Tarikh Napoleon Bonaparte
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Genres
ثم أكانت الفرقة التشريعية صالحة لحكم فرنسا ومجابهة جميع المقتضيات التي كانت تحيط بموقفها، في وسط تلك الظروف التي وجدت فيها أوروبا، كما فعل نابوليون؟ لا ... فإن الرجل الوحيد الذي يصلح لجميع ذلك، إنما هو ذلك الذي يحمل بيديه المجيدتين مقدرات الأمة التي يمثلها تمثيلا صحيحا، وليس الجماعة التي اشتقت من السلطة الإمبراطورية، والتي تعجز عن القيام ببعض ما قامت به ذراع ذلك الرجل الجبار ونبوغه العظيم.
بينما كان الإمبراطور في مدريد يهتم بتنظيمات إسبانيا، كانت الحركات العسكرية تستمر في المقاطعات الإسبانية حيث كانت الفتن تنبثق من رمادها. وكان الإنكليز قد غادروا البورتغال ليسرعوا إلى نجدة عاصمة المملكة الإسبانية، إلا أن القائد مور،
3
بعد أن قنط من الوصول في الوقت الملائم، غير خطته وعزم على الاتجاه إلى فاللادوليد لكي يقطع المواصلات عن الجيش الفرنسي. أما هذا العزم فكان شؤما عليه؛ إذ إن المرشال سول ما زال يقاتله من بلنسيا حتى الكوروني حيث جرح جرحا بليغا حتى قتل من جيشه عشرة آلاف رجل وغنم كثيرا من الجياد والمدافع والمؤنة. وأما بقايا جيش القائد مور، فقد تركوا الكوروني للمرشال سول بعد أن حاولوا الدفاع، من غير جدوى، مدة ثلاثة أيام. ولقد أتيح للمرشال سول، في تلك المطاردة، أن يشتت أيضا فرقة رومانا الإسبانية التي كانت لجأت إلى جبال الإستوري.
كان الإمبراطور قد زحف بنفسه لملاقاة الإنكليز منذ علم بحركاتهم على مدريد. وفي أوائل شهر كانون الأول انتقلت أركان جيشه إلى استورغه فبينفات. ولقد كان نقلها إلى توردسيللا، حيث أقامت ببنايات دير القديسة كلير الخارجية، التي ماتت فيها حنة المجنونة والدة كارلوس الخامس.
أما في كتلونية فقد نجحت الكتائب الفرنسية نجاحا باهرا، ودخل «كوفيون سن سير»
4
إلى برسلونه بعد أن استولى على روز. وما عتم الأمر أن تغير موقف الفرنسيين في إسبانيا؛ إذ عاد النصر إلى أعلامهم بتلك العظمة التي كانت له في ألمانيا وإيطاليا.
لم يمر شهران حتى تلاشى الجيش الإنكليزي، وامحقت فرقة رومانا، وقهرت العاصمة، واحتلت معظم المقاطعات حتى أخذت إنكلترا تحاول أن تبعد عن إسبانيا ذلك النبوغ القاهر، الذي ما جاء إلا ليهدم آمال الإنكليز بعد استلام بايلن وسنترا، فوضعت الاتفاقية الإنكليزية على عاتقها جلبه إلى الشمال ودفعه إلى تجزئة قواته، إلا أن الآلة التي اتخذها مجلس سن جمس في هذه المرة لم تكن بروسيا التي كانت لا تزال رازحة تحت الضربات الهائلة التي أصيبت بها في يينا، ولم تكن روسيا المثقلة بجراحات فرييدلان والتي لم تجرؤ بعد على كشف خبثها الذي حجبته بالشواعر الودية في أرفورث، بل كانت النمسا التي كابدت نكبتها الهائلة في أوسترلتز، والتي مرت عليها ثلاث سنوات راحة استطاعت خلالها أن تجدد قوى جيوشها.
كان نابوليون في فاللادوليد عندما انتهى إليه استعداد النمسا العدائي وتأهبها للقتال، فترك إسبانيا وعاد إلى باريس، فوصلها في الثالث والعشرين من شهر كانون الأول سنة 1809.
Unknown page