وقد تطورت اليقظة الجديدة في شعب الباكستان ورغب المتعلمون منه في أن يأخذوا أصول هذه اللغة من مصادرها، وكان أن وفدت إلى مصر في عام 1951 بعثة من عشرة طلاب بدعوة من الحكومة المصرية وزعوا على مختلف كليات الجامعة الأزهرية، وهؤلاء الطلاب هم خير رسل لحمل لواء اللغة العربية إلى بلادهم النائية، واختلاطهم بزملائهم المصريين وغيرهم من العرب كفيل بتوثيق عرى الصداقة والتعارف بين هذه الشعوب جميعها.
ويتوقف مستقبل اللغة العربية في الباكستان على الكتب أيضا، فالكتب العربية والجرائد والمجلات إنما مركزها الأساسي في البلاد العربية، وفي سبيل الحصول على النصوص العربية والكتب العربية نجد عناء شديدا، وذلك لخضوع شراء الكتب والمجلات لنظام الاستيراد، ولأن الصلة بين باعة الكتب في الباكستان وإخوانهم في مصر تكاد تكون غير موجودة.
وباعة الكتب في مصر لا يفكرون في فتح ميادين جديدة في الباكستان، بينما نجد المجهودات التي يقوم بها الناشرون الإنجليز والأمريكان في نشر كتبهم في الباكستان منطوية على كثير من البذل والتضحية، وأظن أن الزمن لم يأت بعد حتى يدرك باعة كتبنا أهمية الدور الذي يقومون به في نشر الثقافة العربية وأهمية الأدب والثقافة كوسيلة من وسائل الاتصال بين الشعوب.
وإذا كان باعة الكتب عندنا لا يدركون مثل هذا فيا حبذا لو عنيت الجهات المسئولة بإنشاء إدارة خاصة في هيئة علمية أو في وزارة التربية والتعليم يكون من واجبها القيام بالدور الذي يعجز عنه باعة الكتب، في سبيل تحقيق رسالة الثقافة العربية في البلاد النائية وإيجاد طريقة لتزويدها بالكتب والمؤلفات ولو باستعمال كوبونات «يونسكو» أو غيرها من الطرق.
ومن الأدلة على اهتمام الباكستان باللغة العربية ذلك المؤتمر الذي عقد بمدينة بشاور عاصمة إقليم الحدود الشمالية الغربية بالباكستان من 28 إلى 30 أبريل من عام 1954، واشترك فيه عدد كبير من علماء الباكستان وأساتذة جامعتها المتخصصين في الدراسات العربية والإسلامية. وقد اشترك فيه أستاذان أحدهما الدكتور جمال الدين الشيال مندوب جامعة الإسكندرية، وثانيهما الأستاذ أمين المصري الملحق الثقافي لجمهورية سوريا بالباكستان، وتولى رئاسة المؤتمر الدكتور عبد الوهاب عزام سفير مصر في الباكستان وقتذاك.
وقد درس هذا المؤتمر شتى النواحي التي تساعد على رقي اللغة العربية وازدهارها في دولة باكستان، وتناول بالبحث بين ما تناوله المسائل الآتية: (1)
القيم الاقتصادية والسياسية للعناية بدراسة اللغة العربية في الباكستان. (2)
وجوب إعادة تنظيم الطرق الخاصة لتدريس اللغة العربية على أسس من النظم التربوية الحديثة. (3)
فشل الطرق القديمة المتبعة في تعليم اللغة العربية في الباكستان لاعتمادها كلية على الترجمة، ولعنايتها الكبرى بالدراسات النحوية العتيقة. (4)
المطالبة بإنشاء المعاهد في المدن الباكستانية الكبرى لتدريس اللغة العربية.
Unknown page