(بِسم اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم)
الْحَمد لله المتفرد بِالْبَقَاءِ والقدم، المنزه عَن الفناء والعدم، وصلواته على رَسُوله مُحَمَّد خير بريته، وعَلى آله وَصَحبه وأزواجه وَذريته " وَبعد ":
فَيَقُول الْفَقِير الْمُعْتَرف بالتقصير عمر بن مظفر بن عمر بن مُحَمَّد بن أبي الفوارس الوردي المعري الشَّافِعِي - أنجح اللَّهِ مسعاه وَأصْلح لَهُ أَمر آخرته ودنياه -: إِنِّي رَأَيْت " الْمُخْتَصر فِي أَخْبَار الْبشر " تأليف مَوْلَانَا السُّلْطَان الْملك الْمُؤَيد صَاحب حماه - قدس اللَّهِ سره وَأكْرم مثواه - من الْكتب الَّتِي لَا يَقع مثلهَا، وَلَا يسع جهلها، فَإِنَّهُ اخْتَارَهُ من التواريخ الَّتِي لَا تَجْتَمِع إِلَّا للملوك، ونظمه فِي سلوك الْحسن بِحسن السلوك، فانجلى كالعروس الَّتِي حسنها الْمغرب، وجمالها الْكَامِل، وثغرها العقد، وضراتها الدول المنقطعة، وخيالها لَذَّة الأحلام، ولفظها المنتظم، وخدها ابْن أبي الدَّم، ومحبتها تجارب الْأُمَم، وحسبادها بَنو إِسْرَائِيل، ونظرها مفرج الكروب، ودلالها وفيات الْأَعْيَان، وَوَصلهَا الأغاني، وقربها مروج الذَّهَب، وعطرها من الْيمن، وَذكرهَا مجاوز فِي الْمشرق أصفهان، وَفِي الْمغرب القيروان، وفصاحتها الْبَيَان، ووجهها مرْآة الزَّمَان. رُتْبَة ﵀ ترتيبا رفع بِهِ إِسْمَاعِيل الْقَوَاعِد من الْبَيْت الأيوبي وشيد، وَضَمنَهُ كنوزا وَهل يعجز عَن الْكُنُوز من هُوَ ملك مؤيد، فاختصرته فِي نَحْو ثُلثَيْهِ اختصارا زَاده حسنا، وكفل بوجازة اللَّفْظ وَكَمَال الْمَعْنى أَقمت بِهِ إعرابه، وذللت صعابه، ونمقته بَيَانا، وألحقته أعيانا، وكللت حلته بجواهر، وكملت روضته بأزاهر، وأودعته شَيْئا من نظمي ونثري ورجوت دَعْوَة صَالِحَة عِنْد ذكري، وحذفت مِنْهُ مَا حذفه أسلم، وَقلت فِي أول مَا زِدْته قلت، وَفِي آخِره وَالله أعلم، وسأذيله إِن شَاءَ اللَّهِ تَعَالَى من سنة تسع وَسَبْعمائة الَّتِي وقف الْمُؤلف عَلَيْهَا إِلَى هَذِه السّنة الْمُبَارَكَة الَّتِي صرنا إِلَيْهَا وسميته: " تَتِمَّة الْمُخْتَصر فِي أَخْبَار الْبشر " وَمن اللَّهِ ﷾ أسأَل حسن النِّيَّة وبلوغ الأمنية.
اعْلَم أَن التواريخ الْقَدِيمَة فِي هَذَا الْكتاب مؤلفة على مُقَدّمَة وَخَمْسَة فُصُول، والتواريخ الإسلامية مرتبَة على السنين.
أما الْمُقدمَة فتتضمن ثَلَاثَة أُمُور:
الْأَمر الأول: إِن اخْتِلَاف المؤرخين كثير جدا كَقَوْل ابْن الْأَثِير فِي الْكَامِل ولادَة الْمَسِيح بعد خمس وَسِتِّينَ سنة للإسكندر عِنْد الْمَجُوس وَبعد ثلثمِائة وَثَلَاث سِنِين للإسكندر عِنْد النَّصَارَى، وَهَذَا تفَاوت فَاحش. وكقول أبي معشر وكوشيار وَغَيرهمَا من المنجمين بَين ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
1 / 3
الطوفان وَالْهجْرَة ثَلَاثَة آلَاف وَسَبْعمائة وَخمْس وَعِشْرُونَ سنة وَهَذَا فِي الزيج المأموني وَغَيره، وَقَول المؤرخين بَينهمَا ثَلَاث آلَاف وَتِسْعمِائَة وَأَرْبع وَسَبْعُونَ سنة فالتفاوت بَينهمَا ٢٤٩ سنة، وَسبب هَذَا الِاخْتِلَاف أَن من هبوط آدم إِلَى وَفَاة مُوسَى ﷺ َ - لَا يعلم إِلَّا من التَّوْرَاة، والتوراة مُخْتَلفَة على ثَلَاثَة نسخ - كَمَا سَيَأْتِي - وَمَا بَين وَفَاة مُوسَى إِلَى ابْتِدَاء ملك بخْتنصر يعلم من المنجمين؛ قَالَ أَبُو عِيسَى: وَيعلم من قرانات زحل والمشترى فِي المثلثات، وهم أَيْضا مُخْتَلفُونَ فِي ذَلِك، وَيعلم أَيْضا من سفر قُضَاة بني إِسْرَائِيل وَهُوَ أَيْضا غير مُحَصل، وَأما مَا يُؤْخَذ عَن المؤرخين قبل الْإِسْلَام فمضطرب أَيْضا فَإِنَّهُم أَرخُوا بابتداء ملك كل ملك مِنْهُم فكثرت ابتداءات تواريخهم؛ قَالَ حَمْزَة الْأَصْفَهَانِي: وفسدت تواريخهم بِسَبَب ذَلِك فَسَادًا لَا مطمع فِي إِصْلَاحه مَعَ بعد الْعَهْد وَتغَير اللُّغَات وَعدم الْكتب الْمُؤَلّفَة فِي هَذَا الْفَنّ فَتعذر التَّحْقِيق.
الْأَمر الثَّانِي: (إِن نسخ التَّوْرَاة ثَلَاث: السامرية والعبرانية واليونانية، فالسامرية تنبىء أَن من هبوط آدم إِلَى الطوفان ألفا وثلثمائة وَسبع سِنِين، وَكَانَ الطوفان لستمائة خلت من عمر نوح ﵇، وعاش آدم ﵇ تِسْعمائَة وَثَلَاثِينَ سنة بِاتِّفَاق. فَيكون نوح على حكم هَذِه التَّوْرَاة اِدَّرَكَ من عمر آدم فَوق مِائَتي سنة فنوح قد أدْرك جَمِيع أبائه إِلَى آدم وَهَذَا مُنكر، وتنبىء هَذِه النُّسْخَة أَن من انْقِضَاء الطوفان إِلَى ولادَة إِبْرَاهِيم ﵇ تِسْعمائَة وَسبعا وَثَلَاثِينَ سنة وَأَن من ولادَة إِبْرَاهِيم إِلَى وَفَاة مُوسَى خَمْسمِائَة وخمسا وَأَرْبَعين سنة، فَمن آدم إِلَى وَفَاة مُوسَى حِينَئِذٍ ألفا وَسَبْعمائة وتسع وَثَمَانُونَ سنة.
وَفِيمَا بَين وَفَاة مُوسَى وَالْهجْرَة مذهبان: أَحدهمَا للمؤرخين، وَالثَّانِي للمنجمين فَإِذا ضممنا إِلَى ذَلِك مَا بَين وَفَاة مُوسَى وَالْهجْرَة وَكَانَ بَين هبوط آدم وَبَين الْهِجْرَة على حكم اخْتِيَار المؤرخين وَحكم توراة السامرة خَمْسَة آلَاف وَمِائَة وَسبع وَثَلَاثُونَ سنة، وَينْقص اخْتِيَار المنجمين عَن هَذِه الْجُمْلَة مِائَتَيْنِ وتسعا وَأَرْبَعين سنة، فقد ظهر فَسَاد هَذِه التَّوْرَاة من كَونهَا تَقْتَضِي إِدْرَاك نوح آدم وعيشه مَعَه الْمدَّة الطَّوِيلَة.
وَأما التَّوْرَاة العبرانية: ففاسدة أَيْضا، لِأَنَّهَا تنبىء ان بَين هبوط آدم والطوفان ألفا وَخَمْسمِائة سنة وستا وَخمسين سنة، وَبَين الطوفان وَبَين ولادَة إِبْرَاهِيم مِائَتَان وَاثْنَتَانِ وَتسْعُونَ سنة، وعاش نوح بعد الطوفان ثلثمِائة وَخمسين سنة بِاتِّفَاق، فأنبأت التَّوْرَاة العبرانية أَن نوحًا أدْرك من عمر إِبْرَاهِيم ثمانيا وَخمسين سنة وَهَذَا مُنكر، فنوح لم يدْرك إِبْرَاهِيم وَلَا يجوز ذَلِك لِأَن قوم هود أمة نجمت بعد قوم نوح، وَأمة صَالح نجمت بعد أمة هود، وَإِبْرَاهِيم وَأمته بعد أمة صَالح بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى - يخبر عَن هود فِيمَا يعظ بِهِ قومه وهم قوم عَاد -: ﴿واذْكُرُوا إِذْ جعلكُمْ خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم فِي الْخلق بسطة﴾، وَكَذَلِكَ أخبر ﷾ عَن صَالح فِيمَا يعظ بِهِ قومه وهم ثَمُود ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 4
-: ﴿واذْكُرُوا إِذْ جعلكُمْ خلفاء من بعد عَاد وبوأكم فِي الأَرْض تتخدون من سهولها قصورا وتنحتون الْجبَال بُيُوتًا﴾ . فَظهر فَسَاد هَذِه التَّوْرَاة العبرانية بذلك وَهِي الَّتِي بأيدي الْيَهُود إِلَى زَمَاننَا وَعَلَيْهَا اعتمادهم، ولنستوف مَا تبنىء بِهِ من جملَة سني الْعَالم فقد تقدم أَنَّهَا تنبىء أَن بَين هبوط آدم والطوفان ألفا وَخَمْسمِائة وستا وَخمسين سنة وَبَين الطوفان وولادة إِبْرَاهِيم مِائَتَان وَاثْنَتَانِ وَتسْعُونَ سنة، وَبَين ولادَة إِبْرَاهِيم ووفاة مُوسَى خَمْسمِائَة وَخمْس وَأَرْبَعُونَ سنة بِاتِّفَاق، وَفِيمَا بَين وَفَاة مُوسَى وَالْهجْرَة المذهبان الْمَذْكُورَان، فعلى اخْتِيَار المؤرخين وَمُقْتَضى العبرانية يكون بَين آدم وَالْهجْرَة أَرْبَعَة آلَاف وَسَبْعمائة وَإِحْدَى وَأَرْبَعُونَ سنة، وتنقص على اخْتِيَار المنجمين من هَذِه الْجُمْلَة مِائَتَان وتسع وَأَرْبَعُونَ سنة، فَيكون من آدم إِلَى الْهِجْرَة على ذَلِك أَرْبَعَة آلَاف وَأَرْبَعمِائَة وَاثْنَتَانِ وَتسْعُونَ سنة، وَجُمْلَة سني هَذِه التَّوْرَاة تنقص عَن التَّوْرَاة اليونانية الَّتِي عَلَيْهَا الْعَمَل ألفا وَأَرْبَعمِائَة وخمسا وَسبعين سنة، وَهَذِه الْجُمْلَة هِيَ الْقدر الَّذِي نَقصه الْيَهُود من الْمَاضِي من سني الْعَالم، فنقصوا من قبل الطوفان سِتّمائَة وستا وَثَمَانِينَ سنة، وَمن بعد الطوفان سَبْعمِائة وتسعا وَثَمَانِينَ سنة الْجُمْلَة ألف وَأَرْبَعمِائَة وَخمْس وَسَبْعُونَ سنة.
وَصُورَة مَا اعْتمد الْيَهُود فِي ذَلِك: أَنهم نقلوا من عمر كل وَاحِد من آدم وبنيه مائَة سنة من قبل مِيلَاد ابْنه إِلَى مَا بعد الميلاد فَلم يتَغَيَّر جملَة عمر ذَلِك الشَّخْص ونقصت مُدَّة الزَّمَان، فَإِن آدم لما صَار لَهُ مِائَتَان وَثَلَاثُونَ سنة ولد لَهُ شِيث وعاش آدم تِسْعمائَة وَثَلَاثِينَ سنة بِاتِّفَاق، فَأخذ الْيَهُود مائَة سنة من عمر آدم قبل أَن يُولد لَهُ شِيث وجعلوها بعد مولد شِيث فَلم يتَغَيَّر جملَة عمر آدم وجعلوه أَنه ولد لَهُ شِيث لمضي مائَة وَثَلَاثِينَ سنة من عمره، وَكَذَا اعتمدوا فِي كل من بعده فنقص من سني الْعَالم الْقدر الْمَذْكُور. قَالُوا: وَالَّذِي دَعَا الْيَهُود إِلَى ذَلِك أَن التَّوْرَاة وَغَيرهَا من كتب بني إِسْرَائِيل بشرت بالمسيح ﵇ وَأَنه يَجِيء فِي أَوَاخِر الزَّمَان وَكَانَ مَجِيء الْمَسِيح فِي الْألف السَّادِس فَلَمَّا نقلوا ذَلِك صَار الْمَسِيح فِي أول الْألف الْخَامِس، فَيكون مَجِيء الْمَسِيح فِي توَسط الزَّمَان لَا فِي أواخره بِنَاء على أَن عمر الزَّمَان جَمِيعه سَبْعَة آلَاف سنة.
وَأما التَّوْرَاة اليونانية: فاختارها محققو المؤرخين وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي الْإِنْكَار على الْمَاضِي من عمر الزَّمَان، وَهِي توراة نقلهَا اثْنَان وَسَبْعُونَ حبرًا قبل ولادَة الْمَسِيح بقريب ثلثمِائة سنة لبطليموس اليوناني بعد الْإِسْكَنْدَر ببطليموس وَاحِد، وَسَنذكر صُورَة نقلهَا إِلَى اليونانية فِي أَوَاخِر بني إِسْرَائِيل، فَلذَلِك اعتمدت دون غَيرهَا. وأنبأت هَذِه التَّوْرَاة اليونانية أَن بَين هبوط آدم وَبَين الطوفان أَلفَيْنِ وَمِائَتَيْنِ واثنتين وَأَرْبَعين سنة، وَبَين الطوفان - وَكَانَ لستمائة سنة مَضَت من عمر نوح - وَبَين مولد إِبْرَاهِيم ﵇ ألفا وَإِحْدَى وَثَمَانِينَ سنة، وَبَين مولد إِبْرَاهِيم ووفاة مُوسَى خَمْسمِائَة وَخمْس وَأَرْبَعُونَ سنة بِاتِّفَاق نسخ التَّوْرَاة جَمِيعهَا، وَبَين وَفَاة مُوسَى وَابْتِدَاء ملك بخْتنصر تِسْعمائَة وثمان ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 5
وَسَبْعُونَ سنة ومائتان وَثَمَانِية وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَأما مَا بَين ابْتِدَاء ملك بخْتنصر وَبَين الْهِجْرَة فألف وثلثمائة وتسع وَسِتُّونَ سنة وَمِائَة وَسَبْعَة عشر يَوْمًا وَلَيْسَ فِيهِ خلاف، لِأَن بطليموس أثْبته فِي المجسطي وأرخ بِهِ رصده، فَيكون بَين الْهِجْرَة وَبَين هبوط آدم سِتَّة آلَاف سنة ومائتان وست عشرَة سنة وَهَذَا الْمُخْتَار وَعَلِيهِ بني هَذَا الْكتاب. وَأما اخْتِيَار المنجمين الَّذِي أثبتوه فِي الزيجات بَين وَفَاة مُوسَى وَبُخْتنَصَّرَ فينقص عَمَّا ذكرنَا مِائَتَيْنِ وتسعا وَأَرْبَعين سنة.
الْأَمر الثَّالِث: فِي جدول يتَضَمَّن مَا بَين التواريخ الْمَشْهُورَة من المدد فَإِذا أردْت معرفَة مَا بَين أَي تاريخين مِنْهَا فَادْخُلْ فِي الْجَدْوَل إِلَى الْبَيْت الَّذِي يَلْتَقِيَانِ فِيهِ فَمَا فِيهِ من الْعدَد فَهُوَ مَا بَينهمَا، وَاعْلَم أَن محققي المنجمين والمؤرخين اخْتلفُوا فِيمَا بَين وَفَاة مُوسَى وَبَين ابْتِدَاء ملك بخْتنصر: فَذهب أَبُو عِيسَى والمحققون من المؤرخين إِلَى أَنه تِسْعمائَة وثمان وَسَبْعُونَ سنة ومائتان وَثَمَانِية وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا وَهُوَ الْمُخْتَار لهَذَا الْجَدْوَل وَجعلت الْأَيَّام الْمَذْكُورَة على سَبِيل الْجَبْر سنة فَصَارَ الْمُثبت فِي الْجَدْوَل تِسْعمائَة وتسعا وَسبعين سنة. وَقَالَ أَبُو معشر وكوشيار وَغَيرهمَا من المنجمين فِي الزيجة: بَينهمَا سَبْعمِائة وَعِشْرُونَ سنة، وَهَذَا ينقص عَن ذَلِك مِائَتَيْنِ وتسعا وَأَرْبَعين سنة، وَإِذا أنقص مَا بَين وَفَاة مُوسَى وَبُخْتنَصَّرَ الْمدَّة الْمَذْكُورَة نقص مَا بَين الطوفان وَالْهجْرَة قطعا، فَلذَلِك تَجِد فِي الزيج المأموني وَغَيره أَن بَين الطوفان وَالْهجْرَة ثَلَاثَة آلَاف وَسَبْعمائة وخمسا وَعشْرين سنة، وَبَين الطوفان وَالْهجْرَة فِي هَذَا الْكتاب والجدول ثَلَاثَة آلَاف وَتِسْعمِائَة وَأَرْبع وَسَبْعُونَ سنة، فَيكون مَا فِي الْجَدْوَل أَزِيد مِمَّا فِي الزيجات بمائتين وتسع وَأَرْبَعين سنة فاعلمه لِئَلَّا تتوهم أَن الزيجة هِيَ الصَّحِيحَة وَأَن هَذَا الْكتاب غلط فَإِن الْأَمر فِيهِ على مَا ذكره، وَأما بِمُقْتَضى سفر قُضَاة بني إِسْرَائِيل وسفر مُلُوكهمْ إِذا جَمعنَا مدد وَلَا يَأْتهمْ فَبين وَفَاة مُوسَى وَملك بخْتنصر بِمُقْتَضى ذَلِك اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ وَتِسْعمِائَة سنة، وَمن بخْتنصر إِلَى الْهِجْرَة لم يخْتَلف فِيهِ لإِثْبَات بطليموس إِيَّاه فِي المجسطي؛ وتاريخ فيلبس مَشْهُور وَقد أرخ بِهِ بطليموس فِي المجسطي غَالب أرصاده وَتَرَكْنَاهُ اخْتِصَار ولنقدمه على تَارِيخ الْإِسْكَنْدَر باثنتي عشرَة سنة فَإِذا زِدْت على تَارِيخ الْإِسْكَنْدَر اثْنَتَيْ عشرَة سنة خرج تَارِيخ فيلبس، وَبَين ملك أردشير بن بابك وَبَين الْإِسْكَنْدَر ٥١٢ سنة تَقْرِيبًا، وَبَينه وَبَين الْهِجْرَة أَرْبَعمِائَة وَاثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ سنة تَرَكْنَاهُ للاختصار؛ انْتهى الْكَلَام فِي الْمُقدمَة، وَهَذَا الْجَدْوَل: ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 6
١
- بَين / هبوط آدم / الطوفان / مولد إِبْرَاهِيم الْخَلِيل / وَفَاة مُوسَى / ابْتِدَاء ملك بخت نصر / غَلَبَة اسكندر على دَارا / غَلَبَة اغسطس على قلوبطرا / مولد الْمَسِيح / دقلطيانوس / الْهِجْرَة.
٢
- هبوط آدم / - / ٢٢٤٢ / ٣٣٢٣ / ٣٨٦٨ / ٤٨٤٧ / ٥٢٨١ / ٥٥٦٣ / ٥٥٨٤ / ٥٨٦٧ / ٦٢١٦.
٣
- الطوفان / ٢٢٤٢ / - / ١٠٨١ / ١٦٢٦ / ٢٦٠٥ / ٣٠٣٩ / ٣٣٢١ / ٣٣٤٢ / ٣٦٣٤ / ٣٩٧٤.
٤
- مولد إِبْرَاهِيم الْخَلِيل / ٣٣٢٣ / ١٠٨١ / - / ٥٤٥ / ١٥٢٤ / ١٩٤٨ / ٢٢٤٠ / ٢٢٦١ / ٢٥٥٣ / ٢٨٩٣.
٥
- وَفَاة مُوسَى / ٣٨٦٨ / ١٦٢٦ / ٥٤٥ / - / ٩٧٩ / ١٤١٣ / ١٦٩٥ / ١٧١٦ / ٢٠٠٨ / ٢٣٤٨.
٦
- ابْتِدَاء ملك بخت نصر / ٤٨٤٧ / ٢٦٠٥ / ١٥٢٤ / ٩٧٩ / - / ٤٣٥ / ٧١٧ / ٧٣٨ / ١٠٣١ / ١٣٧٩.
٧
- غَلَبَة اسكندر على دَارا / ٥٢٨١ / ٣٠٣٩ / ١٩٥٨ / ١٤١٣ / ٤٣٥ / - / ٢٨٢ / ٣٠٣ / ٥٩٥ / ٩٣٤
٨
- غَلَبَة اغسطس / ٥٥٦٣ / ٣٣٢١ / ٢٢٤٠ / ٦٩٥ / ٧١٧ / ٢٨٢ / - / ٢١ / ٣١٣ / ٦٥٢.
٩
- مولد الْمَسِيح / ٥٥٨٤ / ٣٣٤٢ / ٢٢٦١ / ١٧١٦ / ٧٣٨ ٣١٣ / - / ٢١ / - / ٢٨٢ / ٦٣١.
١٠
- دقلطيانوس / ٥٨٧٦ / ٣٦٣٤ / ٢٥٥٣ / ٢٠٠٨ / ١٠٣١ / ٥٩٥ / ٣١٣ / ٢٨٢ / - / ٣٣٩.
١١
- الْهِجْرَة / ٦٢١٦ / ٣٩٧٤ / ٢٨٩٣ / ٢٣٤٨ / ١٣٦٩ / ٩٣٤ / ٦٥٢ / ٦٣١ / ٣٣٩ / -. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 7
وَأما الْفُصُول الْخَمْسَة:
فَالْأول: فِي عَمُود التواريخ الْقَدِيمَة وَذكر الْأَنْبِيَاء ﵈ وحكام بني إِسْرَائِيل.
وَالثَّانِي: فِي ذكر مُلُوك الْفرس وَمن يَلِيق إِيرَاده مَعَهم.
وَالثَّالِث: فِي الفراعنة، وملوك اليونان، وملوك الرّوم، والقياصرة.
وَالرَّابِع: فِي ذكر مُلُوك الْعَرَب.
وَالْخَامِس: فِي ذكر أُمَم الْعَالم. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 8
(الْفَصْل الأول)
(فِي عَمُود التواريخ الْقَدِيمَة وَذكر الْأَنْبِيَاء ﵈ على التَّرْتِيب)
(آدم وبنيه إِلَى نوح)
من الْكَامِل لِابْنِ الْأَثِير عَن النَّبِي ﷺ َ - أَن الله تَعَالَى خلق آدم من قَبْضَة قبضهَا من جَمِيع الأَرْض فجَاء بَنو آدم على قدر الأَرْض مِنْهُم الْأسود والأحمر والأبيض وَبَين ذَلِك، وَمِنْهُم السهل والحزن وَبَين ذَلِك.
آدم: أَي من أَدِيم الأَرْض، خلق اللَّهِ جسده وَتَركه أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَقيل أَرْبَعِينَ سنة ملقى بِغَيْر روح وَقَالَ الْمَلَائِكَة: ﴿إِذا نفخت فِيهِ من روحي فقعوا لَهُ ساجدين، فَلَمَّا نفخ فِيهِ الرّوح سجد لَهُ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيس أبي واستكبروا وَكَانَ من الْكَافرين﴾ كبرا وحسدا، فأوقع اللَّهِ على إِبْلِيس اللَّعْنَة والأياس من رَحمته وَجعله شَيْطَانا رجيما وَأخرجه من الْجنَّة، بعد أَن كَانَ ملكا على سَمَاء الدُّنْيَا وَالْأَرْض، وخازنا من خزان الْجنَّة. وأسكن آدم الْجنَّة، ثمَّ خلق من ضلع آدم حَوَّاء زَوجته وَسميت حَوَّاء: لِأَنَّهَا خلقت من شَيْء حَيّ، فَقَالَ اللَّهِ: ﴿يَا آدم اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة وكلا مِنْهَا رغدا حَيْثُ شئتما وَلَا تقربا هَذِه الشَّجَرَة فتكونا من الظَّالِمين﴾ .
ثمَّ أَن إِبْلِيس أَرَادَ دُخُول الْجنَّة ليوسوس لآدَم، فَمَنعه الخزنة، فَعرض نَفسه على دَوَاب الأَرْض أَن تحمله حَتَّى يدْخل الْجنَّة ليكلم آدم وَزَوجته، فَأبى الْجَمِيع ذَلِك إِلَّا الْحَيَّة فأدخلته الْجنَّة بَين نابيها، وَكَانَت الْحَيَّة على غير شكلها الْآن، فوسوس لآدَم وَزَوجته وَحسن عِنْدهم الْأكل من الشَّجَرَة الَّتِي نهاهما اللَّهِ عَنْهَا - وَهِي الْحِنْطَة - وَقدر عِنْدهمَا أَنَّهُمَا إِن أكلا مِنْهَا خلدا وَلم يموتا. فأكلا مِنْهَا فبدت لَهما سوآتهما، فَقَالَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿اهبطوا بَعْضكُم لبَعض عَدو﴾ آدم وحواء وإبليس والحية، وأهبطهم اللَّهِ من الْجنَّة إِلَى الأَرْض، وسلب آدم وحواء كل مَا كَانَا فِيهِ من النِّعْمَة والكرامة.
وَلما هَبَط آدم إِلَى الأَرْض كَانَ لَهُ ولدان هابيل وقابيل وَيُسمى قابيل قاين أَيْضا، فَقرب كل من هابيل وقابيل قربانا، وَكَانَ قرْبَان هابيل خيرا من قرْبَان قابيل، فَتقبل قرْبَان هابيل وَلم يتَقَبَّل قرْبَان قابيل، فحسده على ذَلِك، وَقتل قابيل هابيل، وَقيل: بل كَانَ لقابيل أُخْت توأم، وَكَانَت أحسن من توأم هابيل، وَأَرَادَ آدم أَن يُزَوّج توأم قابيل بهابيل وتوأم هابيل بقابيل، فَلم يطب لقابيل ذَلِك، وَأخذ قابيل توأمه وهرب بهَا. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 9
وَبعد قتل هابيل ولد لآدَم شِيث لمضي مِائَتَيْنِ وَثَلَاثَة سنة من عمر آدم، وَهُوَ وَصِيّ آدم، وَتَفْسِير شِيث: هبة اللَّهِ، وَإِلَى شِيث يَنْتَهِي أَنْسَاب بني آدم كلهم.
وَلما صَار لشيث مِائَتَان وَخمْس سِنِين ولد لَهُ أنوش لمضي أَرْبَعمِائَة وَخمْس وَثَلَاثِينَ سنة من عمر آدم، قَالَت الصابئة: ولد لشيث ابْن آخر اسْمه صابىء وَإِلَيْهِ تنْسب الصائبة وَلما صَار لأنوش مائَة وَتسْعُونَ سنة ولد لَهُ قينان لمضي سِتّمائَة وَخمْس وَعشْرين سنة من عمر آدم. .
وَلما صَار لقينان مائَة وَسَبْعُونَ سنة ولد لَهُ مهلابيل لمضي سَبْعمِائة وَخمْس وَتِسْعين سنة من عمر آدم.
وَلما مضى لمهلاييل مائَة وَخمْس وَثَلَاثُونَ سنة توفّي آدم لمضي تِسْعمائَة وَثَلَاثِينَ سنة من عمره هُوَ جملَة عمره. عَن ابْن الْجَوْزِيّ: أَن آدم عِنْد مَوته بلغ وَلَده وَولد وَلَده أَرْبَعِينَ ألفا. وَلما صَار لمهلاييل مائَة وَخمْس وَسِتُّونَ سنة ولد لَهُ يزدْ - بالزاي الْمُعْجَمَة وَالدَّال الْمُهْملَة.
وَلما صَار ليزد مائَة وَاثْنَتَانِ وَسِتُّونَ سنة ولد لَهُ حنوخ - بِمُهْملَة وبنون ومعجمة -. ولمضي عشْرين سنة من عمر حنوخ توفّي شِيث وعمره تِسْعمائَة واثنتا عشرَة سنة، وَكَانَت وَفَاة شِيث لمضي ألف وَمِائَة واثنتين وَأَرْبَعين لهبوط آدم، وَاسم شِيث عِنْد الصابئة عاديمون.
وَلما صَار لحنوخ مائَة وَخمْس وَسِتُّونَ سنة ولد لَهُ متوشلح - بمثناة فَوق، وَقيل: مُثَلّثَة وَآخره مُهْملَة -.
وَلما مضى من عمر متوشلح ثَلَاث وَخَمْسُونَ سنة توفّي أنوش بن شِيث، وَكَانَ عمر أنوش لما توفّي تِسْعمائَة وَخمسين سنة.
وَلما صَار لمتوشلح مائَة وَسبع وَسِتُّونَ سنة ولد لَهُ لامخ وَيُقَال: لامك ولمك أَيْضا. وَلما مضى إِحْدَى وَسِتُّونَ سنة من عمر لامخ توفّي قينان بن أنوش وعمره تِسْعمائَة وَعشر سِنِين.
وَلما صَار للامخ مائَة وثمان وَثَمَانُونَ سنة ولد لَهُ نوح بعد مُضِيّ ألف وسِتمِائَة واثنتين وَأَرْبَعين سنة من هبوط آدم. وَلما مضى من عمر نوح أَربع وَثَلَاثُونَ سنة توفّي مهلابيل بن قينان، وَعمر مهلاييل لما توفّي ثَمَانمِائَة وَخمْس وَتسْعُونَ سنة. وَلما مضى من عمر نوح مِائَتَان وست وَسِتُّونَ سنة توفّي يزدْ بن مهلابيل وعمره تِسْعمائَة وَاثْنَتَانِ وَسِتُّونَ سنة.
وَأما حنوخ - وَهُوَ إِدْرِيس - فَرفع لما بلغ ثَلَاثمِائَة وخمسا وَسِتِّينَ سنة إِلَى السَّمَاء لمضي ثَلَاث عشرَة سنة من عمر لامخ قبل ولادَة نوح بِمِائَة وَخمْس وَسبعين سنة ونبأ اللَّهِ إِدْرِيس وانكشفت لَهُ الْأَسْرَار السماوية، وَله صحف مِنْهَا: لَا ترموا أَن تحيطوا بِاللَّه خبْرَة فَإِنَّهُ أعظم وَأَعْلَى أَن يُدْرِكهُ بِظَنّ المخلوقون إِلَّا من آثره. ومتوشلح بن حنوخ توفّي لمضي سِتّمائَة سنة من عمر نوح عِنْد ابْتِدَاء مَجِيء الطوفان، وَعمر متوشلح لما توفّي تِسْعمائَة وتسع وَسِتُّونَ سنة. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 10
وَلما صَار لنوح خَمْسمِائَة سنة ولد لَهُ سَام وَحَام وَيَافث، ولمضي سِتّمائَة من عمر نوح كَانَ الطوفان لمضي أَلفَيْنِ وَمِائَتَيْنِ واثنتين وَأَرْبَعين سنة من هبوط آدم.
(ذكر نوح وَولده)
من الْكَامِل، أرسل نوح إِلَى قومه، وَكَانُوا أهل أوثان على الْأَصَح بِدَلِيل: ﴿لَا تذرن آلِهَتكُم وَلَا تَذَرُون ودا وَلَا سواعا﴾ الْآيَة، وَصَارَ نوح يَدعُوهُم وَلَا يلتفتون، ويخنقونه حَتَّى يغشى عَلَيْهِ فَإِذا أَفَاق قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لقومي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ، وَبَقِي لَا يَأْتِي قرن مِنْهُم إِلَّا أَخبث من الَّذِي قبله، وَكم ضربوه حَتَّى ظنُّوا مَوته فيفيق ويغتسل وَيقبل يَدعُوهُم.
فَلَمَّا طَال عَلَيْهِ شكا إِلَى اللَّهِ فَأوحى إِلَيْهِ: " أَنه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن " فَلَمَّا يئس مِنْهُم دَعَا عَلَيْهِم ﴿رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا﴾ . فَأوحى اللَّهِ إِلَيْهِ أَن يصنع السَّفِينَة، وصاروا يسخرون مِنْهُ وَيَقُولُونَ: يَا نوح قد صرت نجارا بعد النُّبُوَّة، صنعها من خشب الساج.
فَلَمَّا فار التَّنور - وَكَانَ هُوَ الْآيَة بَين نوح وَبَين ربه ﷿ حمل نوح من أمره اللَّهِ بِحمْلِهِ وَمِنْهُم أَوْلَاده سَام وَحَام وَيَافث وَنِسَاؤُهُمْ، وَقيل: حمل أَيْضا سِتَّة أناسي، وَقيل: ثَمَانِينَ رجلا أحدهم جرهم كلهم من بني شِيث، ثمَّ أَدخل مَا أمره اللَّهِ من الدَّوَابّ، وتخلف عَن نوح ابْنه يام كَافِرًا. وارتفع المَاء وطما. ﴿وَهِي تجْرِي بهم فِي موج كالجبال﴾ وَعلا المَاء على رُؤُوس الْجبَال خَمْسَة عشر ذِرَاعا فَهَلَك مَا على وَجه الأَرْض من حَيَوَان ونبات، وبينما أرسل المَاء وغاض سِتَّة أشهر وَعشر لَيَال، وَقيل: كَانَ ركُوب نوح فِي السَّفِينَة لعشر لَيَال مَضَت من رَجَب لعشر خلت من آب، وَخرج من السَّفِينَة يَوْم عَاشُورَاء من الْمحرم، واستقرت على الجودي من أَرض الْموصل.
قَالَ ابْن الْأَثِير: وَالْمَجُوس لَا يعترفون بالطوفان، وَبَعْضهمْ يزْعم أَنه كَانَ بإقليم بابل وَمَا قرب مِنْهُ وَأَن مسَاكِن ولد جيومرث كَانَت بالمشرق فَلم تصلهم، وَكَذَلِكَ جَمِيع الْأُمَم المشرقية من الْهِنْد وَالْفرس والصين لَا يعترفون بالطوفان وَبَعض الْفرس يَقُول: لم يعم وَلم يَتَعَدَّ عقبَة حلوان.
وَالصَّحِيح: أَن جمع أهل الأَرْض من ولد نوح لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَجَعَلنَا ذُريَّته هم البَاقِينَ﴾ . فَجَمِيع النَّاس من ولد سَام وَحَام وَيَافث أَوْلَاد نوح، فسام أَبُو الْعَرَب وَفَارِس وَالروم، وَحَام أَبُو السودَان، وَيَافث أَبُو التّرْك. ويأجوج وَمَأْجُوج والفرنج والقبط من ولد قوط بن حام، وَولد لحام أَيْضا ماريغ ولماريغ كنعان، وَبَنُو كنعان كَانُوا أَصْحَاب الشَّام حَتَّى غزتهم بَنو إِسْرَائِيل نَقله ابْن سعد.
وَقَالَ ابْن الْأَثِير: بَنو كنعان من ولد سَام، ولسام أَوْلَاد مِنْهُم: لاوذ وللاوذ فَارس، وجرجان، وطسم، وعمليق أَبُو العماليق وَمِنْهُم الْجَبَابِرَة بِالشَّام والفراعنة بِمصْر، وسكنت بَنو طسم الْيَمَامَة إِلَى الْبَحْرين، وَمن ولد سَام أَيْضا أرم بن سَام، ولأرم أَوْلَاد مِنْهُم جاثر، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 11
وَمن ولد جاثر ثَمُود وجديس، وَولد لأرم أَيْضا عوض، وَمن عوض عَاد وَكَانَ كَلَام ولد أرم الْعَرَبيَّة، وسكنت بَنو عَاد الرمل إِلَى حَضرمَوْت، وسكنت ثَمُود الْحجر بَين الْحجاز وَالشَّام.
عدنا إِلَى ذكر من على عَمُود النّسَب من نوح إِلَى إِبْرَاهِيم: ولد لنوح سَام وَحَام وَيَافث لمضي خَمْسمِائَة سنة، والطوفان لستمائة من عمره.
وَولد لسام أرفخشذ لمضي مائَة وَسِتِّينَ من عمر سَام بعد الطوفان بِسنتَيْنِ.
وَلما بلغ أرفخشذ مائَة وخمسا وَثَلَاثِينَ سنة ولد لَهُ قينان، فولادة قينان تكون لمضي مائَة وَسبع وَثَلَاثِينَ سنة للطوفان.
وَلما بلغ قينان مائَة وتسعا وَثَلَاثِينَ ولد لَهُ شالخ، فَتكون ولادَة شالخ لمضي مِائَتَيْنِ وست وَسبعين من الطوفان. وَلما مَضَت سنة ثلثمِائة وَخمسين للطوفان توفّي نوح وعمره تِسْعمائَة وَخَمْسُونَ سنة، فوفاة نوح لمضي أَربع وَسبعين من عمر شالخ.
وَلما بلغ شالخ مائَة وَثَلَاثِينَ سنة لمضي أَرْبَعمِائَة وست سِنِين للطوفان ولد لَهُ غابر.
وَلما بلغ غابر مائَة وأربعا وَثَلَاثِينَ سنة ولد لَهُ فالغ لمضي خَمْسمِائَة وَأَرْبَعين للطوفان. ثمَّ ولد لفالغ أرغو ولفالغ مائَة وَثَلَاثُونَ سنة.
وَعند مولد أرغو تبلبلت الألسن، وَقسمت الأَرْض. وتفرق بَنو نوح، وَذَلِكَ لمضي سِتّمائَة وَسبعين للطوفان.
وَلما صَار لأرغو مِائَتَان وَاثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ ولد لَهُ ساروغ - واسْمه فِي التَّوْرَاة سرُور - وَذَلِكَ لمضي ثَمَانمِائَة وَسِتِّينَ للطوفان.
وَلما صَار لساروغ مائَة وَثَلَاثُونَ سنة ولد لَهُ ناخور لمضي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة للطوفان.
وَلما صَار لناخور تسع وَسَبْعُونَ سنة ولد لَهُ تارخ لمضي ألف وَإِحْدَى عشرَة سنة للطوفان.
وَلما صَار لتاريخ سَبْعُونَ سنة ولد لَهُ إِبْرَاهِيم الْخَلِيل ﷺ َ - لمضي ألف وَإِحْدَى وَثَمَانِينَ للطوفان.
جملَة أَعمار الْمَذْكُورين: عَاشَ سَام سِتّمائَة، فَتكون وَفَاته بعد وَفَاة نوح بِمِائَة وَخمسين سنة. وعاش أرفخشذ أَرْبَعمِائَة وخمسا وَسِتِّينَ. وقينان أَرْبَعمِائَة وَثَلَاثِينَ. وشالخ أَرْبَعمِائَة وَسِتِّينَ. وغابر أَرْبَعمِائَة وأربعا وَسِتِّينَ. وفالغ ثلثمِائة وتسعا وَثَلَاثِينَ سنة. وأرغو ثلثمِائة وتسعا وَثَلَاثِينَ. وساروغ ثلثمِائة وَثَلَاثِينَ. وناخور مِائَتَيْنِ وثمان سِنِين. وتارخ مِائَتَيْنِ وَخمْس سِنِين.
سَبَب تبلبل الْأَلْسِنَة: قَالَ أَبُو عِيسَى: اجْتمع بَنو نوح الناشئون بعد الطوفان على بِنَاء ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 12
حصن خوفًا من الطوفان ثَانِيًا وَقَالُوا: نَبْنِي صرحا شامخا يبلغ السَّمَاء، فَجعلُوا لَهُ اثْنَيْنِ وَسبعين برجا على كل برج كَبِير مِنْهُم يستحث على الْعَمَل، فانتقم اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُم وبلبلهم إِلَى لُغَات شَتَّى، وَلم يوافقهم غابر على ذَلِك وَاسْتمرّ على طَاعَة اللَّهِ، فبقاه اللَّهِ على اللُّغَة العبرانية. وَلما افترق بَنو نوح صَار لولد سَام الْعرَاق وَفَارِس وَمَا يَلِي كَذَا إِلَى الْهِنْد، ولولد حام الْجنُوب مِمَّا يَلِي مصر على النّيل ومغربا إِلَى الْمغرب الْأَقْصَى، ولولد يافث مَا يَلِي بَحر الخزر ومشرقا إِلَى جِهَة الصين، وَكَانَت شعوب أَوْلَاد نوح عِنْد تبلبل الْأَلْسِنَة اثْنَيْنِ وَسبعين شعبًا.
(ذكر هود وَصَالح)
نبيان أرسلا بعد نوح وَقبل إِبْرَاهِيم، وَقيل: إِن هودا هُوَ غابر بن شالخ. أرسل اللَّهِ هودا إِلَى عَاد أهل أصنام ثَلَاثَة، وَكَانَت عَاد وَثَمُود جبارين طوَالًا بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: ﴿واذْكُرُوا إِذْ جعلكُمْ خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم فِي الْخلق بسطة﴾ . ودعا هود قوم عَاد فَلم يُؤمن مِنْهُم إِلَّا الْقَلِيل،، فَأهْلك اللَّهِ الَّذين لم يُؤمنُوا برِيح سبع لَيَال وَثَمَانِية أَيَّام حسوما أَي دَائِما، فَلم تدع من عَاد أحدا حَتَّى هلك غير هود وَالْمُؤمنِينَ مَعَه فَإِنَّهُم اعتزلوا فِي حَظِيرَة. وَبَقِي هود كَذَلِك حَتَّى مَاتَ وقبره بحضرموت، وَقيل بِحجر مَكَّة.
قيل: من قوم عَاد لُقْمَان غير الْحَكِيم الَّذِي على عهد دَاوُد، وَحصل لعاد قبل هلاكهم جَدب فأرسلوا جمَاعَة مِنْهُم إِلَى مَكَّة يستسقون لَهُم، مِنْهُم لُقْمَان. فَلَمَّا هَلَكت عَاد بَقِي لُقْمَان بِالْحرم، فَقَالَ لَهُ اللَّهِ تَعَالَى: اختر وَلَا سَبِيل إِلَى الخلود، فَقَالَ: يَا رب أَعْطِنِي عمر سَبْعَة أنسر. فَكَانَ يَأْخُذ الفرخ الذّكر حِين يخرج من بيضته حَتَّى مَاتَ أَخذ غَيره، وعاش كل نسر ثَمَانِينَ سنة، وَاسم النسْر السَّابِع لبد، فَلَمَّا مَاتَ لبد مَاتَ لُقْمَان مَعَه. وَقد كثر ذكر هَذَا نظما ونثرا.
وَأرْسل اللَّهِ صَالحا إِلَى ثَمُود، وَهُوَ صَالح بن عبيد بن آسَف بن ماشخ بن عبيد بن جاثر بن ثَمُود، فَدَعَا صَالح قوم ثَمُود - كَانُوا بِالْحجرِ - إِلَى التَّوْحِيد فَلم يُؤمنُوا بِهِ إِلَّا قَلِيل مستضعفون، ثمَّ أَن كفارهم عاهدوه على أَنه إِن أَتَى بِمَا يقترحونه آمنُوا، فاقترحوا أَن يخرج من صَخْرَة مُعينَة نَاقَة،
فَسَأَلَ صَالح اللَّهِ، فَأخْرج نَاقَة، وَولدت فصيلا. فَلم يُؤمنُوا، وَفِي الآخر عقروها، فأهلكوا بعد ثَلَاثَة أَيَّام بصيحة من السَّمَاء فِيهَا صَوت كل صَاعِقَة، فتقطعت قُلُوبهم فَأَصْبحُوا فِي دِيَارهمْ جاثمين؛ وَسَار صَالح إِلَى فلسطين، ثمَّ إِلَى الْحجاز يعبد اللَّهِ حَتَّى مَاتَ ابْن ثَمَان وَخمسين سنة.
(ذكر إِبْرَاهِيم ﷺ َ -)
هُوَ إِبْرَاهِيم بن تارخ - وَهُوَ آزر - بن ناخور بن ساروغ بن أرغو بن فالغ بن غابر بن .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 13
شالخ بن أرفخشذ بن سَام بن نوح، وَأسْقط ذكر قينان بن أرفخشذ من عَمُود النّسَب قيل: لِأَنَّهُ كَانَ ساحرا فَقَالُوا: شالخ بن أرفخشذ وبالحقيقة هُوَ شالخ بن قينان بن أرفخشذ. ولد إِبْرَاهِيم بالأهواز، وَقيل: بِبَابِل - وَهِي الْعرَاق -، وَكَانَ آزر أَبوهُ يصنع الْأَصْنَام ويعطيها إِبْرَاهِيم ليبيعها فَيَقُول: من يَشْتَرِي مَا يضرّهُ وَلَا يَنْفَعهُ.
وَلما أَمر إِبْرَاهِيم بِدُعَاء قومه إِلَى التَّوْحِيد دَعَا أَبَاهُ فَلم يجبهُ، ودعا قومه فاتصل أمره بنمروذ بن كوش ملك تِلْكَ الْبِلَاد، وَكَانَ نمروذ عَاملا على سَواد الْعرَاق وَمَا اتَّصل بِهِ للضحاك، وَقيل: كَانَ مُسْتقِلّا. فَرمى نمروذ إِبْرَاهِيم فِي نَار عَظِيمَة فَكَانَت النَّار عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا، وَخرج من النَّار بعد أَيَّام، وآمن بِهِ رجال من قومه على خوف من نمروذ، وَآمَنت بِهِ زَوجته سارة بنت عَمه هاران.
ثمَّ أَن إِبْرَاهِيم وَمن آمن مَعَه وأباه - على كفره - هَاجرُوا إِلَى حران مُدَّة؛ ثمَّ سَار إِبْرَاهِيم إِلَى مصر وصاحبها فِرْعَوْن، قيل: اسْمه سِنَان بن علوان، وَقيل: طوليس، فَذكر جمال سارة لفرعون، فأحضرها وَسَأَلَ إِبْرَاهِيم عَنْهَا، فَقَالَ: هَذِه أُخْتِي - يَعْنِي فِي الْإِسْلَام فهم فِرْعَوْن بهَا فأيبس اللَّهِ يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ، فَلَمَّا تخلى عَنْهَا أطلق، ثمَّ هم بهَا فَجرى لَهُ ذَلِك، فَأطلق سارة وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي لهَذِهِ أَن تخْدم نَفسهَا فَوَهَبَهَا هَاجر جَارِيَة، فَجَاءَت بهَا إِلَى إِبْرَاهِيم.
ثمَّ سَار إِبْرَاهِيم من مصر إِلَى الشَّام وَأقَام بَين الرملة وإيليا، وَكَانَت سارة لَا تَلد فَوهبت إِبْرَاهِيم هَاجر فَولدت مِنْهُ إِسْمَاعِيل - وَمَعْنَاهُ بالعبراني: مُطِيع اللَّهِ - لمضي سِتّ وَثَمَانِينَ من عمر إِبْرَاهِيم، فحزنت سارة لذَلِك فَوَهَبَهَا اللَّهِ إِسْحَاق، وَلدته سارة بنت تسعين سنة.
وَغَارَتْ سارة من هَاجر وَابْنهَا وَقَالَت: ابْن الْأمة لَا يَرث مَعَ ابْني، وَطلبت من إِبْرَاهِيم إخراجهما عَنْهَا. فَسَار بهما إِلَى الْحجاز وتركهما بِمَكَّة، وَتزَوج إِسْمَاعِيل بِمَكَّة امْرَأَة من جرهم، وَمَاتَتْ أمة بِمَكَّة، وَقدم إِلَيْهِ إِبْرَاهِيم وبنيا الْكَعْبَة - الْبَيْت الْحَرَام -، ثمَّ أمره الله بِذبح وَلَده، وَقيل: إِسْحَاق: وَقيل: إِسْمَاعِيل، وفداه اللَّهِ بكبش. وَكَانَ إِبْرَاهِيم فِي آخر أَيَّام بيوراسب الضَّحَّاك، وَسَيذكر مَعَ الْفرس فِي أول ملك أفريدون، والنمروذ عَامله.
ولإبراهيم أَخَوان هاران وناخور ابْنا آزر، فهاران أولد لوطا، وأولد ناخور تبويل، وأولد تبويل لَا بَان، وأولد لَا بَان ليا وراحيل زَوْجَتي يَعْقُوب.
وَمن زعم أَن الذَّبِيح إِسْحَاق يَقُول: مَوضِع الذّبْح بِالشَّام على ميلين من إيليا - وَهِي بَيت الْمُقَدّس -، وَمن زعم أَنه إِسْمَاعِيل يَقُول: كَانَ بِمَكَّة.
وَاخْتلف فِي الْأُمُور الَّتِي ابتلى اللَّهِ إِبْرَاهِيم بهَا قيل: هِيَ هجرته عَن وَطنه والختان وَذبح ابْنه، وَقيل غير ذَلِك. وَفِي أَيَّام إِبْرَاهِيم توفيت سارة بعد هَاجر وَفِيه خلاف وَتزَوج بعد سارة امْرَأَة من الكنعانيين ولدت من إِبْرَاهِيم سِتَّة، فجملة أَوْلَاده ثَمَانِيَة بِإِسْمَاعِيل. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 14
وَإِسْحَاق وَفِيه خلاف. وَتقدم أَن إِبْرَاهِيم ولد لمضي ألف وَإِحْدَى وَثَمَانِينَ من الطوفان.
وَلما صَار لإِبْرَاهِيم مائَة سنة ولد لَهُ إِسْحَاق وَلما صَار لإسحاق سِتُّونَ سنة ولد لَهُ يَعْقُوب. وَلما صَار ليعقوب سِتّ وَثَمَانُونَ ولد لَهُ لاوى. وَلما صَار للاوى سِتّ وَأَرْبَعُونَ ولد لَهُ قاهاث. وَلما صَار لقاهاث ثَلَاث وَسِتُّونَ ولد لَهُ عمرَان. وَلما صَار لعمران سَبْعُونَ ولد لَهُ مُوسَى ﷺ، فولادة مُوسَى لمضي أَرْبَعمِائَة وَخمْس وَعشْرين من مولد إِبْرَاهِيم، وعاش مُوسَى مائَة وَعشْرين فَبين. ولادَة إِبْرَاهِيم ووفاة مُوسَى خَمْسمِائَة وَخمْس وَأَرْبَعُونَ سنة.
جملَة أعمارهم: عَاشَ إِبْرَاهِيم مائَة وخمسا وَسبعين، وَإِسْحَاق مائَة وَثَمَانِينَ وَيَعْقُوب مائَة وَسبعا وَأَرْبَعين، ولاوى مائَة وَسبعا وَثَلَاثِينَ؛ وقاهات مائَة وَسبعا وَعشْرين، وَعمْرَان مائَة وستا وَثَلَاثِينَ. وَمَات إِبْرَاهِيم ولإسحاق خمس وَسَبْعُونَ، وَمَات إِسْحَاق وليعقوب مائَة وَعِشْرُونَ، وَمَات يَعْقُوب وللاوى سِتُّونَ، ولاوي ولقاهاث إِحْدَى وَثَمَانُونَ، وقاهاث ولعمران أَربع وَسِتُّونَ، وَعمْرَان ولموسى سِتّ وَسِتُّونَ سنة بِنَاء على أَن جملَة عمر عمرَان مائَة وست وَثَلَاثُونَ.
وَاخْتلف فِي معنى الصُّحُف الْمنزلَة على إِبْرَاهِيم، فَعَن أبي ذَر عَن النَّبِي ﷺ َ - أَنَّهَا أَمْثَال مِنْهَا: أَيهَا الْمُسَلط الْمَغْرُور إِنِّي لم أَبْعَثك لِتجمع الدُّنْيَا بَعْضهَا على بعض وَلَكِن بَعَثْتُك لِترد عني دَعْوَة الْمَظْلُوم فَإِنِّي لَا أردهَا وَلَو كَانَت من كَافِر، وعَلى الْعَاقِل أَن يكون بَصيرًا بِزَمَانِهِ، مُقبلا على شانه حَافِظًا لِلِسَانِهِ، وَمن عد كَلَامه من عمله قل كَلَامه إِلَّا فِيمَا يعنيه.
وَإِبْرَاهِيم أول من اختتن، وأضاف الضَّيْف، وَلبس السَّرَاوِيل
وَلُوط ابْن أخي إِبْرَاهِيم أَبوهُ هاران بن آزر وَهُوَ تارخ، وَبَاقِي النّسَب مر مَعَ إِبْرَاهِيم. آمن لوط بِعَمِّهِ إِبْرَاهِيم وَهَاجَر مَعَه إِلَى مصر، وَعَاد إِلَى الشَّام وأرسله اللَّهِ إِلَى أهل سدوم - أهل كفر وفاحشة - دعاهم ونهاهم فَلم يلتفتوا، وَكَانُوا يأْتونَ الرِّجَال ويقطعون السَّبِيل ويأتون فِي ناديهم الْمُنكر، كَانَ قطعهم الطَّرِيق إمساكهم الْمُسَافِر واللواط بِهِ.
فَلَمَّا طَال على لوط تماديهم سَأَلَ اللَّهِ النُّصْرَة، فَأرْسل اللَّهِ الْمَلَائِكَة لقلب سدوم وقراها الْخمس، وَكَانَ بسدوم أَرْبَعمِائَة ألف، وقراها: صبغة وعمره وأذمى وصيويم وبالع. وأعلمت الْمَلَائِكَة إِبْرَاهِيم بِمَا أمروا بِهِ من الْخَسْف بِقوم لوط، فَسَأَلَ إِبْرَاهِيم جِبْرِيل فيهم وَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْت إِن كَانَ فيهم خَمْسُونَ من الْمُسلمين؟ فَقَالَ جِبْرِيل: إِن كَانَ فيهم خَمْسُونَ لَا نعذبهم. قَالَ إِبْرَاهِيم: وَأَرْبَعُونَ؟ قَالَ: وَأَرْبَعُونَ. قَالَ: وَثَلَاثُونَ؟ قَالَ: وَثَلَاثُونَ. قَالَ إِبْرَاهِيم: وَعشرَة؟ قَالَ جِبْرِيل: وَعشرَة. فَقَالَ إِبْرَاهِيم: إِن هُنَاكَ لوطا؟ فَقَالَ جِبْرِيل وَالْمَلَائِكَة: نَحن أعلم بِمن فِيهَا.
فَلَمَّا وصلت الْمَلَائِكَة إِلَى لوط هم قومه أَن يلوطوا بهم، فأعماهم جِبْرِيل بجناحه وَقَالَت الْمَلَائِكَة للوط، " نَحن رسل رَبك فَأسر بأهلك بِقطع من اللَّيْل وَلَا يلْتَفت مِنْكُم أحد ". فَلَمَّا خرج لوط بأَهْله قَالَ للْمَلَائكَة: أهلكوهم السَّاعَة، فَقَالُوا: لم نؤمر إِلَّا بالصبح ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 15
أَلَيْسَ الصُّبْح بقريب. فَلَمَّا كَانَ الصُّبْح قلبت الْمَلَائِكَة سدوم وقراها الْخمس بِمن فِيهَا، وَسمعت امْرَأَة لوط الهدة فَقَالَت: واقوماه! فأدركها حجر فَقَتلهَا. وأمطر اللَّهِ الْحِجَارَة على من لم يكن بالقرى فأهلكهم.
وَولد إِسْمَاعِيل ولإبراهيم سِتّ وَثَمَانُونَ سنة، وَلما صَار لإسماعيل ثَلَاث عشرَة سنة تطهر هُوَ وَأَبوهُ إِبْرَاهِيم. وَلما صَار لإِبْرَاهِيم مائَة سنة وَولد لَهُ إِسْحَاق أخرج إِسْمَاعِيل وَأمه إِلَى مَكَّة، وَسكن مَكَّة مَعَ إِسْمَاعِيل قبائل جرهم كَانُوا قبله بِالْقربِ من مَكَّة فاختلطوا بِهِ، وَتزَوج مِنْهُم ورزق من الجرهمية اثْنَي عشر ولدا.
وَلما أَخذ إِبْرَاهِيم فِي بِنَاء بَيت اللَّهِ وَإِسْمَاعِيل يناوله الْحِجَارَة بِأَمْر اللَّهِ كَانَا كلما بنيا قَالَا: رَبنَا تقبل منا أَنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم. وَكَانَ وقُوف إِبْرَاهِيم على حجر وَهُوَ يَبْنِي وَذَلِكَ الْموضع مقَام إِبْرَاهِيم. وَاسْتمرّ الْبَيْت على مَا بناه حَتَّى هدمته قُرَيْش سنة خمس وَثَلَاثِينَ من مولد النَّبِي ﷺ َ -، وَبِنَاء إِبْرَاهِيم الْكَعْبَة بعد مَا مضى مائَة سنة من عمره، فَبين ذَلِك وَبَين الْهِجْرَة أَلفَانِ وَسَبْعمائة وَثَلَاث وَتسْعُونَ سنة تَقْرِيبًا.
وَأرْسل اللَّهِ إِسْمَاعِيل إِلَى قبائل الْيمن وَإِلَى العماليق، وَزوج إِسْمَاعِيل ابْنَته من ابْن أَخِيه الْعيص بن إِسْحَاق، وعاش إِسْمَاعِيل مائَة وَسَبْعَة وَثَلَاثِينَ سنة، وَمَات بِمَكَّة، وَدفن عِنْد قبر أمه بِالْحجرِ، ووفاة إِسْمَاعِيل بعد وَفَاة إِبْرَاهِيم بثمان وَأَرْبَعين سنة.
ثمَّ أَن إِسْحَاق تزوج ابْنة عَمه فَولدت لَهُ الْعيص وَيَعْقُوب، وَيُقَال ليعقوب إِسْرَائِيل، وأولد الْعيص زَوجته بنت عَمه إِسْمَاعِيل أَوْلَادًا، ونكح يَعْقُوب ليا بنت لابان بن ثبويل بن ناخور بن آزر وَالِد إِبْرَاهِيم فَولدت ليا روبيل أكبر أَوْلَاد يَعْقُوب، ثمَّ شَمْعُون ولاوى ويهوذا، ثمَّ تزوج يَعْقُوب عَلَيْهَا أُخْتهَا راحيل فَولدت لَهُ يُوسُف وبنيامين، وَكَذَلِكَ ولد ليعقوب من سريتين لَهُ سِتَّة أَوْلَاد فَكَانَ بَنو يَعْقُوب اثْنَا عشر هم آبَاء الأسباط، وَأقَام إِسْحَاق بِالشَّام حَتَّى توفّي ابْن مائَة وَثَمَانِينَ، وَدفن عِنْد أَبِيه إِبْرَاهِيم صلوَات اللَّهِ عَلَيْهِم.
أَسمَاء آبَاء الأسباط الإثني عشر: روبيل، ثمَّ شَمْعُون، ثمَّ لاوى، ثمَّ يهوذا، ثمَّ يساخر، ثمَّ زيولون، ثمَّ يُوسُف، ثمَّ بنيامين، ثمَّ دَان، ثمَّ تفتالي، ثمَّ كاذ، ثمَّ أَشَارَ.
(ذكر أَيُّوب ﵇
قد عد من أمة الرّوم لِأَنَّهُ من ولد الْعيص، هُوَ أَيُّوب بن موص بن رازح بن الْعيص بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَزَوْجَة أَيُّوب رَحْمَة.
وَكَانَ لأيوب البثنة من أَعمال دمشق ملكا وأموالا عَظِيمَة، فابتلي بذهاب الْأَمْوَال وبالفقر وَهُوَ على عِبَادَته وشكره، ثمَّ ابْتُلِيَ فِي جسده حَتَّى تجذم ودود مرميا على مزبلة لَا تطاق رَائِحَته، وَرَحْمَة تخدمه صابرة عَلَيْهِ، فتراءى لَهَا إِبْلِيس وأراها مَا ذهب لَهُم وَقَالَ: اسجدي لي لأرد مَا لكم إِلَيْكُم. فاستأذنت أَيُّوب فَغَضب وَحلف ليضربنها مائَة. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 16
ثمَّ عافاه اللَّهِ ورزقه، ورد إِلَى امْرَأَته شبابها وحسنها وَولدت لأيوب سِتَّة وَعشْرين ذكرا. ثمَّ أمره اللَّهِ أَن يَأْخُذ عرجونا من النّخل فِيهِ مائَة شِمْرَاخ فَيضْرب بِهِ زَوجته ليبر فِي يَمِينه، فَفعل. وَكَانَ أَيُّوب نَبيا فِي عهد يَعْقُوب فِي قَول بَعضهم، وَذكر أَن أَيُّوب عَاشَ ثَلَاثًا وَتِسْعين. وَمن ولد أَيُّوب ابْنه بشر بَعثه اللَّهِ بعد أَيُّوب وَسَماهُ ذَا الكفل، وَكَانَ مقَامه بِالشَّام.
(ذكر يُوسُف ﵇
وَولد ليعقوب يُوسُف وليعقوب إِحْدَى وَتسْعُونَ سنة، وفارقه وعمره ثَمَانِي عشر سنة، وافترقا إِحْدَى وَعشْرين سنة، واجتمعا بِمصْر وَعمر يَعْقُوب مائَة وَثَلَاثُونَ سنة، وبقيا مُجْتَمعين سبع عشرَة سنة، فعمر يُوسُف لما توفّي يَعْقُوب سِتّ وَخَمْسُونَ سنة، وعاش يُوسُف مائَة وَعشر سِنِين، فمولد يُوسُف لمضي مِائَتَيْنِ وَإِحْدَى وَخمسين من مولد إِبْرَاهِيم، ووفاته لمضي ثلثمِائة وَإِحْدَى وَسِتِّينَ من مولد إِبْرَاهِيم، وَتَكون وَفَاة يُوسُف قبل مولد مُوسَى بِأَرْبَع وَسِتِّينَ سنة محققا.
وحسدت يُوسُف إخْوَته لحسنه وَحب أَبِيه لَهُ، وألقوه فِي الْجب وَفِيه مَاء وصخرة فآوى إِلَيْهَا ثَلَاثَة أَيَّام، وَأخرجه السيارة من الْجب وأخذوه مَعَهم، وَجَاء أَخُوهُ يهوذا إِلَيْهِ بِطَعَام فَلم يجده، ثمَّ رَآهُ عِنْد السيارة، فَأخْبر يهوذا إخْوَته فأتوهم وَقَالُوا: هَذَا عَبدنَا أبق منا، وخافهم يُوسُف فَلم يذكر حَاله، فاشتروه من إخْوَته بِثمن بخس - قيل: عشرُون، وَقيل: أَرْبَعُونَ درهما - وذهبوا بِهِ إِلَى مصر فَبَاعَهُ استاذه من الْعَزِيز الَّذِي على خَزَائِن مصر، وَفرْعَوْن مصر حِينَئِذٍ الريان بن الْوَلِيد من العماليق من ولد عملاق بن سَام بن نوح.
وَلما اشْترى الْعَزِيز يُوسُف هويته امْرَأَته راعيل وراودته عَن نَفسهَا، فَأبى وهرب مِنْهَا، وَلَحِقتهُ من خَلفه وأمسكته بِقَمِيصِهِ فأنقد قَمِيصه، وَوصل أَمرهمَا إِلَى زَوجهَا الْعَزِيز وَابْن عَمها تينان، فَظهر لَهما بَرَاءَة يُوسُف وَأَنَّهَا هِيَ الَّتِي راودته، ثمَّ مَا زَالَت تَشْكُو من يُوسُف إِلَى زَوجهَا وَتقول: أَنه يَقُول للنَّاس أَنِّي راودته عَن نَفسه، وَقد فضحني. حَتَّى حَبسه زَوجهَا سبع سِنِين، ثمَّ أخرجه فِرْعَوْن مصر بِسَبَب تَعْبِيره الرُّؤْيَا.
وَلما مَاتَ الْعَزِيز الَّذِي اشْترى يُوسُف جعل فِرْعَوْن يُوسُف مَوْضِعه على خزائنه كلهَا وَجعل الْقَضَاء إِلَيْهِ وَحكمه نَافِذا، ودعا يُوسُف فِرْعَوْن الريان الْمَذْكُور إِلَى الْإِيمَان، فَآمن. وَبَقِي كَذَلِك إِلَى أَن مَاتَ الريان.
وَملك مصر بعده قَابُوس بن مُصعب من العمالقة أَيْضا وَلم يُؤمن. وَتُوفِّي يُوسُف ﵇ فِي ملكه بعد أَن وصل إِلَيْهِ أَبوهُ يَعْقُوب وَإِخْوَته جَمِيعهم من أَرض كنعان وَهِي الشَّام بِسَبَب الْمحل، وَاجْتمعَ شملهم سبع عشرَة سنة.
وَمَات يَعْقُوب وَأوصى إِلَى يُوسُف بدفنه مَعَ أَبِيه إِسْحَاق، فَسَار بِهِ وَدَفنه فِي الشَّام عِنْد أَبِيه، وَعَاد إِلَى مصر وَبهَا توفّي وَدفن؛ حَتَّى كَانَ من مُوسَى وَفرْعَوْن مَا كَانَ، فَلَمَّا سَار مُوسَى من مصر ببني إِسْرَائِيل إِلَى التيه نبش يُوسُف وَحمله مَعَه فِي التيه حَتَّى مَاتَ مُوسَى. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 17
فَلَمَّا قدم يُوشَع ببني إِسْرَائِيل إِلَى الشَّام دَفنه بِالْقربِ من نابلس، وَقيل: عِنْد الْخَلِيل.
ثمَّ بعث اللَّهِ شعيبا ﵇ إِلَى أَصْحَاب الأيكة وَأهل مَدين، قيل: شُعَيْب من ولد إِبْرَاهِيم، وَقيل: من ولد من آمن بإبراهيم. والأيكة: شجر ملتف، فَلم يُؤمنُوا، فأهلكوا بسحابة أمْطرت نَارا يَوْم الظلة، وَأهْلك أهل مَدين بالزلزلة.
ثمَّ أرسل اللَّهِ مُوسَى بن عمرَان بن قاهاث بن لاوى بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم نَبيا بشريعة بني إِسْرَائِيل، وَلما ولد كَانَ فِرْعَوْن مصر الْوَلِيد قد أَمر بقتل الْأَطْفَال، فخافت عَلَيْهِ أمه، وَألقى اللَّهِ تَعَالَى فِي قبلهَا أَن تلقيه فِي النّيل، فَجَعَلته فِي تَابُوت وألقته، والتقطته آسِيَة امْرَأَة فِرْعَوْن وربته وَكبر.
فَبينا هُوَ يمشي فِي بعض الْأَيَّام إِذْ وجد إِسْرَائِيلِيًّا وقبطيا يختصمان، فَوَكَزَ القبطي فَقضى عَلَيْهِ. ثمَّ اشْتهر ذَلِك، وَخَافَ من فِرْعَوْن فهرب نَحْو مَدين واتصل بشعيب وزوجه ابْنَته صفورة، وَأقَام يرْعَى غنم شُعَيْب عشر سِنِين.
ثمَّ سَار مُوسَى بأَهْله فِي زمن الشتَاء، وَأَخْطَأ الطَّرِيق وَامْرَأَته حَامِل، فَأَخذهَا الطلق فِي لَيْلَة شَاتِيَة، فَأخْرج زنده ليقدح فَلم تظهر لَهُ نَار وأعيا مِمَّا يقْدَح، فَقَالَ لأَهله: امكثوا ﴿إِنِّي آنست نَارا لعَلي آتيكم مِنْهَا بِخَبَر أَو آتيكم بشهاب قبس لَعَلَّكُمْ تصطلون﴾ . فَلَمَّا دنا مِنْهَا رأى نورا من السَّمَاء إِلَى شَجَرَة عَظِيمَة من العوسج وَقيل: من الْعنَّاب، فتحير مُوسَى وَخَافَ وَرجع، فنودى مِنْهَا، وَلما سمع الصَّوْت استأنس وَعَاد. فَلَمَّا أَتَاهَا نُودي من جَانب الْوَادي الْأَيْمن من الشَّجَرَة: يَا مُوسَى إِنِّي أَنا اللَّهِ رب الْعَالمين. وَلما رأى تِلْكَ الهيبة علم أَنه ربه فخفق قلبه وكل لِسَانه وضعفت منته، ثمَّ شدّ اللَّهِ قلبه، وَلما عَاد عقله نُودي: ﴿فاخلع نعليك إِنَّك بالواد الْمُقَدّس﴾ . وَجعل اللَّهِ عَصَاهُ وَيَده آيَتَيْنِ.
ثمَّ أقبل إِلَى أَهله وَسَار بهم نَحْو مصر حَتَّى أَتَاهُم لَيْلًا، وَاجْتمعَ بِهِ هَارُون وَسَأَلَهُ من أَنْت؟ فَقَالَ: أَنا مُوسَى، فتعارفا واعتنقا. ثمَّ قَالَ مُوسَى: يَا هَارُون أَن اللَّهِ تَعَالَى أرسلنَا إِلَى فِرْعَوْن فَانْطَلق معي إِلَيْهِ. فَقَالَ: سمعا وَطَاعَة. فَانْطَلقَا إِلَيْهِ، وَأرَاهُ مُوسَى عَصَاهُ ثعبانا فاغرا فَاه.
قلت: قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْكَشَّاف: كَانَ ثعبانا ذكرا أشعر فاغرا فَاه بَين لحييْهِ ثَمَانُون ذِرَاعا، وضع لحيه الْأَسْفَل على الأَرْض ولحيه الْأَعْلَى على سور الْقصر ثمَّ توجه نَحْو فِرْعَوْن ليأخذه، فَوَثَبَ فِرْعَوْن من سَرِيره وهرب وأحدث وَلم يكن أحدث قبل ذَلِك، وَحمل على النَّاس فانهمزموا وَمَات مِنْهُم خَمْسَة وَعِشْرُونَ ألفا فَقتل بَعضهم بَعْضًا، وَدخل فِرْعَوْن الْبَيْت وَصَاح: يَا مُوسَى خُذْهُ وَأَنا أُؤْمِن بك وَأرْسل مَعَك بني إِسْرَائِيل، فَأَخذه مُوسَى، فَعَاد عَصا وَالله أعلم. ثمَّ أَدخل يَده فِي جيبه، وأخرجها وَهِي بَيْضَاء لَهَا نور تكل مِنْهُ الْأَبْصَار، فَلم يسْتَطع فِرْعَوْن النّظر إِلَيْهَا، ثمَّ ردهَا إِلَى جيبه، وأخرجها فَإِذا هِيَ على لَوْنهَا الأول.
ثمَّ أحضر لَهما فِرْعَوْن السَّحَرَة وَعمِلُوا الْحَيَّات، وَألقى مُوسَى عَصَاهُ فتلقفت ذَلِك وآمن بِهِ السَّحَرَة، فَقَتلهُمْ فِرْعَوْن عَن آخِرهم. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 18
ثمَّ أَرَاهُم الْآيَات من الْقمل والضفادع وصيروة المَاء دَمًا، فَلم يُؤمن فِرْعَوْن وَلَا أَصْحَابه. وَآخر الْحَال أطلق فِرْعَوْن لبني إِسْرَائِيل مَعَ مُوسَى، ثمَّ نَدم فلحقهم بعسكره عِنْد بَحر القلزم، فَضرب مُوسَى بعصاه الْبَحْر، فانشق وَدخل فِيهِ هُوَ وَبَنُو إِسْرَائِيل، وتبعهم فِرْعَوْن وَجُنُوده، فانطبق الْبَحْر على فِرْعَوْن وَجُنُوده وغرقوا عَن آخِرهم.
وَمن معجزات مُوسَى قصَّته مَعَ قَارون ابْن عَم مُوسَى، رزقه الله مَالا عَظِيما قيل: إِن مَفَاتِيح خزائنه كَانَت حمل أَرْبَعِينَ بغلا، وَبنى دَارا صفحها بِالذَّهَب وأبوابها ذهب، فتكبر قَارون بِمَالِه على مُوسَى، وَاتفقَ مَعَ بني إِسْرَائِيل عَن الْخُرُوج عَن طَاعَته وَجعل لبغي - أَي قحبة - جعلا على أَن تقذف مُوسَى بِنَفسِهَا، ثمَّ أَتَى مُوسَى وَقَالَ: إِن قَوْمك قد اجْتَمعُوا، فَخرج إِلَيْهِم مُوسَى وَقَالَ: من سرق قطعناه، وَمن افترى جلدناه، وَمن زنى رجمناه، فَقَالَ لَهُ قَارون: وَإِن كنت أَنْت؟ قَالَ مُوسَى: نعم، وَإِن كنت أَنا. قَالَ: فَإِن بني إِسْرَائِيل يَزْعمُونَ أَنَّك فجرت بفلانة، قَالَ مُوسَى: فادعوها، فَإِن قَالَت فَهُوَ كَمَا قَالَت. فَلَمَّا جَاءَت قَالَ لَهَا مُوسَى: أَقْسَمت عَلَيْك بِالَّذِي أنزل التَّوْرَاة إِلَّا صدقت ﴿أَنا فعلت بك مَا يَقُول هَؤُلَاءِ؟ قَالَت: لَا كذبُوا، وَلَكِن جعلُوا لي جعلا على أَن أقذفك؛ فَأُوحي اللَّهِ إِلَى مُوسَى: مر الأَرْض بِمَا شِئْت تطعك، فَقَالَ: يَا أَرض خُذِيهِمْ، فَجعل قَارون يَقُول: يَا مُوسَى ارْحَمْنِي، ومُوسَى يَقُول: يَا أَرض خُذِيهِمْ، فابتلعتهم الأَرْض، ثمَّ خسف بهم وبدار قَارون.
وَلما هلك فِرْعَوْن وحنوده قصد مُوسَى الْمسير ببني إِسْرَائِيل إِلَى مَدِينَة الجبارين - أرِيحَا - فَقَالَ بَنو إِسْرَائِيل: (يَا مُوسَى إِن فِيهَا قوما جبارين. وَإِنَّا لن ندْخلهَا حَتَّى يخرجُوا مِنْهَا ﴿فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ . فَغَضب مُوسَى ودعا عَلَيْهِم فَقَالَ: ﴿رب إِنِّي لَا أملك إِلَّا نَفسِي وَأخي فافرق بَيْننَا وَبَين الْقَوْم الْفَاسِقين﴾ . فَقَالَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنَّهَا مُحرمَة عَلَيْهِم أَرْبَعِينَ سنة يتيهون فِي الأَرْض﴾ . فبقوا فِي التيه، وَأنزل اللَّهِ عَلَيْهِم الْمَنّ والسلوى.
ثمَّ أوحى إِلَى مُوسَى: إِنِّي متوف هَارُون، فأت بِهِ إِلَى جبل كَذَا. فَانْطَلقَا نَحوه، فَإِذا هما بسرير فَنَامَا عَلَيْهِ، وَأخذ هَارُون الْمَوْت وَرفع إِلَى السَّمَاء، وَرجع مُوسَى إِلَى بني إِسْرَائِيل فَقَالُوا لَهُ: أَنْت قتلت هَارُون لحبنا إِيَّاه، فَقَالَ: وَيحكم أفتروني أقتل أخي﴾ فَلَمَّا أَكْثرُوا عَلَيْهِ سَأَلَ اللَّهِ تَعَالَى، فَأنْزل السرير وَعَلِيهِ هَارُون، وَقَالَ لَهُم: إِنِّي مت وَلم يقتلني مُوسَى.
ثمَّ توفّي مُوسَى، وَاخْتلف فِي صُورَة وَفَاته، قيل: كَانَ هُوَ ويوشع يمشيان فظهرت غمامة سَوْدَاء فخافها يُوشَع واعتنق مُوسَى، فأنسل مُوسَى من قماشه، وَبَقِي يُوشَع معتنق الثِّيَاب، وَعدم مُوسَى، وأتى يُوشَع بالقماش إِلَى بني إِسْرَائِيل فَقَالُوا: أَنْت قتلت مُوسَى ووكلوا بِهِ، فَسَأَلَ اللَّهِ أَن يبين بَرَاءَته فَرَأى كل رجل كَانَ موكلا على يُوشَع فِي مَنَامه أَن يُوشَع لم يقتل مُوسَى فَإنَّا رفعناه إِلَيْنَا، فَتَرَكُوهُ. وَقيل: بل تنبأ يُوشَع وأوحي إِلَيْهِ، وَبَقِي ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 19
مُوسَى يسْأَله فَلم يُخبرهُ، فَعظم ذَلِك على مُوسَى وَسَأَلَ الْمَوْت فَمَاتَ، وَقيل غير ذَلِك. توفّي فِي التيه فِي سَابِع آذار لمضي ألف وسِتمِائَة وست وَعشْرين من الطوفان فِي أَيَّام منوجهر الْملك، مَاتَ بعد هَارُون أَخِيه بِأحد عشر شهرا، وَهَارُون كَانَ أكبر مِنْهُ بِثَلَاث سِنِين.
ومولد مُوسَى لمضي أَرْبَعمِائَة وَخمْس وَعشْرين من مولد إِبْرَاهِيم، وَبَين وَفَاة إِبْرَاهِيم ومولد مُوسَى مِائَتَان وَخَمْسُونَ سنة، وَولد مُوسَى لمضي ألف وَخَمْسمِائة وست سِنِين من الطوفان، وَكَانَ عمره لما خرج ببني إِسْرَائِيل من مصر ثَمَانِينَ سنة، وَأقَام فِي التيه أَرْبَعِينَ سنة، فَيكون عمره مائَة وَعشْرين سنة.
وَكَانَ بَنو إِسْرَائِيل قبل ان يخرجهم مُوسَى تَحت حكم فَرَاعِنَة مصر رعية لَهُم، وَكَانُوا على بقايا من دينهم الَّذِي شَرعه يَعْقُوب ويوسف، وَأول قدومهم إِلَى مصر لمضي تسع وَثَلَاثِينَ سنة من عمر يُوسُف، فأقاموا فِي مصر بَقِيَّة عمر يُوسُف وَهُوَ إِحْدَى وَسَبْعُونَ، لِأَن عمر يُوسُف مائَة وَعشر سِنِين فَإِذا نقصنا مِنْهَا تسعا وَثَلَاثِينَ بَقِي إِحْدَى وَسَبْعُونَ، وَأَقَامُوا أَيْضا مُدَّة مَا بَين وَفَاة يُوسُف ومولد مُوسَى وَهُوَ أَربع وَسِتُّونَ سنة، وَأَقَامُوا أَيْضا ثَمَانِينَ سنة من عمر مُوسَى حَتَّى خرج بهم، فجملة مقَام بني إِسْرَائِيل بِمصْر حَتَّى أخرجهم مُوسَى مِائَتَيْنِ وَخمْس عشرَة سنة.
(ذكر حكام بني إِسْرَائِيل ثمَّ مُلُوكهمْ)
لما مَاتَ مُوسَى لم يتَمَلَّك على بني إِسْرَائِيل ملك بل سد حكامهم مسد الْمُلُوك إِلَى قيام طالوت فَكَانَ أول مُلُوكهمْ - كَمَا سترى -. قَالَ الْمُؤلف ﵀: وَهَذَا الْفَصْل - فِي حكام بني إِسْرَائِيل وملوكهم - قد كثر الْغَلَط فِيهِ لبعد عَهده ولكونه باللغة بالعبرانية، فتعسر النُّطْق بألفاظه على الصِّحَّة والتواريخ فِي هَذَا الْفَنّ مُخْتَلفَة، وَأما فِي أَسمَاء الْحُكَّام، وَأما فِي عَددهمْ، وَأما فِي مدد استيلائهم. ولليهود الْكتب الْأَرْبَعَة وَالْعشْرُونَ وَهِي عِنْدهم متواترة قديمَة وَلم تعرب إِلَى الْآن، فأحضرت مِنْهَا سَفَرِي قُضَاة بني إِسْرَائِيل وملوكها وأحضرت عَارِفًا بالعبرانية والعربية وَتركته يقْرؤهَا، وأحضرت بهَا ثَلَاث نسخ وكتبت مِنْهَا مَا ظهر عِنْدِي صِحَّته وضبطت الْأَسْمَاء حسب الطَّاقَة.
يُوشَع: لما مَاتَ مُوسَى قَامَ بتدبير بني إِسْرَائِيل يُوشَع بن نون بن البشاماع بن عمهود بن بغدان بن ياحن بن شالخ بن راشف بن رافح بن يريعا ين إفرائيم بن يُوسُف بن يَعْقُوب، وَأقَام بهم فِي التيه ثَلَاثَة أَيَّام، ثمَّ ارتحل بهم إِلَى الشَّرِيعَة بالغور - واسْمه الْأُرْدُن - فِي عَاشر نيسان من سنة وَفَاة مُوسَى، فَلم يجد سَبِيلا للعبور، فَأمر يُوشَع حاملي صندوق الشَّهَادَة الَّذِي فِيهِ الألواح بِأَن ينزلُوا إِلَى حافة الشَّرِيعَة، فوقفت حَتَّى انكشفت أرْضهَا وَعبر بَنو إِسْرَائِيل ثمَّ عَادَتْ الشَّرِيعَة كَمَا كَانَت، وَنزل يُوشَع بهم على أرِيحَا محاصرا لَهَا، وَفِي كل يَوْم يَدُور حولهَا مرّة وَاحِدَة إِلَى السَّابِع أَمر بني إِسْرَائِيل أَن يطوفوا ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 20
حول أرِيحَا سبع مَرَّات وَأَن يصوتوا بالقرون، فعندما فعلوا هَبَطت الأسوار ورسخت وتساوت الْخَنَادِق بهَا وَدخل بَنو إِسْرَائِيل أرِيحَا بِالسَّيْفِ وَقتلُوا أَهلهَا.
وَبعدهَا سَار إِلَى نابلس إِلَى الْمَكَان الَّذِي بيع فِيهِ يُوسُف فَدفن عِظَام يُوسُف هُنَاكَ. وَكَانَ مُوسَى قد استخرج يُوسُف من نيل مصر واستصحبه إِلَى التيه، وَبَقِي مَعَهم أَرْبَعِينَ سنة، وتسلمه يُوشَع إِلَى أَن دَفنه فَرَاغه من أرِيحَا. وَملك يُوشَع الشَّام وَفرق فِيهِ عماله، ودبر بني إِسْرَائِيل نَحْو ثَمَان وَعشْرين سنة.
ثمَّ توفّي يُوشَع وَدفن فِي كفر حارس وَله من الْعُمر مائَة وَعشر سِنِين. وَفِي تَارِيخ ابْن سعيد المغربي: أَن يُوشَع مدفون فِي المعرة، فَلَا أعلم أنقل ذَلِك أم أثْبته على مَا هُوَ مَشْهُور الْآن. قَالَ الْمُؤلف ﵀: فَكَانَت وَفَاة يُوشَع سنة ثَمَان وَعشْرين لوفاة مُوسَى.
وَبعد يُوشَع قَامَ بتدبيرهم (فينحاس) بن الْعيزَار بن هَارُون بن عمرَان وكالب بن يوقنا، وَكَانَ فينحاس هُوَ الإِمَام وَهُوَ من سبط يهوذا. وَكَانَ كالب يحكم بَينهم، وَكَانَ أَمرهمَا فِي بني إِسْرَائِيل ضَعِيفا، دَامَ بَنو إِسْرَائِيل كَذَلِك سبع عشرَة سنة.
ثمَّ طغوا فَسلط اللَّهِ عَلَيْهِم " كوشيان " ملك الجزيرة - قيل: قبرس - وَقيل: كَانَ ملك الأرمن، وَهُوَ من ولد الْعيص بن إِسْحَاق. فاستولى على بني إِسْرَائِيل واستعبدهم ثَمَان سِنِين، فاستغاثوا إِلَى اللَّهِ. وَكَانَ لكالب أَخ من أمه اسْمه عثنئال بن قياز فَأَقَامَ كالب أَخَاهُ عثنئال على بني إِسْرَائِيل، فَكَانَ خلاص بني إِسْرَائِيل من كوشيان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين لوفاة مُوسَى ﵇، لِأَن كوشيان حكم عَلَيْهِم ثَمَان سِنِين.
فينحاس - بفاء ثمَّ مثناة تَحت مُهْملَة، ثمَّ نون سَاكِنة، ثمَّ حاء مُهْملَة، ثمَّ ألف مُهْملَة وسين مُهْملَة -.
ثمَّ قَامَ بعد كوشيان " عثنئال " بن قياز من سبط يهوذا وأزال قطيعة صَاحب الجزيرة عَن بني إِسْرَائِيل وَأصْلح حَالهم، وَكَانَ صَالحا دبر أَمرهم أَرْبَعِينَ سنة، فَتكون وَفَاته فِي أَوَاخِر سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين لوفاة مُوسَى ﷺ َ -. عثنئال - بِعَين مُهْملَة وثاء مُثَلّثَة سَاكِنة وَنون مَكْسُورَة ومثناة تَحت مَهْمُوزَة وَألف وَلَام -.
وَبعده أَكثر بَنو إِسْرَائِيل الْمعاصِي وعبدوا الْأَصْنَام فَسلط عَلَيْهِم " عغلون " ملك ماب من ولد لوط، واستعبدهم فاستغاثوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وبقوا تَحت مضايقته ثَمَان عشرَة سنة، فَيكون خلاصهم مِنْهُ فِي أَوَاخِر عشر وَمِائَة. عغلون - بِعَين مَفْتُوحَة مُهْملَة وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَضم اللَّام وَسُكُون الْوَاو ثمَّ نون.
ثمَّ أَقَامَ اللَّهِ لَهُم " أهوذ " من سبط بنيامين، فَكف عَنْهُم أذيه عغلون ومضايقته، ودبرهم ثَمَانِينَ سنة، فَتكون وَفَاة أهوذ فِي أَوَاخِر سنة تسعين وَمِائَة لوفاة مُوسَى ﵇ أهوذ على وزن أقوم وذالة مُعْجمَة - ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
1 / 21
وَلما مَاتَ أهوذ قَامَ بتدبيرهم " شمكار " بن عنوث دون سنة، فَتكون ولَايَة شمكار ووفاته سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَة لوفاة مُوسَى. شمكار - بإهمال الرَّاء بِوَزْن صمصام -.
ثمَّ طغوا فأسلمهم اللَّهِ إِلَى نابين ملك الشَّام فاستبعدهم عشْرين سنة حَتَّى خلصوا مِنْهُ فَيكون خلاصهم مِنْهُ فِي أَوَاخِر سنة إِحْدَى عشرَة وَمِائَتَيْنِ لوفاة مُوسَى. ثمَّ قَامَ فيهم " باراق " بن أبي نعم من سبط تفتالي، وَامْرَأَة اسْمهَا دبورا فقهقرا بَابَيْنِ ودبرا بني إِسْرَائِيل أَرْبَعِينَ سنة، فَتكون انْقِضَاء مدتهما أَوَاخِر سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَتَيْنِ لوفاة مُوسَى. باراق - بموحدة تَحت وَألف وَرَاء مُهْملَة وَألف وقاف.
ثمَّ أرتكبوا الْمعاصِي بِغَيْر مُدبر لَهُم مِنْهُم سبع سِنِين، وَاسْتولى عَلَيْهِم أعداؤهم من مَدين تِلْكَ الْمدَّة، فَيكون آخر مُدَّة هَذِه الفترة فِي أَوَاخِر سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَتَيْنِ من وَفَاة مُوسَى، فاستغاثوا فَأَقَامَ اللَّهِ فيهم " لذعون " بن نواش فَقتل أعداءهم وأقأم دينهم أَرْبَعِينَ سنة، فَتكون وَفَاته فِي أَوَاخِر سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ لوفاة مُوسَى. لذعون - بذال منقوطة وَعين مُهْملَة بِوَزْن مَنْصُور - ... ... .
ثمَّ قَامَ فيهم بعده ابْنه " أبيمالخ " ثَلَاث سِنِين، فَتكون وَفَاته فِي أَوَاخِر سنة إِحْدَى وثلثمائة لوفاة مُوسَى. أبيمالخ - بِهَمْزَة وباء مُوَحدَة تَحت ومثناة تَحت وَمِيم وَألف وَلَام وخاء مُعْجمَة - ... ... ... ...
ثمَّ قَامَ بعده فيهم " يؤائير " الجرشِي من سبط ششوخر اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة، فَتكون وَفَاته لمضي ثلثمِائة وَثَلَاث وَعشْرين من وَفَاة مُوسَى. يؤائير - بِضَم الْيَاء الْمُثَنَّاة تَحت وهمزة مَفْتُوحَة وَألف ثمَّ همزَة مَكْسُورَة وياء مثناة وَرَاء مُهْملَة - ... .
ثمَّ ارتكبوا الْمعاصِي فَسلط عليم بَنو عمون من ولد لوط، وملكهم أمونيطو فاستولى عَلَيْهِم ثَمَانِي عشرَة سنة حَتَّى خلصوا مِنْهُ، فَتكون انْقِضَاء مدَّته فِي أَوَاخِر سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وثلثمائة لوفاة مُوسَى.
ثمَّ اسْتَغَاثُوا إِلَى اللَّهِ فَأَقَامَ فيهم " يفتح " الجرشِي من سبط منشا، فكفاهم شَرّ بني عمون وَقتل من بني عمون كثيرا ودبرهم سِتّ سِنِين، فَتكون وَفَاته فِي أَوَاخِر سنة ثَلَاثمِائَة وَسبع وَأَرْبَعين. يفتح - بِضَم الْيَاء الْمُثَنَّاة تَحت وَسُكُون الْفَاء وَضم التَّاء الْمُثَنَّاة فَوق وحاء مُهْملَة - ... ... ...
وَقَامَ فيهم بعده " أبصن " من سبط يهوذا سبع سِنِين، فوفاته فِي أَوَاخِر سنة أَربع وَخمسين وثلثمائة لوفاة مُوسَى. أبصن - بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَضم الصَّاد الْمُهْملَة ثمَّ نون - ... . . وَبعده دبرهم " أيلون " من سبط زيولون عشر سِنِين، فوفاته فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وثلثمائة لوفاة مُوسَى. أيلون - بِهَمْزَة ممدودة مُهْملَة وَضم اللَّام وواو وَنون - ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 22