Tarikh Cilm Adab
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
Genres
وجبال لبنان وكيف بقطعها
وهي الشتاء وصيفهن شتاء
ومالوا إلى فتح جزر البحر الشامي، فاستولوا على جزائر باليار، وهي مايورقة، ومينورقة، وأفبس وما يتبعها سنة 820م (سنة 205ه)، وكانوا يسمونها «مايرقة» و«منرقة» ويابسة، واستمروا فيها إلى سنة 1232م، واستولوا سنة 226ه على جزيرة قورسيقة فبقيت مستقلة عن غيرها بالحكم إلى سنة 236 (850م)، وأغاروا على سواحل مرسيليا مرارا وأسسوا سنة 276ه (889م) مستعمرة فراقسينة فيما بين وينيس طولون، وكان الفينيقيون أسسوا قبلهم مستعمرة في جوار موناقو، ومكث المسلمون في فراقسينة طول القرن العاشر، وتزوج بعضهم بنساء تلك الأيالة الفرنساوية، واشتغلوا بفلاحة أرضها حتى أصبحت زاهية بحضارتهم، ثم جالوا سنة 324ه (935م) في إقليمي تارنتيزه، ووالس ثم في بلاد السويس (سويسرا) التي نهبها المجر قبل ذلك، ومدوا نفوذهم سنة 331ه (942م) على فريجوي، وطولون وجميع سواحل البحر الشامي في فرنسا، ولم يزل يقال للجبال التي في شمال مرسيليا، وطولون «جبال المور» ومدوا نفوذهم على إيطاليا أيضا، فإن بني الأغلب استولوا على جزر سيسيليا، (صقلية) ومالطة وسردانية، وجميع القسم الجنوبي من إيطاليا في حدود سنة 213ه (828م) إلى سنة 265ه (878م) ورسخت لهم قدم في جميع هذه البلاد واستبحر فيها عمرانهم وحسنت بهم الزراعة والصناعة، وكانت مدينة أمالفي ومدينة ساليرم، وهما في جنوب نابولي (وكتبوها نابل) زاهيتين بحضارتهم، وهما اليوم قريتان خربتان لم يزل يشاهد فيهما آثار العرب وبقايا الطواحين التي عمروها ولسان الحال يقول: إن آثارنا تدل علينا فانظروا بعدنا إلى الآثار، واستولوا على أوستيه، وكانت مينا رومية العظمى، وهي بقرب مصب نهر التيبر وعلى بيزا ذات البرج المائل، وكانوا يسمونها «بيش» وعلى جنوة التي في شمالها، وبقي المسلمون في جزيرة «سردانية» سردينية إلى سنة 408ه (1017م) وفي طارانت التي في جنوب إيطاليا إلى سنة 435ه (1043م)، وفي سيسيليا إلى سنة 1071م، وفي بيزا إلى سنة 396ه (1005م)، وفي جين (جنوة) إلى سنة 325ه (936م)، (انظر خريطة مملكة العرب في أطلس شرادر الفرنساوي المطبوع أخيرا في باريس).
واختلف المؤرخون في التاريخ الذي أغار فيه العرب على ليون وما في شمالها من الأيالات الفرنساوية - لا ليون التي في شمال إسبانيا الغربي وتكتب
Léon ، ويكثر ذكرها في تواريخ العرب - هل كان في عهد شارل مارتيل فقط أم في عهده، وبعد ذلك أيضا حينما دخلوا من سواحل طولون، وتقدموا في الشمال حتى بلغوا بلاد السويس، ولكن المؤرخين متفقون على أن المسلمين ضبطوا أيالة دوفينة، وهي في شمال بروفانس على ضفة الرين اليسرى وضبطوا في شمالها أيضا أيالة بورغونية، وسموها «أرض بورغونة»، وأيالة فرانش كونتة وأيالتي فينا - وفينا؛ هذه أيالة في وسط فرنسا الغربي بخلاف سميتها عاصمة أوستريا، والمجر وكان حاصرها الأتراك - وضبطوا في فرنسا جميع ضفاف الرون، وغزوا القرى والمدن التي في تلك الأيالات، وأمهات هذه المدن هي؛ ليون وهي على نهر الرون وأول مدينة في فرنسا بعد باريس، ثم ماقون وإليها ينسب الخمر المسمى باسمها من خمور بورغونيه، وشالون التي على نهر السون، وبون وسماها العرب «بونة»، وأوتون واحترقت فيها كنيستان عظيمتان حينما هاجمها العرب، كنيسة سان ناظير، وكنيسة سان جان وكذا دير سان مارتن، وديجون وهي منتهى ما أخذوه في الشمال من المدن العظيمة، وفي شرقي ديجون وبالقرب منها مدينة بيزانسون التي ولد فيها فيكتور هوكو.
وجميع هذه المدن هي في ممر السكة الحديدية من باريس - ليون - البحر المتوسط؛ أي مرسيليا وما جاورها من المواني البحرية، ولم يجد العرب أموالا كثيرة في غزواتهم؛ لأن البلاد لم تكن في الثروة والعمران التي هي عليها اليوم، ولكن مقصدهم الأصلي كان إعلاء كلمة التوحيد ودعوة الأمم بقولهم:
تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله .
الحروب الصليبية
فجميع الحروب التي وقعت بين المسلمين والنصارى من ابتداء ظهور الإسلام بمكة، وفتح المسلمين للقدس على عهد ثاني الخلفاء الراشدين هي من نوع الحروب الصليبية، إلا أن المؤرخين اصطلحوا على إطلاق هذا الاسم على الحروب التي وقعت بين المسيحيين من الأمم الأوروبية، وبين المسلمين من الأمم الشرقية وامتدت من القرن الحادي عشر إلى القرن الثالث عشر للميلاد، وكان الباعث عليها التعصب الديني، والغاية منها تخليص قبر السيد المسيح - عليه السلام - واتخذ المحاربون من الأمم الأوروبية الصليب شعارا لهم، ونقشوه على أثوابهم وجلودهم؛ ولذا قيل لهم: الصليبيون، وعدة الحروب الصليبية ثمانية وهي؛
الأولى: (1096-1099م): الحرب التي دعا إليها بطرس الناسك، وقرر أجراها البابا أوروبين الثاني في المجمع الروحاني المنعقد سنة 1095م في مدينة كليرمون فيران، وهي بالقرب من مدينة ليون في فرنسا، وكانت النتيجة إرسال جيشين للشرق أحدهما تحت قيادة بطرس الناسك والقائد غوتيه، وكان مؤلفا من أناس لا خبرة لهم في الحرب ومعهم نساؤهم وأولادهم بغير تأهب للسفر، فمات أكثرهم في الطريق وقتل آخرهم السلجوقيون في بر الأناضول. والثاني جيش متأهب للسفر ومتسلح للحرب تحت قيادة غود فروا دوبوليون دوق أيالة اللورين، عبروا بوغاز لدردنيل واستولوا في بر الأناضول على أزنيق وطرسوس وهي مينا أطنة، وعلى أنطاكية، وكانت هذه المدن تابعة للدولة السلجوقية ومركزها قونية، ثم استولوا على القدس، وكانت تابعة لخليفة مصر العلوي، وقتلوا فيها كثيرا وألبسوا غودفروا تاج الملك، وذهب المستنفرون إلى بغداد فلم يستطع أهلها غير البكاء وقال المظفر الأبيوردي أبياتا منها:
Unknown page