فطاوله هذا الصبى فى مرتبته وتمنى أن يفوز بدرجته ، وقبل أن يهيئ لتلك المنزلة عدتها ، ركب مركب الاستعجال وتسلح بقناة الطعن والتعنت وجرد سيف الانتقام من غمده للفوز بهذا المقام ، وكان وقع هذا الرجل ومكانته لدى الأكابر والرؤساء يذكر فى الخطاب والكتاب ، كما كان نائب" تغل شاه" وخليفته فلما تجاوز الأمر الحد ولم يكن الفتى" بيرى" يقر له قرار لشبابه وعنفوانه ولم يكن لديه صبر ولا تمهل حتى يأتيه ذلك الأمر وقد قيل :
الكلب أحسن حالة
وهو فى النهاية فى الخساسة
ومثل «رستين» ذات يوم بين يدى السلطان وطلب الخلوة معه ، ولم يكن ممكنا حتى ذلك التاريخ أن يقال ذلك الكلام صراحة فى مواجهة السلطان ، فكانت الأمثال والحكايات تحاك كذبا عنه وتطرح بحيث كان فى تلك الأثناء يبحث عن الحقيقة ويسأل عنها قال" رستين" : دام بقاء ذات السلطان إلى آخر الدهر لقد سمعت ذات وقت أنه كانت توجد مدينة فى إحدى الجزر كانت تتمتع بالخصب والأمن وكان لتلك المدينة ملك قد أتاه الملك عن أجداده ، وكانت جماعة من النسانيس قد استقرت إلى جوار تلك المدينة وكانت تعيش أيضا فى رغد عيش وسعة رزق وفراغ بال ، وكان لها ملك مطاع يصغون لوصاياه يلقون بسمعهم لأوامره ويصرفون قلوبهم إلى اتباع هداه ، فلم تكن شفاههم تنبس بكلمة دون استشارته وذات يوم طلب إليهم أن يجتمعوا عنده فلما اجتمعوا لديه قال لهم : يجب أن ننتقل من أطراف هذه المدينة إلى مكان آخر :
أرى تحت الرماد وميض جمر
ويوشك أن يكون لها ضرام (3)
Page 48