Tajriba Unthawiyya
التجربة الأنثوية: مختارات من الأدب النسائي العالمي
Genres
The Collector of treasures by Bessie Head (1977)
كان سجن الدولة المركزي، المخصص للعقوبات الطويلة، في جنوب البلاد، على مسافة يوم سفر كامل من قرى الجزء الشمالي. غادروا قرية بولنج في التاسعة صباحا، وظلت شاحنة الشرطة تهدر طول اليوم، وهي تسرع جنوبا فوق الطريق الواسع المترب الذي يربط طرفي البلاد. وعبر شبكة السلك التي غطت الباب الخلفي للشاحنة، بدا العالم اليومي المؤلف من الحقول المحروثة، والماشية الراعية، والمساحات الشاسعة من الآكام والغابات، لا مباليا لعيون السجينة الجوعى. وكأنها بلغت فجأة قرار الشعور بالألم والوحدة، فقد تهاوت ببطء إلى الأمام، دون أن تعي بغير ألمها. وغربت الشمس ، ثم حل الغسق، وتبعته الظلمة، وما زالت الشاحنة تهدر غير مبالية.
في البداية، تجلى الوهج البرتقالي لأضواء بلدة الاستقلال الجديدة جابوروني، شاحبا في الأفق، مثل شبح مدهش في الظلمة الماحقة للآكام، إلى أن بلغت الشاحنة طرقا مرصوفة، وأضواء نيون، ودكاكين، ودور سينما، فغرق الشبح في الضوء الوهاج. كل هذا مر دون أن تشعر بما استغرقه من زمن، ودون أن تتتبعه، ولم تتحرك عندما توقفت الشاحنة أخيرا خارج بوابة السجن.
لطم ضوء الكشاف جانب وجهها مثل ضربة مؤلمة. وظن الحارس أنها نائمة، فناداها في حدة: «استيقظي. لقد وصلنا.»
صارع القفل في الظلام، ثم جذب الباب السلكي. وزحفت خارجة وهي تتألم في صمت.
صعدا سويا بضع درجات، وانتظرا حتى طرق أحدهم برفق فوق الباب الحديدي الثقيل. انفرج الباب عن ثغرة ضيقة أطل منها الحارس الليلي ثم اتسعت الثغرة لتسمح لهما بالولوج. وقادهما الحارس الليلي إلى مكتب صغير، ونظر إلى زميله متسائلا: «ماذا لدينا اليوم؟»
أجاب الآخر في غير مبالاة وهو يناوله ملفا: «إنها قضية مقتل الزوج في قرية بولنج.»
أخذ الحارس الملف وجلس إلى مائدة تحمل دفترا كبيرا مفتوحا. وفي خط كبير سجل التفاصيل: ديكيليدي موكوبي. التهمة: ذبح رجل. العقوبة: مدى الحياة. وظهرت حارسة ليلية فقادت السجينة إلى غرفة جانبية، وطلبت منها أن تخلع ملابسها.
سألتها وهي تناولها رداء قطنيا أخضر اللون، هو بذلة السجن: «معك نقود؟»
فهزت السجينة رأسها نفيا دون أن تنبس بحرف.
Unknown page