Tarikh Cilm Adab

Ruhi Khalidi d. 1331 AH
172

Tarikh Cilm Adab

تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو

Genres

برغمهم فإذا النعماء بأساء (8)

ثلاث وتسعون؛ سماه بذلك لأنه بحث فيه عن وقائع سنة 1793، وقص فيه قصصا حكيمة فلسفية موضحة لحقيق الانقلاب الكبير الفرنساوي، وللسبب الحامل لأصحابه على الثورة ومقاومة بعض الأهالي للثائرين؛ لعدم فهمهم المراد من الانقلاب، ومن الإصلاحات الجديدة ولاعتقادهم أن الملك قوة إلهية مفوضة للملك يفعل بمقتضاها ما يشاء برعيته، فهم عبيده يتصرف بهم تصرف المالك في ملكه. فبين المؤلف ذلك بأساليب بديعة يفهمها العوام والفلاحون، وعرفهم بأن القوة الحاكمة ينبغي أن تكون في الأمة، وأن سيد القوم يجب أن يكون خادمهم.

وأما ما ألفه في التاريخ فهو: (1)

نابوليون الصغير، كتبه المصنف بعد لبس نابوليون الثالث تاج الإمبراطورية، وكان هو يستشيط من ذلك غضبا فتهور في الطعن فيه والحط عليه، ولما طبع الكتاب جاء أحد المتبصبصين بنسخة منه للإمبراطور وكان في قصر سن كلو وهو في ضواحي باريس على نهر السين، فنظر فيه طويلا ثم التفت لمن حوله من الوزراء وأمراء العسكرية، وقال لهم باستهزاء وسخرية: انظروا يا سادة هذا نابوليون الصغير ألفه فيكتور هوكو الكبير، فلما بلغ الخبر مسامع فيكتور هوكو هجاه بقصيدة بليغة لم أر لها مثيلا في شعر أهل العصر إلا قصيدة كمال بك كبير الشعراء عن الأتراك. (2)

تاريخ جرم، وهو تاريخ حادثة نابوليون الثالث سنة 1851 ألفه المصنف في خمسة أشهر، ولم ينشر إلا بعد 25 سنة حينما سقط نابوليون الثالث، ويقسم هذا التاريخ إلى أربعة أيام: يوم المكيدة والكمين، يوم الحرب والنزال، يوم الذبح وقتل الأطفال، يوم الفوز بالنصر، ثم أتبعه بفصل خامس عنوانه يوم السقوط، فأوضح المؤرخ في هذا التاريخ صورة الجرم، ثم بين القصاص واستنتج من ذلك وظيفة الفرنساويين وهي العدل والحق. «الرين» وهو عنوان كتاب صنفه فيكتور هوكو في الرحلة والسياحة، وحرر فيه ما وجده في نفسه من التأثر والإحساس الباطني والانفعال بمشاهدة ضفاف الرين، وهو نهر في أوروبا ينبع من جبال الألب، ويمر من بحيرة قونستانس وبمدينة بال ومايانس وقوبلينتس وقولونيا، وأوترخت وليدن ويصب في بحر الشمال، ومما قاله في هذا التأليف عن الضمير والكائنات: ... لا شيء في يعارض كون الشجرة عالمة بثمرها، ولكن من المحقق أن الإنسان لا علم له بالمقدرة عليه، حياة الإنسان وعقله هما على خاطر، وكيف لا أدري أي ماكنة مظلمة يسميها البعض عناية إلهية، والبعض الآخر يسميها صدفة، فهذه الماكنة أو الآلهة تخلط وتمزج وتحلل كل شيء في الوجود، وهي تخفي دواليبها في الظلمات وتعرض نتائج محصولاتها في رابعة النهار، يحسب المرء نفسه يفعل شيئا وهو يفعل شيئا آخر، فالتاريخ مملوء بذلك ...

ولكن بين هذا الاختباط يوجد قوانين، فالاختباط ما هو إلا في الظاهر، والانتظام في الباطن، فبعد انقضاء مدة طويلة ترجع الحوادث المدهشة التي فتحت عيون أجدادنا كما ترجع النجوم ذوات الأذناب من أعماق التاريخ المظلمة، فالفخاخ هي دائما تلك الفخاخ بعينها والسقوط دائما عين ذاك السقوط، والغدر دائما عين ذاك الغدر، والمهالك هي دائما تلك المهالك بعينها، فالأسماء تتغير والأشياء ثابتة على ما هي عليه.

أما ما حرره فيكتور هوكو في الفلسفة فهو: (1)

أدب وفلسفة ممزوج بعضها ببعض، وقد ذكرنا من هذا الكتاب فيما سبق تعريف الشعر، وبأنه لا يكفي وجود الأسلوب الحسن والشكل الظريف في البيت، بل ينبغي أن يحتوي على فكر أو صورة أو إحساس، وشبه بيت الشعر ببيت النحل الذي يتخذه من الشمع والشعر فيه كالعسل.

وقال أيضا في تعريف الإنشاء:

الإنشاء هو الذي يخلد ذكر الشاعر ويبقى تأليفه؛ لأن حلاوة التعبير تزين الفكر كالميناء على السن.

Unknown page