101

Tarih

تاريخ

Publisher

دار الفكر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م (وأعادوا طباعتها بالتصوير مِرار)

Publisher Location

بيروت

Genres

History
المقدمة الثالثة في المعتدل من الأقاليم والمنحرف وتأثير الهواء في ألوان البشر والكثير في أحوالهم قد بيّنا أنّ المعمور من هذا المنكشف من الأرض إنّما هو وسطه لإفراط الحرّ في الجنوب منه والبرد في الشّمال. ولمّا كان الجانبان من الشّمال والجنوب متضادّين من الحرّ والبرد وجب أن تتدرّج الكيفيّة من كليهما إلى الوسط فيكون معتدلا فالإقليم الرّابع أعدل [١] العمران والّذي حافاته من الثّالث والخامس أقرب إلى الاعتدال والّذي يليهما والثّاني والسّادس بعيدان من الاعتدال والأوّل والسّابع أبعد بكثير فلهذا كانت العلوم والصّنائع والمباني والملابس والأقوات والفواكه بل والحيوانات وجميع ما يتكوّن في هذه الأقاليم الثّلاثة المتوسّطة مخصوصة بالاعتدال وسكّانها من البشر أعدل أجساما وألوانا وأخلاقا وأديانا حتّى النّبوءات فإنّما توجد في الأكثر فيها ولم نقف على خبر بعثة في الأقاليم الجنوبيّة ولا الشّماليّة وذلك أن الأنبياء والرّسل إنّما يختصّ بهم أكمل النّوع في خلقهم وأخلاقهم قال تعالى «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ٣: ١١٠» وذلك ليتمّ القبول بما يأتيهم به الأنبياء من عند الله وأهل هذه الأقاليم أكمل لوجود الاعتدال لهم فتجدهم على غاية من التّوسّط في مساكنهم وملابسهم وأقواتهم وصنائعهم يتّخذون البيوت المنجّدة بالحجارة المنمّقة بالصّناعة ويتناغون في استجادة الآلات والمواعين ويذهبون في ذلك إلى الغاية وتوجد لديهم المعادن الطّبيعيّة من الذّهب والفضّة والحديد

[١] أعدل مشتقة من عدل وليس لها معنى والأصح: أكثر اعتدالا

1 / 103