Tarikh Nahw Carabi

Cali Shadawi d. 1450 AH
69

Tarikh Nahw Carabi

تاريخ النحو العربي: منظورا إليه من جهة تطور مفهومه: تأملات استكشافية

Genres

وبذلك فهو يظن أن عرضه سؤال ما النحو؟ لا تنقصه الوجاهة.

وحدة مجال النحو عند ابن مضاء

يمكن لابن مضاء أن يجيب عن سؤال النحو «ما النحو؟» بأن يبرز وحدة مجال النحو من حيث هو علم بالرغم من تعدد إجابات النحاة العلمية، وذلك بأن يجعل من النحو نظرية عامة تحفظ كلام العرب وتصونه من التغيير، وما عدا ذلك فيجب من وجهة نظر ابن مضاء أن يتخلص منه، ذلك أن قصده من مكتوبه كما سماه أن يحذف من النحو «ما يستغني عنه النحو».

7

غير أننا إذا ما أمعنا النظر سنجد أن وحدة مجال النحو التي حددها ابن مضاء؛ أعني حفظ كلام العرب، وصيانته من التغيير، ليست أكثر من تواطؤ بين النحاة، فبين أن يكون النحو كذلك، أو أن يكون أكثر من ذلك، يبدو لي أن ما هو أكثر من أن يكون النحو حفظا لكلام العرب، وصيانة له من التغيير هو الذي يجعل من النحو علما. لا يمكن أن يكون النحو علما تطبيقيا يحفظ كلام العرب، ويصونه من التغيير، من دون الإطار النظري الذي نقده ابن مضاء. ثم إن فكرة حفظ كلام العرب ليست أصيلة إنما مكتسبة، وقد اتضحت مع أبي الأسود الدؤلي. وهي فكرة أعقبت مرحلة أولية من اللاتحدد، ومن تكافؤ يستطيع النحوي أن يفترض مصيرا، وسيرورة تتساوى فيها إمكانات ما يمكن أن يكون النحو، ولقد اختار أبو الأسود الدؤلي أن يكون النحو على ما عرفناه عنده.

قلة خبرة ابن مضاء بأعراف العلم

هناك حالة محتملة في كتاب «الرد على النحاة» تستحق أن تخضع للتأمل والتحليل، وهي قلة خبرة ابن مضاء بأعراف العلم، وبوجه الخصوص تلك الأعراف التي تخص علم النحو، وهي بطبيعة الحال أعراف علمية عامة؛ ذلك أننا نعتقد أن عالم النحو العربي شخص يدرس اللغة العربية بدلا من أن يدرس القضايا التي تتعلق بالله والعلاقة بالإنسان. يقول: «وأما القول بأن الألفاظ يحدث بعضها بعضا؛ فباطل عقلا وشرعا، لا يقول به أحد من العقلاء ... فإن قيل: بم يرد على من يعتقد أن معاني هذه الألفاظ هي العاملة؟ قيل: الفاعل عند القائلين به إما أن ينفعل بإرادة كالحيوان، وإما أن ينفعل بالطبع كما تحرق النار ويبرد الماء، ولا فاعل إلا الله عند أهل الحق، وفعل الإنسان وسائر الحيوان فعل الله تعالى، كذلك الماء والنار وسائر ما يفعل ... وأما العوامل النحوية فلم يقل بعملها قائل، لا ألفاظها ولا معانيها؛ لأنها لا تفعل بإرادة ولا طبع.»

8

قال ابن مضاء: هذا القول في سياق دعوته إلى إلغاء نظرية العامل. وهو قول يذكر بالقارئ الذي لا يصدق أن الحيوانات تتكلم في الحكايات كحكايات كليلة ودمنة. ما ينقص هذا القارئ الذي لا يصدق هو أن يتعاون مع حكايات كليلة ودمنة لكي تكون فنا. لا يختلف ابن مضاء عن هذا القارئ؛ فهو لا يتعاون مع نظرية العامل لكي يكون النحو علما، ولأنه كذلك فهو لا ينظر إلى العامل من حيث هو «مفهوم ذهني يفسر علاقة كلمة بكلمة داخل الجملة».

9

Unknown page