِدَة الْملك وأس السلطنة وَذَلِكَ لَا يكون إِلَّا لمن خيف غَضَبه وخشيت سطوته وليجعل بدل الْغَضَب تغاضبا لَا غَضبا لِأَن التغاضب فعله يقدر أَن يقف مِنْهُ على الْحَد الْمَطْلُوب وَيعرف مِنْهُ حقائق الذُّنُوب وَالْغَضَب انفعال فِيهِ اضْطر إِلَيْهِ لَا يقدر أَن يقف مِنْهُ على قدر حَاجته وَلَا يقْتَصر مِنْهُ على قدر كِفَايَته حَتَّى يتَجَاوَز إِلَى الْحَد المضر والطيش المعر وَلَقَد أصَاب من كَانَت عُقُوبَته للأدب وَأَخْطَأ من كَانَت عُقُوبَته للغضب وَهَذَا مِمَّا ذكرنَا فِي معنى الطَّبْع والتطبع قَالَ الشَّاعِر (فَلم أر للسيادة كالعوالي ... وَلَا للثأر كالقوم الغضاب) // من الوافر // وعَلى هَذَا الْقيَاس لَا يَنْبَغِي أَن يستفزه السرُور فتملأ البشائر قلبه وتخلب الأفراح لبه فَيصير بهَا طائشا مرحا لَا يلين إِن صال وَلَا يَسْتَقِيم إِن مَال فينسبه الْعَدو إِلَى ضعف الْعَزِيمَة ولين الهمة وَإنَّهُ لحقيق بمناسبه إِلَيْهِ ووسمه بِهِ وَإِذا ضبط نَفسه عَن هَذِه الْحَال وتنزه عَن رذل الْمقَال وتصور أَن جَمِيع البشائر وَإِن جلت محتقرة إِذا قيست بعلو مَنْزِلَته وأضيفت إِلَى عَظِيم همته كفي استفزاز الْفَرح واهتزاز المرح فَكَانَ أشبه بِكَمَالِهِ وأليق باعتداله

1 / 79