دوما فكان يتفاءل كل يوم بكل ما يأتيه ولده من حركة ، سكون ، وكان يتخيل جلال أمره من لقبه به فقد قيل : (إذا ترعرع الولد تزعزع الوالد) وما أصدق قول الشاعر :
فى الغيب ما يرجع الأوهام ناكصة
والمرء مختدع بالزجر والفأل
فلما تجاوز الابن المهد والقماط وبلغ درجة العرش والبساط ، فتحت له أبواب المكرمة وأسباب المرحمة من لدن والده وهيأ وأعد ووكلت الهمة بتربيته وتجهيزه وعين له الخدم وأعد له الأعوان بحيث إذا ما رفع عينه رأى نفسه صاحب تاج وسرير فتوهم أن الملك ليس من شؤون الله وأنه نتيجة خصائص صفاته الذاتية ، فلم يحسب حسابا لرأى والديه ولم يستنر برأيهما ولم يدرك أنه سوف يحتاج إليه يوما ما وقال فى نفسه : الملك لى أبا عن جد ولى الطعام والفاكهة والطير والسمك.
فلو أن القدر فوق منزل أبى لمزقته ولو أن القضاء ينظر إلى علوى فى الفضاء لفقأت عينه ، وكان يوجد طفل من أبناء خدمهم يسمى" بيرى" فأنس إليه وصار الاثنان رفيقين متلازمين فى الأكل والشرب ، حتى ثمل الاثنان بكأس الغرور وصار كلاهما صاحب طبع وطبيعة واحدة وقد فوض بهذا الصبى الذى لا يملك عقلا غريزيا ولا غرة كرم أمر تربيته ، وذلك لعدم الوعى ، وهذا الصبى ما زال حتى الآن مضرب المثل فى الشؤم عند أهل فارس وكان لدى «تغل شاه» كاتب محنك مجرب متمرس كان ذا تجربة فى خدمته ومقربا لديه وكان صاحب عقل وخلق وديانة وأمانة ، حسن الصورة ممدوح السيرة محمود الخلق ، مسعود الخلق يسمى «رستين» ينطبق عليه قولهم :
Page 47