Tajriba Unthawiyya
التجربة الأنثوية: مختارات من الأدب النسائي العالمي
Genres
ضغطت يد «ب» فأجفل. كنت قد ضغطت على قطعة من اللاصق؛ فقد جرح إصبعه أثناء الحلاقة. قلت إني قرأت مرة أننا إذا اعتصرنا الليمون فوق المحار، فإنه يجفل وينكمش، رغم أن ذلك لا يظهر للعين المجردة. طلبنا دستتين من المحار وكمية من الليمون، وكانت تلك من المرات التي كنا فيها قساة مع كل شيء. ما عدانا نحن. ولهذا كان الأمر على ما يرام. - «إنها في حرب مع قدرها. ماذا كانت تملك غير أن تموت شابة، مقيدة، محبطة؟» هذا ما قالته فيرجينيا وولف عن شارلوت برونتي. حسنا، لن يقول أحد إني مت مقيدة ومحبطة. كل شاب يصفر لي الآن أبتسم له. إذا كانت علاقتي مع «ب» ستعيدني إلى مراهقتي. فلأكن مراهقة في كل شيء.
أنا وجيريمي نأكل الكعك ونلعب.
بوسعي الآن أن أرى كيف تلغي الحرب التزام الشرف اليومي، وكم في هذا من راحة وخلاص؟ قرأت الصحف، حروب كثيرة، لكن في الجانب الآخر من العالم. «أ» و«ب» في خندق واحد يحملان صورا لي، كما نرى في الأفلام. ذهبت أربع مرات لأرى فيلم جان لوك جودار «امرأة متزوجة». إنه في صفي. فكلا الرجلين يتكشفان عن مغفلين والمرأة - حتى - لا تحمل.
يتملكني شعور فظيع بأن الأمر سينتهي بطريقة غبية. مثلا، لا يظهر «ب» في أحد مواعيدنا، أو لا أظهر أنا، ثم لا نتمكن أبدا من الاتصال ببعضنا البعض لنتفق على موعد آخر. ممكن. كتبت إليه رسالة واحدة. سألته زوجته: «ممن؟» قال: «الناشر.» قالت: «في يوم أحد؟» وانتهى الحديث - كما ذكره لي - عند هذا الحد. انتظرت إباحة أخرى، خيانة ثانية لها - مثلما ينتظر المرء عملية شنق - لكنه لم يفعل. أشعر الآن بالسرور لذلك، رغم أني وقتها كنت ساخطة. قال: «ستكون جميلة هذه الرسائل، لكن الأفضل ألا تفعلي.» قلت: «ستكون جميعا رقيقة للغاية وعميقة مثل نتف صغيرة من نثار الورق (كذب)، لكن الأفضل ألا نفعل.»
قبلتنا الأولى - من بين جميع الأماكن في مدخل جاراج - كانت مضحكة. كان الجاراج مغلقا وفوق بابه لافتة تقول: «حد الارتفاع 8 أقدام و6 بوصات». تظاهر بأنه يقيس طولي ثم قبلني وتراجع إلى الخلف قائلا: «والآن قبليني.» قلت: «لا أستطيع. لا أعرف كيف.» ومع ذلك فعلت. وتناولنا العشاء. رويت له كل الأشياء المضحكة التي خطرت ببالي، وكانت تتدفق طول الوقت. ضحكنا كثيرا وشربنا نبيذ القران. اضطجع في المقعد الذي كان يشبه الأريكة وابتسم. كانت بيننا وسادة فرفعها وقال: «تلقيت عرضا بشلن واحد مقابل هذه الوسادة.» ثم انحنى وأزال إحدى فردتي حذائي ووضع الوسادة تحت قدمي. كان الأمر لذيذا. قال إنه كان يجب أن تكون هناك غرف في الطابق الأعلى. قلت: «كلا. إذا كان سيحدث شيء بيننا، فيجب أن يكون مرحا، أخلاقيا، جذلا.» «مرحا؟» قال مدهوشا. قلت: «أكان هذا سوقية مني؟» قال: «كلا على الإطلاق، لكن يبدو أنك فتاة حزينة. حزينة.» كنت مهرجانا من الضحك في تلك الليلة بالذات. كان يجدر به أن يراني في حالتي العادية. بالطبع لم أقل له ذلك (هذا هو الفخ: نحن نخفي الجانب الأصدق من نفوسنا عندما نحب). ابتسمت بحزن. فمتى ظنوك شيئا تبدئين في تمثيله بجنون. ظل يداعب قدمي فوق الوسادة ولا أذكر أني شعرت بقلق ما على تأخر عودتي إلى البيت.
ولج «ب» الحفل واضعا نظارته، وخلعها، ثم وقف وظهره إلى الجدار، ثم وضعها من جديد. فكرت: هذا الرجل عصبي ووسيم. كان هناك ستون شخصا يتناولون العشاء. أظنها كانت مقاعد مستأجرة . المقاعد الصغيرة المذهبة التي تراها في المطاعم الأنيقة. كنت أجلس إلى مائدته، ليس بجواره مباشرة وإنما أمامه. لم يكن يأكل شيئا. وقلت عبر المائدة: «لماذا لا تأكل؟» قال: «لا آكل لحم الكندوز.» بعد ذلك تبادلنا النظرات. رفض البودنج وكذلك أنا (بودنج جميل بالكستناء تعلوه الكريمة وتحيط به قطع البسكويت من الجوانب). نظرة متورطة تذهب بالشهية. وفيما بعد، في المخدع، كانت هناك نسوة يتحدثن. لا أذكر سوى الرداء دون الوجه. كان رداء طويلا من المخمل الأسود. وبعد ذلك رأيتها تتحدث إلى «ب» وتنصرف. سألت: «من هذه؟» وقال لي شخص ما إنها زوجته بينما كانت تمضي بعيدا. كان ظهرها نحوي ولهذا لم أر وجهها أبدا. يبدو أنها تغني في ناد ليلي. عندما اختفت اقترب مني. قدم إلي مسواك أسنان، مازحا. قلت: «إنها من الخشب ولست آكله.» قال: «الفكرة أن شذراتها تعلق بأسنانك ويتعين عليك أن تتخلصي منها بالإضافة إلى بقايا الطعام.» يكتب روايات. إنها هكذا. تفيض بأشياء غريبة مضحكة، لكنها حزينة من وراء هذا كله. اقترب منا آخرون ليلتفوا من حوله، وفقدته. ثم لم أفقده. شعرت أنه يدبر أمرا. وجاءني بعد قليل: «نحن ذاهبون إلى مباراة بوكر وقد دعي زوجك إليها.» قلت دون أن يبدو شيء على وجهي: «حسنا.» وراعيت أن أذهب إلى السيارة في رفقة «أ»، وكان من السهل أن أكون سعيدة. تدخين متواصل وشراب متواصل ولا أثر لرغبة في النعاس.
لست أنكر هذه الرغبة الوحشية. أريد أن يكون الجميع في حب. إنه جبن وضعف وقذارة. لكنه عظيم. يبدو أني أتناول بالتفصيل تلك المرحلة من حياتي لأن حياتي قبلها كانت مجدبة.
أبكي قليلا، أضحك قليلا، أجري، أجل أجري في الطريق مع جيريمي كما لو كنت في التاسعة. أتمدد وأظن أني قادرة على لمس النجوم. أتنفس بعمق، أتحدث كثيرا جدا. أترك نفسي أنطلق في فورات انفعالية، ثم أظن أني أتصرف في سخف أو يظن أحد ذلك بالنيابة عني، وأكف.
كان الحب دائما يوجه حياتي. أعرف أن هناك مغامرات ليس أبطالها من الرجال ، وليست حسية، لكن لا شأن لي بهذه المغامرات. إنها ليست لي. أريد دائما أن أحب، فالقبر هو البديل. العقل بالتأكيد يتدخل ويحدثني عن الهدف من الحياة، وعن الأمومة والمسئولية. لا بد وأن أعترف أن الكثير من الآباء والأمهات جادون. أغلبهم كذلك، وبالرغم من ذلك، فإن الكثير من الأطفال تعساء. لماذا؟
لا أتمكن من الخروج للنزهة، لكن الأمر يخطر لي: الزنا. زناهم، زناي، زنا الجميع. ذهبت إلى الحديقة في الصباح. في أحد الأكواخ الصيفية رأيت عربة صغيرة تحمل طفلا. وبالقرب رجل وامرأة. ظننتهما زوجين سعيدين خرجا سويا لينزها طفلهما. وعندما اقتربت منهما رأيتهما يتبادلان القبلات. وظللت أعتقد أنهما زوجان سعيدان. وعندما سمعا وقع خطواتي فوق أوراق الأشجار - وكنا في الخريف - انفصلا في سرعة وعنف. خطواتي جعلت منهما عدوين. الإحساس بالإثم شيء فظيع. ولا يجعلني هذا أكف عن رؤية «ب». لعله يشجعني على ذلك وإن كان يحول بيني وبين الاستمتاع بالأمر. أردت أن أقول لعاشقي الحديقة: «استمرا. تبادلا القبلات. كونا سعيدين.» لكني بالطبع لم أقل شيئا.
Unknown page