Sufiyya Nashatha Wa Tarikhha
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Genres
64
وعلى غرار الهند البريطانية مرة أخرى، كان أحد أهم إسهامات الحكم الروسي في الحياة الفكرية الصوفية والإسلامية في العموم هو تقديم الطباعة؛ ففي وقت مبكر يعود لعام 1797 أسست مطبعة لنشر الكتب الإسلامية في قازان؛ العاصمة الإدارية لمنطقة الفولجا والأورال.
65
وتحت قيادة مسئول الطباعة أبي الغازي بوراس أوغلي المعين من قبل الروس، شهد عام 1802 على الأرجح أول حالة نشر لعمل صوفي على يد ناشر مسلم، تمثلت في نشر القصيدة السردية المكتوبة باللغة الجغتائية التركية «ثبات العزيزين»، التي كتبت في الأصل قبل قرن على يد صوفي الله يار (المتوفى عام 1712)، أحد أتباع الطريقة النقشبندية في آسيا الوسطى.
66
وفي القرن التاسع عشر، وحتى بعيدا عن الطباعة، شهد حكم الروس لمنطقة الفولجا والأورال تجدد نسخ وتأليف السير التاريخية الإقليمية على يد المسلمين التتار والباشكير. وفي تلك الأعمال التي تناولت الأرض وسكانها مثل كتاب «تاريخ البلغار»، الذي ألفه تاج الدين يالتشيجول أوغلي (1768-1838) في عام 1805، استخدمت قصص الأضرحة الصوفية القديمة لربط سكان منطقة الفولجا والأورال بالأرض التي سكنوها، من خلال قصص الأولياء القدماء الذين اعتنقوا الإسلام، المدفونين في مدينة بلغار التي تضم أضرحتهم، والتي سمي السكان على اسمها.
67
وفي فترة شهدت فيها الخانات الإسلامية السابقة في الإمبراطورية الروسية تدفق المستوطنين الألمان والروس، وكان فيها المسيحيون الأرثوذوكس الروس يكتبون سيرا تاريخية مقدسة مشابهة استخدمت أضرحة مسيحية مهجورة كدليل مزعوم على قدم ملكية المسيحية الأرثوذوكسية للمقاطعات الإسلامية الجنوبية في الإمبراطورية؛ استخدمت قصص الأضرحة المؤلفة في القرن التاسع عشر هذه تراث المنطقة الصوفي المعماري والسردي لتأكيد ملكية المسلمين للأرض في مواجهة المستوطنين المسيحيين الجدد.
68
وفي هذا الصدد، كان يوجد أيضا نوع من المقاومة الصوفية. واعتمادا على مزاعم ملكية الأرض القائمة على هذه النصوص، اتخذ الصوفيون في أواخر القرن التاسع عشر موقفا قوميا أكثر بالمعنى الحديث؛ حيث احتفى شعر المفكر النقشبندي محمد علي الشقوري (1826-1889) بوطنية «بلغار الفولجا» الجديدة، ومن منطلق عدم الرغبة في إغضاب النظام الروسي الحاكم المتخوف، فإن الشاعر بالرغم من ذلك ربط الوطنية بحكم القياصرة السلمي.
Unknown page