Tarikh Tamaddun Islami
تاريخ التمدن الإسلامي (الجزء الأول)
Genres
وقد يطعن في صحة هذه الرواية، ولكن يستدل من مجمل أقوالهم في مصر أنها كانت في رغد ورخاء، وكان عمرانها بالغا حد النهاية.
وذكر ياقوت في معجم البلدان «أن المقوقس قد تضمن مصر من هرقل بتسعة عشر ألف ألف دينار، وكان يجبيها عشرين ألف ألف دينار، وجعلها عمرو بن العاص عشرة آلاف دينار أول عام، وفي العام الثاني اثني عشر ألف ألف دينار، ولما وليها في أيام معاوية جباها تسعة آلاف ألف دينار، وجباها عبد الله بن سعد بن أبي سرح أربعة عشر ألف دينار،
1
وقد أجمع المؤرخون المحدثون تقريبا على تقدير سكانها في تلك الأيام بنحو 20000000 نفس.
قال المقريزي: «إن هشام بن عبد الملك (سنة 107ه) أمر عبيد الله بن الحبحاب عامله على خراج مصر أن يمسحها، فمسحها بنفسه فوجد مساحة أرضها الزراعية مما يركبه النيل 30000000 فدان»
2
مع أن مساحة الأرض الزراعية في وادي النيل (1914) مع ما تبذله الحكومة في العناية في إخصابها وتعميرها لم تتجاوز ستة ملايين فدان كثيرا، ومساحة وادي النيل كلها أي الوجه البحري والصعيد على جانبي النيل لا تزيد على هذا القدر إلا قليلا، فيستحيل أن تكون مساحتها في أوائل الإسلام خمسة أضعاف ذلك.
ولكن يظهر أن العرب زرعوا ما يجاور هذا الوادي من الشرق نحو البحر ومن الغرب إلى وادي النطرون، لأن مساحة مصر بما فيها من الواحات في صحراء ليبيا والأرض بين النيل والبحر الأحمر وبينه وبين بحر الروم (البحر الأبيض المتوسط) إلى العريش تزيد على 4000000 ميل مربع وذلك يساوي نحو 187 مليون فدان، فلا غرابة إذن أن يكون العامر منها 30 مليون فدان، وأن يكون سكانها 30 مليون نفس.
ويؤيد ذلك أن مؤرخي العرب كانوا يقدرون مساحة مصر نحو ما تقدم تقريبا، قال المقريزي: «وآخر ما اعتبر حال أرض مصر فوجد مدة حرثها ستين يوما ومساحة أرضها 180000000 فدان، يزرع منها في مباشرة ابن المدبر (في أواسط القرن الثالث للهجرة) 24000000 فدان، وأنه لا يتم خراجها حتى يكون فيها 480000 حراث يلزمون العمل بها دائما ...» إلخ.
3
Unknown page