120

وشاهد العيان أقوى من شاهد البيان ، ودليل الصبر أوضح من دليل الخبر لا زال الملك ببقائه ثابت المناكب ، معتدل الجوانب عامر الطريق بالجائى والذاهب ، ولا سلب الله الزمان جماله بذكره والعباد بهاءهم بطول عمره ، لا زال جاهه موصولا وفضله مأمولا وسيبه مسؤولا ، وسيفه على أعداء الدين مسلولا ، وعدوه بحسده مقتولا ودامت غماغم جنوده تصم أذن الجوزاء وأسنة بنوده تخدش أديم السماء ما استهل القطر ونما واستقل البدر وسما] لم تكن كتابة هذه الرسالة ، أكثر من هذا الشرط والإيجاز أن يسألنى أحد الجمهور عن هذا الحشو بحيث ينهض من طبرستان عمرها الله فى أى وقت من يذكر من العلماء والصدور سائلا إيانا ، لذلك لم نر المصلحة إلا فى الصمت وإلا كنا قد أجزنا الإطناب إلى غايته فى هذا الباب بالتأكيد وليس خافيا على أهل العلم والتحقيق والعدل والتوحيد عظمة وفضل أهل طبرستان بل إن ذلك مشهور ولا مفر من ذكر خيرات وهبات وعطايا الشاه أردشير ها هنا بحيث لو أن شخصا ما لم يكن قد رآه ولا أدرك عهده ولا شاهد أحواله وأقواله وأفعاله فإنه لن يستطيع أن يتحقق من صورته وسيرته فيقال إنه حين أتى نور الدين الصباغ ذو الفضل الوافر وعالم المنابر وفارسها برسالة من لدن سلطان العالم السلطان الشهيد الملك العظيم صاحب قران تكش بن آيل أرسلان فى العاصمة فى سارى وطلب من مقام الدولة أن يقيم له منبرا فى البلاط ليجلس ويعظ وبدأ يطلق لسانه بمدحه وضم إنشاده بهذا البيت :

لقد رأيت جميع الملوك

وبالله لقب الملك حرام إلا لك

والحقيقة أنه لم ينهض طوال قرون ملك صاحب دين أكثر منه وكانت سارى دارا لملكه ووزارئه يقيمون بها ويطلق على ديوان الوزير ديوان الوصال ، وكان كل عام ينفق من جملة الإيرادات دون أخذ رأيه مائة ألف وبضعة دينار حسامى على وجوه الخير ، وكل يوم جمعة كان فى مكان ينزل به يعطى لقائم العدل مائة دينار يقف فى المكان ويوزعها المستحقين ، وكان يجتمع ببلاطه من آفاق العالم وأرجائه السادة والعلماء وأرباب الفضل والشعراء والأدباء ومعهم تحف الكتب وصحائف الدعاء ، ومن كبار العلماء وسادة العراق الذين كانوا لهم رواتب سيد عز الدين يحيى وقضاة الرى وشيخ الإسلام ركن الدين الهيجانى ، وكان يصل الواحد منهم سبعمائة دينار وجواد وخلعة وعمامة وجبة ، ومن كان له نصيب من ماله السيد الإمام الفقيه آل محمد أبو الفضل

Page 126