لَا يعلم كثيرا مِمَّا تَعْمَلُونَ) يَعْنِي بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ من الشّرك فَذَلِك قَوْله فِي سُورَة النِّسَاء ﴿يَوْمئِذٍ يود الَّذين كفرُوا وعصوا الرَّسُول لَو تسوى بهم الأَرْض وَلَا يكتمون الله حَدِيثا﴾ يَعْنِي يودون حِين شهِدت عَلَيْهِم الْجَوَارِح بالشرك لَو سويت بهم الأَرْض فَدَخَلُوا فِيهَا ثمَّ ذكر الْجَوَارِح فَقَالَ ﴿وَلَا يكتمون الله حَدِيثا﴾ يَعْنِي بالجوارح الْأَيْدِي والأرجل والأسماع والأبصار والجلود وَلَا يكتمون الله الشّرك فَيَشْهَدُونَ بِهِ عَلَيْهِم عِنْد الله فَذَلِك قَوْله ﴿وَلَا يكتمون الله حَدِيثا﴾ يَعْنِي بالجوارح وَذَلِكَ قَوْله ﴿بل الْإِنْسَان على نَفسه بَصِيرَة﴾ يَقُول بل جوارح الْكَافِر على نَفسه شاهدة بالشرك فَلَمَّا شهِدت الْجَوَارِح بِمَا كتمت الألسن من الشّرك أطلق الله الألسن فنطقت بعد ذَلِك فَقَالَت للجوارح وَبَيَان ذَلِك فِي حم السَّجْدَة وَقَالُوا لجلودهم لم شهدتم علينا قَالُوا أنطقنا الله الَّذِي أنطق كل شَيْء وَهُوَ خَلقكُم أول مرّة وَإِلَيْهِ ترجعون فِي الدُّنْيَا ثمَّ اعْترفت الألسن بعد ذَلِك بالشرك فَلَمَّا سَأَلتهمْ الخزنة عِنْد دُخُول النَّار فِي سُورَة الزمر قَالُوا ﴿ألم يأتكم رسل مِنْكُم يَتلون عَلَيْكُم آيَات ربكُم وينذرونكم لِقَاء يومكم هَذَا قَالُوا بلَى وَلَكِن حقت كلمة الْعَذَاب على الْكَافرين﴾ وَذَلِكَ قَوْله فِي تبَارك الْملك ألم يأتكم نَذِير قَالُوا بلَى قد جَاءَنَا نَذِير فكذبنا وَقُلْنَا مَا نزل الله من شَيْء إِن أَنْتُم إِلَّا فِي ضلال كَبِير فَلَمَّا أقرُّوا على أنفسهم بالشرك والتكذيب بقول الله ﷿ للنَّبِي ﷺ ﴿فَاعْتَرفُوا بذنبهم فسحقا لأَصْحَاب السعير﴾ يَعْنِي تكذيبهم الرُّسُل فِيمَا جَاءَت بِهِ من التَّوْحِيد وَغَيره فَهَذَا تفسيرهما)
1 / 58