وإحكام ورونق وعظمة وحينما وصل الملك إليه استطاع أن يعلى منارة قدره وأن يرفع شعار ذكره بما أفاضه من عدل وبما له من صائب رأى ونشر للجود بحيث حظى بشهرة كاملة على ألسنة الخواص والعوام بما لا يحتاج إلى بيان برغم من أن دولته تضع على كتفها شعار مذلة الكفر.
روى عن جابر بن عبد الله الأنصارى أنه (1) سأل رسول الله صلوات الله عليه عن ماذا فعل الله بكسرى وقيصر ، فقال : سألتنى عما سألت عنه أخى جبريل.
فقال جبريل : هممت أن أسأل الله عز وجل عن ذلك ، فإذا النداء من تحت العرش ما كنت لأعذب بالنار ملوكا عمروا بلادى ونعشوا عبادى ، وعدلوا فى الرعية.
اعدل ففى مجال ولاية القلوب يطرق العادل باب النبوة وحينما عدل الكليم فى رعايته للأغنام ، وهبه الله الكريم النبوة.
رغم عز وجاه بنى أمية وسائر الظلمة فلم يكن ملكهم يساوى عشر ملك الأكاسرة ، وشؤم الظلم الذى اقترفوه أوصلهم إلى أن يلعنوا ويسبوا متى جرى ذكر اسمهم على كل منبر ومحراب ودفتر وكتاب ، ويقطع بأن قسوة قلوبهم كانت سببا فى شقائهم فى الدنيا والآخرة.
سمعت هكذا أن عمر بالفضل الربانى بدل أهل فارس من العزة والجاه إلى الذلة والقلة وقهر الجبروت الكسروى والخاقانى وبات معلوما للعالم أن (لله العزة ولرسوله والمؤمنين) وقد أرسلوا القادة والعظماء الذين كانوا فى ديار العجم إلى طيبة مدينة الرسول صلوات الله عليه ، وحينما رأوا كبار الصحابة وعترة الرسول عليه السلام ووقفوا على آثار وأخبار المعجزات وفضل ودلالات النبوة وتأكد لديهم أن ما وصل إليهم ليس من صنع بشر ، وإلا فهى العرب بعينها التى ألقى كسرى بسيدهم وسندهم النعمان بن المنذر تحت أقدام الفيل ، وكل يوم كان يجتمع عظماء الفرس فى مسجد الرسول الذى فيه هبط الوحى وفيه يرقد مبين الحرام والحلال ، والصحابة رضوان
Page 60