Tarikh Tamaddun Islami

Jurji Zaydan d. 1331 AH
162

Tarikh Tamaddun Islami

تاريخ التمدن الإسلامي (الجزء الأول)

Genres

2

وسيأتي الكلام في الإقطاع. (3) عدد الجند

قلنا إن المسلمين كانوا في صدر الإسلام كلهم جندا، فعددهم يومئذ هو عدد الجند الإسلامي، فالجند كانوا في السنة الأولى للهجرة لا يزيد على بضع عشرات يقيمون في المدينة، ثم ازدادوا بمن اعتنق الإسلام من قبائل العرب، وفي حديث أخرجه البخاري أن النبي قال «اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام فكتبنا له ألفا وخمسمائة».

وفي غزوة تبوك في السنة التاسعة للهجرة - وهي آخر الغزوات - بلغ عدد المسلمين ثلاثين ألفا، ومعهم عشرة آلاف فرس، فذلك عدد جند العرب في أواخر أيام النبي، ثم تزايد عددهم في أيام أبي بكر وعمر، حتى زادوا على مائة وخمسين ألفا، وتضاعف ذلك العدد في أواخر أيام الراشدين.

وفي أوائل بني أمية بلغ عدد من في البصرة والكوفة من الرجال فقط 140000، منهم 80 ألفا في البصرة و60 ألفا في الكوفة، ومعهم من العيال 200000 بين نساء وأولاد، وكان في مصر أربعون ألفا ما عدا العيال، وكان جند الشام نحو ذلك، غير من في فارس وغيرها. (3-1) الإحصاء في الإسلام

وكان للخلفاء في صدر الإسلام عناية في إحصاء المسلمين، اقتداء بما فعله النبي، فجعلوا على كل قبيلة من قبائل العرب رجلا يصبح كل يوم فيدور على المجالس فيقول «هل ولد الليلة فيكم مولود، وهل نزل بكم نازل؟» فيقال «ولد لفلان غلام، ولفلان جارية» فيكتب أسماءهم. ويقال «نزل بهم رجل من أهل كذا بعياله» ويسميه وعياله، فإذا فرغ من ذلك عاد إلى الديوان وأثبت الأسماء فيه.

وكانوا يجددون التدوين (الإحصاء) كل مدة في كل ولاية على حدة، وأول تدوين في مصر مثلا دونه عمرو بن العاص، ثم دون عبد العزيز بن مروان (تولى إمارة مصر من سنة 65-86ه)، ثم دون قرة بن شريك (سنة 90-96ه)، ثم بشر بن صفوان (سنة 101ه)، وآخر إحصاء أحصوا به العرب في الأمصار على ما تقدم كان في خلافة هشام بن عبد الملك (سنة 105-127ه)، ولكن تلك الإحصاءات لم تصل إلينا، فقد ضاعت في جملة ما ضاع من آثار بني أمية.

فلما تولاها بنو العباس أهملوا أمر العرب، وبذلوا عنايتهم في اصطناع الأعاجم في الفرس والترك وغيرهما - كما قدمنا - حتى إذا بويع المعتصم بالله سنة 218ه بعث إلى عماله في الأمصار أن يسقطوا من في دواوينهم من العرب ويقطعوا العطاء عنهم، فشق ذلك على العرب وثاروا، ولكنهم لم ينالوا وطرا، فانقضت دولة العرب من ذلك الحين، وصار جند الدولة العجم والموالي، ولذلك لما مات المعتصم وتولى بعده الواثق، كان دعبل الخزاعي الشاعر المشهور في الصميرة، فلما جاءه نعي المعتصم وقيام الواثق أنشد هذين البيتين:

الحمد لله لا صبر ولا جلد

ولا عزاء إذا أهل البلا رقدوا

Unknown page