Tajriba Unthawiyya
التجربة الأنثوية: مختارات من الأدب النسائي العالمي
Genres
قالت: «أفتقده؟ كلا، أين هو؟»
ابتسم للامبالاتها اللذيذة: «في السجن.» - «منذ متى؟» - «السبت الماضي.» - «أمسكوه ثملا؟» - «أكثر من ذلك قليلا.» ومضى يحكي لها اشتباكه في إحدى بلاوي «ابن القطران».
لم يبد عليه أنه منزعج كثيرا لما حدث. الضيق فقط وعدم الارتياح. فقد سبق له الاحتكاك بالشرطة عدة مرات، أغلبها في غارات القمار، ويعتبر ذلك من المخاطر الطبيعية في الحياة الزنجية.
لكن سولا، بالشريط الأخضر اللامع في شعرها، غمرها الشعور بوقع العالم الخارجي عليه. فاستقرت على ذراع الكرسي الهزاز، وتخللت مخمل شعره بأصابعها وهي تغمغم: «استند علي.»
طرف أجاكس بعينيه. ثم ألقى على وجهها نظرة سريعة. كان في كلماتها، وصوتها، نغمة يعرفها جيدا. ولأول مرة رأى الشريط الأخضر. وتطلع فرأى المطبخ يومض، والمائدة معدة لاثنين، والتقط رائحة العش. انتصبت كل شعرة فوق جسده، وعرف أنها سرعان ما ستوجه إليه، ككل شقيقاتها اللاتي سبقنها، السؤال-الإنذار: «أين كنت؟» وغامت عيناه بأسف عابر.
نهض واقفا ، وارتقى الدرجات معها، ولج الحمام الناصع، الذي أزيل الغبار من أسفل حوضه. كان يحاول أن يتذكر تاريخ العرض الجوي في «دايتون». وعندما دخل المخدع، رآها راقدة فوق ملاءات بيضاء جديدة، محفوفة بالرائحة المميتة لكولونيا مستخدمة في التو.
جذبها أسفله، وأحبها بكل العزم والحدة، القمينين برجل على وشك الرحيل إلى «دايتون». •••
بين الحين والآخر، تنظر حولها، تتطلع حولها، بحثا عن دليل ملموس، يؤكد لها أنه كان هنا. أين ذهبت الفراشات؟ التوت البري؟ المزمار القصبي؟ لم تجد شيئا من ذلك، لأنه لم يترك غير غيابه المدوخ المذهل. غياب زخرفي، منمق، يحول بينها وبين أن تفهم، كيف أمكنها أن تتحمل - دون أن تتهاوى ميتة، أو تتلاشى - حضوره الفائق الروعة.
لم تكن المرآة المجاورة للباب مرآة بجوار الباب، وإنما مذبح وقف أمامه لحظة، قبل أن يغادر، ليرتدي قلنسوته. الكرسي الهزاز الأحمر، كان هزازا لفخذيه عندما جلس في المطبخ. ومع ذلك، لم يكن ثمة شيء منه، من ذاته، يمكن العثور عليه. كأنما خشيت أن يكون الأمر مجرد هلوسة، وأرادت برهانا على الحقيقة. كان غيابه في كل مكان، يلسع كل شيء يعطي الفرش ألوانه الأولية، وأركان الغرف خطوطا حادة، والغبار الذي تجمع فوق سطوح الموائد ضوءا ذهبيا. أثناء حضوره كان يجتذب كل شيء نحوه. ليس فقط عينيها، وكل حواسها، وإنما أيضا الأشياء المجردة من كل حياة، بدت وكأنها تدين إليه بوجودها، ستائر خلفية لمسرح حضوره. والآن وقد ذهب، فإن هذه الأشياء التي طغى عليها حضوره طويلا، قد غمرها السحر في أعقابه.
وذات يوم، بينما هي تنقب في أحد الأدراج، عثرت على ما كانت تبحث عنه، البرهان: رخصة قيادة. كانت تحمل كل ما احتاجت إليه تماما من أجل التثبت. المواصفات الأساسية: الميلاد 1901م، الطول 5,11، الوزن 152 رطلا، العيون عسلية، الشعر أسود، اللون أسود. أجل، البشرة سوداء. شديدة السواد. سوداء لدرجة أن الدعك طويلا وبعناية بالصوف الفولاذي، سيزيل اللون، لتتجلى لمعة رقيقة الذهب، وتحتها المرمر البارد، وأسفله، تحت خالص أسفل المرمر البارد، مزيد من السواد، لكنه هذه المرة سواد الطفلة الدافئة.
Unknown page