Tarikh Qarsana
تاريخ القرصنة في العالم
Genres
لقد نشرت القرصنة في منطقة البحر الكاريبي تحت وصاية الدولة، ففي الصباح المبكر من يوم 20 نوفمبر عام 1968م قامت سفينتان تتبعان الأسطول الحربي الفنزويلي، بفتح نيران مدافعهما على سفينة الصيد الكوبية «أليكرين» وهي في عرض البحر، على مسافة مائة ميل شمال شواطئ فنزويلا، وذلك دون سابق إنذار. وقد تعرض هيكل السفينة وسطحها لأضرار بالغة، ولم تعد ماكيناتها تصلح للعمل. كان ركاب «أليكرين» مكونين من ثمانية وثلاثين راكبا، من بينهم مهندس ياباني كان يعمل ضمن طاقم أسطول الصيد الكوبي، وقد قامت السفن الفنزويلية بعد القصف بقطر السفينة الكوبية التالفة، وقد اعتبرت الحكومة الكوبية هذا الحادث عملا من أعمال القراصنة، وطالبت بإعادة السفينة وإطلاق سراح طاقهما، وقد جرى تنفيذ ذلك فيما بعد.
القرصنة الجوية
أسهم مناخ الرعب والتوتر اللذان سادا منطقة البحر الكاريبي على ظهور القرصنة الجوية في هذه المنطقة، وهي القرصنة التي ميزت القرن العشرين. تمثلت القرصنة الجوية في الأعمال غير الشرعية لخطف الطائرات فوق عرض البحر، وقد أثبتت اتفاقية جنيف المبرمة في عام 1958م هذا الشكل من القرصنة، وقد جرى تسجيل عدد من حوادث القرصنة الجوية في تاريخ بلدان المعسكر الاشتراكي بعد الحرب العالمية الثالثة، عندما لجأت بعض الجماعات والأفراد الرجعيين المشبوهين سياسيا إلى هذه الوسيلة غير الشرعية لمغادرة بلادهم جوا والتسلل إلى الخارج. وقد بلغت القرصنة الجوية أقصى مدى لها في منطقة البحر الكاريبي بعد انتصار الثورة الاشتراكية في كوبا، وخاصة في عام 1961م الذي سجل أكبر عدد من هذه الحوادث.
وفي الفترة ما بين الأول من مايو وحتى التاسع من أغسطس عام 1961م، اضطرت ثلاث طائرات ركاب أمريكية تعمل على خطوط منتظمة، أن تحول مسارها بالقوة، وتم إحباط محاولة خطف طائرة أمريكية رابعة. في الأول من مايو عام 1961م قام راكب مسلح على طائرة صغيرة تعمل بين ميامي و«كي وست»، بإرغام قائد الطائرة تحت تهديد السلاح بالهبوط في هافانا في كوبا، وقد سمحت السلطات الكوبية للطائرة وجميع طاقمها وركابها بالعودة إلى الولايات المتحدة الأمريكية في اليوم نفسه.
في الرابع والعشرين من يوليو عام 1961م قام أحد الأمريكيين من أصل كوبي - وكانت السلطات الأمريكية قد رفضت منحه تصريحا للعودة إلى بلاده - بإرغام قائد طائرة ركاب كبيرة من طراز «إلكترا» تحمل على متنها عددا كبيرا من الركاب، على تغيير مسارها والهبوط بها في هافانا، وقد سمحت السلطات الكوبية في اليوم التالي مباشرة للطاقم والركاب بالعودة إلى الولايات المتحدة، ولكنها رفضت إعادة الطائرة، فقد أعلن فيديل كاسترو رئيس وزراء كوبا للحكومة الأمريكية أنه لن يعيد الطائرة، إلا بعد إعادة الولايات المتحدة للطائرات التي تحتجزها، وكانت السلطات الأمريكية قد صادرت بعضا من هذه الطائرات، وهاجمت البعض الآخر أثناء تحليقها في الجو، وحتى يتجنب الأمريكيون تسمية الأمور بأسمائها، قاموا بسك اصطلاح خاص للتعريف بأعمال القرصنة الجوية وهو
Hijack .
في التاسع والعشرين من أغسطس أعلن دين راسك وزير خارجية أمريكا رفضه لاقتراح كاسترو، على الرغم من أنه اعترف بأن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بدءا من عام 1959م بالاستيلاء على مجموعة من الطائرات الكوبية بلغ عددها خمسا وعشرين طائرة، وقد جرى فيما بعد إعادة أربع عشرة طائرة فقط ، وظلت الطائرات الباقية محتجزة على نحو غير شرعي. وقد أبلغت الحكومة الكوبية مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، أنها على استعداد أن تضع الطائرة الأمريكية تحت تصرف الأمم المتحدة، حتى تتمكن بهذه الطريقة من حرمان الولايات المتحدة من ذريعة الاعتداء على كوبا، الأمر الذي كانت تسعى إليه الدوائر المرجعية.
في الثالث من أغسطس عام 1961م جرت محاولة لاختطاف طائرة أمريكية أخرى، فوفقا لما أكده عملاء مكتب التحقيق الفيدرالي قام المدعو ليون بيردون وهو مجرم اتهم بارتكاب عدد من الجنايات، وكان يعالج في إحدى المصحات النفسية، بركوب إحدى طائرات الركاب في فينكس بولاية أريزونا الأمريكية بصحبة ابنه البالغ من العمر ستة عشر عاما، وقد نجح المجرمان في التسلل إلى غرفة القيادة أثناء تحليقها في الجو، وطلبا من قائدها تحت تهديد السلاح الهبوط في مطار هافانا، وعندما أبلغهما الطيار أن كمية الوقود الموجودة في الطائرة لا تكفي للطيران إلى هناك. وافق المختطفون على الهبوط في مدينة إل باسو في ولاية تكساس، وبعد أن هبطت الطائرة في المطار سمح قراصنة الجو للركاب بمغادرتها، بعد أن احتجزوا أربعة منهم إلى جانب جميع أفراد الطاقم باعتبارهم رهائن. وقد قامت الشرطة - بعد أن أبلغها الركاب بما حدث - بمحاصرة المطار، وحاولوا على مدى عدة ساعات إقناع بيردون بالاستسلام، على أن محاولاتهم باءت بالفشل. قام المجرم تحت تهديد السلاح بإرغام الطيار على السير بالطائرة حتى ممر الإقلاع، لكن رجال الشرطة نجحوا في إيقاف الطائرة بأن أطلقوا عددا من الطلقات أصابت عجلاتها بدقة متناهية. ونتيجة للارتباك الذي حدث استطاع أحد الركاب تجريد المجرم من سلاحه. حكم على مختطف الطائرة بالسجن مدى الحياة، وتم إيداع ابنه إحدى الإصلاحيات حتى يبلغ السن القانونية.
في التاسع من أغسطس عام 1961م جرى اختطاف إحدى الطائرات النفاثة الجبارة التابعة لشركة الخطوط الجوية «بان أمريكان»، وكانت في طريقها من مدينة هيوستن بولاية تكساس إلى جواتيمالا، وقد تم الاختطاف فور إقلاع الطائرة من المطار في المكسيك، وتم إجبار الطيار على تغيير مساره والهبوط في هافانا. وقد اتضح أن مرتكب الجريمة - بناء على ما أذاعه مكتب التحقيقات الفيدرالي - فرنسي يقيم بصفة دائمة في نيويورك، وكان هو الآخر يعاني من اضطرابات نفسية، ما إن وصلت الطائرة إلى كوبا وهبطت في مطار هافانا، حتى جرى تجريد القرصان من سلاحه، وقامت السلطات الكوبية باعتقاله، وقد تم السماح للطائرة وطاقمها وركابها - الذين كان من بينهم وزير خارجية كولوميا - بالعودة إلى ميامي.
في ذات اليوم قامت عصبة من المناهضين للثورة مدججين بالسلاح بمحاولة اختطاف طائرة ركاب كوبية، كانت تقوم برحلتها على أحد الخطوط الداخلية، وإرغام قائدها على الهبوط في فلوريدا. وكان من نتيجة المعركة الحامية التي نشبت على ظهر الطائرة أن لقي الطيار وأحد رجال الشرطة وأحد المختطفين مصرعهم. وفي هذه الأثناء هبط الطيار الثاني بالطائرة في أحد حقول القصب، الأمر الذي نجم عنه تلفيات شديدة بالطائرة. تم الحكم على اثنين من القراصنة بالإعدام رميا بالرصاص لقتلهم الطيار ورجل الشرطة، وحكم على أربعة وثلاثين من المشتركين في المحاولة بالسجن لمدة طويلة.
Unknown page