Tafsir al-Qurʾan al-ʿazim
تفسير القرآن العظيم
Investigator
محمد حسين شمس الدين
Publisher
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
Edition Number
الأولى - 1419 هـ
الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ «1» » وفي القرآن العظيم لمن الملك اليوم لله الواحد القهار [غافر: 16] فأما تسمية غيره في الدنيا بملك فعلى سبيل المجاز كما قال تعالى:
إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا [البقرة: 247] وكان وراءهم ملك [الكهف: 79] إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا [المائدة: 20] وفي الصحيحين «مثل الملوك على الأسرة» .
والدين الجزاء والحساب كما قال تعالى: يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق [النور: 25] وقال أإنا لمدينون [الصافات: 53] أي مجزيون محاسبون، وفي الحديث «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت» أي حاسب نفسه كما قال عمر رضي الله عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتأهبوا للعرض الأكبر على من لا تخفى عليه أعمالكم يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية. [الحاقة: 18] .
[سورة الفاتحة (1) : آية
5]</span>
إياك نعبد وإياك نستعين (5)
قرأ السبعة والجمهور بتشديد الياء من إياك وقرأ عمرو بن فائد بتخفيفها مع كسر الهمزة وهي قراءة شاذة مردودة لأن إيا: ضوء الشمس «2» ، وقرأ بعضهم أياك بفتح الهمزة وتشديد الياء، وقرأ بعضهم هياك بالهاء بدل الهمزة كما قال الشاعر: [الطويل]
فهياكو الأمر الذي إن توسعت ... موارده ضاقت عليك مصادره «3»
ونستعين بفتح النون أول الكلمة في قراءة الجميع سوى يحيى بن وثاب والأعمش فإنهما كسراها وهي لغة بني أسد وربيعة وبني تميم، والعبادة في اللغة من الذلة يقال طريق معبد وبعير معبد أي مذلل، وفي الشرع: عبارة عما يجمع كمال المحبة والخضوع والخوف. وقدم المفعول وهو إياك وكرر للاهتمام والحصر أي لا نعبد إلا إياك ولا نتوكل إلا عليك وهذا هو كمال الطاعة، والدين كله يرجع إلى هذين المعنيين، وهذا كما قال بعض السلف: الفاتحة سر القرآن، وسرها هذه الكلمة إياك نعبد وإياك نستعين فالأول تبرؤ من الشرك، والثاني تبرؤ من الحول
Page 48