Tasawwuf Thawra Ruhiyya
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Genres
الثاني: «بكمال أحديته»؛ أي الإقرار بكمال أحدية ذاته التي لا يدخلها كثرة ولا تعدد بوجه من الوجوه، وبذا تنتفي عن الذات الإلهية الكثرة العددية والكثرة الكمية والتأليفية مادية كانت أو معنوية.
كل ذلك مع نفي الأضداد لأنه تعالى لا جنس له فلا ضد له، والأنداد؛ أي الأمثال المساوية له؛ لأنه تعالى لا جنس له فلا مثل له، والأشباه؛ أي النظائر إذ لا يشبهه شيء من خلقه وإلا تساوى بخلقه، ويلزم من هذا أنه يستحيل في حق الله تعالى التشبيه، لمخالفته للحوادث، والتكييف؛ لأن الكيف عرض وهو غير محل للأعراض، والتصوير؛ لأن التصوير فرع الإحساس، والله تعالى لا يدرك بالحس، فبالتالي لا يلحقه التصوير، والتمثيل لتنزهه تعالى عن المثيل والنظير.
وجملة القول في هذا النوع من التوحيد أنه اسم آخر للتنزيه؛ لأنه يتركز حول معنى واحد هو المتنزه عن صفات المحدثات، والجنيد وكثيرون غيره من رجال التصوف الذين تكلموا عن «توحيد الاعتقاد» لم يزيدوا كثيرا على ما ذكره المتكلمون في هذا الموضوع، بل قرروا أقوالهم فيه مجردة عن الأدلة العقلية والمهاترات التي تفيض بها كتب المتكلمين. فوحدانية الله إذن هي تنزيهه عن صفات الخلق بنفي كل خواطر التشبيه والتمثيل والتصوير. قال أبو الحسين النوري: «التوحيد كل خاطر يشير إلى الله تعالى بعد ألا تزاحمه خواطر التشبيه.»،
24
وقال أبو علي الروذباري (المتوفى في مصر سنة 322): «التوحيد استقامة القلب بإثبات مفارقة التعطيل والتشبيه، والتوحيد في كلمة واحدة: كل ما صوره الأوهام والأفكار فالله بخلافه»،
25
وقام رجل بين يدي ذي النون المصري فقال: أخبرني عن التوحيد، فقال: «هو أن تعلم أن قدرة الله في الأشياء بلا مزاج،
26
وصنعه للأشياء بلا علاج،
27
Unknown page