يأتي رسول من قبل توكروس ينبئ بأنه قد عاد من غارة كان يشنها على العدو، وأنه أرسله ليمسك أخاه في خيمته، فقد أعلن الكاهن كلكاس أن أياس إن خرج اليوم من خيمته فهو قاتل نفسه، وتأمر تكمسا الجوقة أن تتفرق فيذهب بعضها إلى الشرق، وبعضها إلى الغرب باحثا عن أياس، وتعلن أنها ذاهبة من جهة أخرى ويتفرقون.
الفصل الرابع
المنظر الأول
أياس (وحده) :
إذا لم أكن قد أخطأت فإن هذا السيف القاطع قد رق حداه وأصبح لا يصيب إلا قتل. يا لك من هدية مهلكة أهداها إلي هكتور هذا التروادي الذي كنت أختصه من بين أعدائنا بأشد المقت والبغض . هذا هو سيفه المحتوم قد أرهفت حديه، وغرزته في أرض تروادة. لقد أثبته في الأرض، فهو الآن قادر على أن يمنحني من غير عناء هذا الموت السريع الذي أطلبه وأرغب فيه. لقد فعلت كل ما كنت أستطيع أن أفعل، أما الآن فإن عليك يا ذوس أن تتم ما بقي وأن تمنحني معونتك. لا أطلب إليك شيئا ذا خطر، أوصل إلى توكروس هذا النبأ المحزن، نبأ موتي، وليكن هو أول من يأتي ليواري جسم صديق قد ألقى بنفسه على سيفه الدامي. ليحذر كل الحذر أن يسبقه إلى هذا الجسم أحد الأعداء فيطرحه طعمة للكلاب وسباع الطير. أي ذوس، هذي هي صلاتي، ولكني إنما أضرع إلى هرميس هذا الذي يقود الموتى في دار الجحيم، ألا يكاد هذا السيف يخترق جسمي حتى يمهد لي إلى الجحيم مهبطا سهلا هينا! إنما أدعو هؤلاء العذارى المعينات لا تغمض أعينهن عن البائسين، ادعو آلهة الانتقام القاسيات المسرعات لينظرن إلى هذا الموت الذي ألقاه في شقاء وسوء حال، بيد ابني أتريوس. لعلهن ينلن هذين الرجلين الشريرين بسخطهن فيعدلن بين إثمهما وما يلقيان من عقاب!
إنهن ليريدني أسلب نفسي الحياة بيدي، فلعل هذين الرجلين يسلكان هذه الطريق التي أسلكها، فيمزق كل منهما صدره ويجود بنفسه أمام أعز الناس عليه وأحبهم إليه. أقبلن إذن أيتها الآلهة المنتقمة، أسرعن لا تبقين على شيء، سلطن غضبكن على هذا الجيش كله. وأنت أيتها الشمس تقود عجلتها على قبة السماء، إذا بلغت مسقط رأسي حيث رأيت الضوء لأول مرة فأمسكي لجامك الذهبي، وألقي إلى أبي الذي قد أثقلته السن وإلى أمي التعسة ما لقيت من بؤس وما ادخر القضاء. يا لها من شقية! بأي أنين سيمتلئ بيتها حين يبلغها هذا النبأ! ولكن ماذا أصنع؟ لندع هذا البكاء لا يجدي شيئا ولنسرع إلى إتمام ما بدأنا. يا للموت! يا للموت! أقبل الآن، زرني! لأساكننك هنا ولأحادثنك عما قليل. أيها الضوء اللامع، ضوء النهار، أيها النور المشرق، أيتها الشمس، إني لأراك، إني لأناجيك لآخر مرة ! أيتها الأسوار المقدسة، أسوار سلامين وطني، أيتها المنازل العزيزة، منازل أجدادي، أيتها المدينة الكريمة مدينة أثينا، أيها الأصدقاء الذين قاسموني الغذاء، أيتها العيون والأنهار والحقول تحيط بتروادة، إليكم أهدي التحية. أي هذان اللذان منحاني الحياة، في ذمة الآلهة: هذه آخر كلمة يوجهها إليكما أياس، فلن ينطق بعدها في دار الجحيم. (ثم يقتل نفسه.) ••• (ثم يقبل نصف الجوقة من جهة ونصفها من جهة أخرى آسفا لما لقي من عناء من غير أن يستكشف شيئا. وتقبل تكمسا فترى زوجها صريعا فتصيح وتجيبها الجوقة، وتبكيان أياس وتعولان لسوء حالهما. ويأتي توكروس فيتفجع ويتوجع ناعيا أخاه متخونا إياه ساخطا على هذا السيف الذي أهداه هكتور إلى أياس فأهدى إليه به الموت، كما أن أياس أهدى إلى هكتور حمالة واتخذها أخيل آلة لتعذيبه شده بها إلى عجلته، وأخذه يجره جريحا حتى مات، وإنه ليألم ويشكو إذ يقبل مينيلاووس.)
المنظر الخامس (مينيلاووس - توكروس - الجوقة)
مينيلاووس :
إليك أسوق الحديث، دع هذا الجسم ولا تقدم إليه كرامة ما.
توكروس :
Unknown page