125

Suhuf Mukhtara

صحف مختارة من الشعر التمثيلي عند اليونان

Genres

في أشخاصه قوة وعزة وفيهم صلابة وعنف، ولكنهم مع ذلك يلينون ويضعفون وينالهم الألم والإعياء.

لم يحسن أيسكولوس كما قدمنا تمثيل المرأة؛ لأنه كان لا يميل إلا إلى القوة ولا يعجب إلا بالقوة، ولأن الضعف وما امتاز به النساء من سرعة الحركة والانتقال من طور إلى طور، ومن شدة التأثر بالأشياء لم يكن لينال نفسه القوية الخشنة. أما سوفوكليس فقد كان حضريا مترفا، وكان غزلا يحب المداعبة، وكان قد عاش في عصر لين ويسر، واستمتع من لذات الحياة بشيء غير قليل فبلا أخلاق الناس، ولم يقف في تمثيله عندما رسم الشعر القصصي، وإنما استعان الحياة الواقعة على تصوير أشخاصه. فكانوا إلى الحقيقة أقرب منهم إلى الخيال.

أصرت أنتيجونا على دفن أخيها ورضيت الموت، ولكن ذلك لم يمنعها أن تجزع وأن تبكي شبابها وأن يمتلئ قلبها حسرة لهذا الموت، يتعجلها قبل أن تبلو الحياة وتذوق لذة الزواج.

أزمع أياس قتل نفسه، وعدل عن كل ما قدمت إليه زوجه من نصح واستعطاف، وأرهف السيف وأثبته في الأرض، ولكن ذلك لم يمنعه أن يذكر وطنه وأمه وأباه، وأن يحيي الشمس والبحر والهواء.

ذلك دأب الشاعر في جميع أشخاصه يصفهم من الفضيلة بما يحتمله النوع الإنساني لا يداني بينهم وبين الآلهة، وقد قدمنا أنه فشل حين أراد أن يمثل هيراقل؛ لأنه حين جعل هيراقل إنسانا كغيره من الناس، أفسد صورته الجميلة التي كان قد صوره بها الشعر القصصي.

هناك أشخاص آخرون يملئونك إعجابا بهم ورضى عنهم، هم الأشخاص الذين ليس لهم في القصة أثر عظيم. لم يتكلف سوفوكليس أن يحليهم بصفات الأبطال وإنما مد يده فتناولهم من حوله وأتى بهم في الملعب؛ فهم يمثلون أبناء أثينا أحسن تمثيل.

انظر إلى هذا الحارس أقبل يخبر كريون بأن بولينيس قد دفن، فهو يسلك إلى ذلك طرقا معوجة كثيرة الثنايا، يريد أن يشوق الملك إلى ما سيقص عليه من غير أن يحرم نفسه شيئا من الهزء به:

مولاي! لا أقول لك إني قد طرت إلى هذا المكان سريع الخطا؛ فإن الخواطر المختلفة التي كانت تملأ نفسي في هذه الطريق قد اضطرتني إلى أن أرجع أدراجي أكثر من مرة. فقد كان قلبي يحدثني مرة قائلا: أيها الشقي! ما بالك تسرع إلى ما ينتظرك من العقاب؟! ومرة أخرى: أيها التعس! ماذا يقف بك؟! لو أن كريون علم هذا النبأ من غيرك فأي عذاب قد قدر لك؟ وأنا في هذا الاضطراب والتردد لم أكن أتقدم إلا بطيئا؛ فإن أقصر الطرق يطيله مثل هذا التردد. وبعد فقد أكرهت نفسي وأقدمت. سأتكلم وإن كنت لا أستطيع أن أشرح لك شيئا؛ فإني قد جئت وأنا واثق أني لن ألقى إلا ما قدره لي القضاء.

كريون :

ما مصدر هذا الاضطراب الذي أراك فيه؟

Unknown page