ولما ماتت زوجته اعتزل العالم وعاش منفردا في قصر الكرملين، وذاعت حكايات مختلفة عن إسرافه وبذخه، وروجت الدعايات المضادة لكثير من هذه الحكايات والإشاعات.
وحدث في عام 1924 أن زار مهندس أمريكي كبير روسيا وطلب مقابلة ستالين، فاستقبله ودعاه إلى البقاء في ضيافته عدة أيام ليستشيره في بعض المسائل الفنية، وقبل المهندس الأمريكي الدعوة، وفي ذات يوم كان ستالين وضيفه يتناولان الطعام وحدهما، ولما جلسا إلى المائدة ظهرت خادمة شابة أحضرت أطباق الطعام ووضعتها على طرف المائدة ثم انصرفت دون أن تتولى تقديم الطعام كما جرت العادة.
وقام ستالين بنفسه وأخذ يقدم الطعام بنفسه لضيفه مما أثار دهشة الضيف، ولكنه لم يحاول معرفة حقيقة الأمر. وفي المساء تكرر نفس الأمر؛ إذ أحضرت الفتاة الطعام وتركته عند طرف المائدة ثم خرجت، وقام ستالين مرة أخرى وبدأ يقدم الطعام لضيفه.
ولما بدأ الاثنان يشربان القهوة بعد انتهاء العشاء التفت سيد روسيا إلى ضيفه الأمريكي وقال له: هل رأيت هذه الفتاة التي أحضرت الطعام ثم أبت أن تقوم على خدمتنا؟
فأجاب الضيف: نعم!
وقال ستالين وهو يبتسم: لقد انقضى عليها ثلاث سنوات وهي لا تغير هذه العادة! إنهم يقولون: إنني السيد المطلق الذي يحكم 200 مليون نسمة، وها أنت ترى بنفسك أنني عاجز عن إصدار أمر صغير لهذه الفتاة ... إنها طالبة في الجامعة تشتغل في أوقات الفراغ بالخدمة، وهي تكتفي بإحضار أطباق الطعام ثم تتركها عند طرف المائدة بدعوى أنه مما لا يتناسب مع كرامة أي فتاة مثقفة أن تقوم على خدمة أي رجل كان ... مهما سما مركزه !
وقد اقتنعت بصواب رأيها ...
وعلى الرغم من الستار الكثيف الذي أسدل على حياة ستالين الخاصة فقد عرف بعد ذلك أن حزنه وأسفه على «موت» زوجته الثانية لم يمنعه من أن يتخير لنفسه زوجة ثالثة كان اسمها «روزا كاجانوفيتش»، وكانت شقيقة لأحد وزراء المواصلات الذين اشتركوا معه في الحكم في إحدى الوزارات.
وقد عرف عن «روزا» أو روزالي أنها تحب المرح، وأنها ذات صوت جميل، ولون وردي، وأن ستالين ينسى إلى جانبها شواغل الدولة كلها، ولم تكن تتدخل في الشئون السياسية؛ إذ يبدو أنها كانت قد تعلمت درسا قاسيا مما حدث للزوجة الثانية من قبلها بسبب السياسة! ولذلك فإنه لم يكن لديها أي تأثير على ستالين من هذه الناحية ...
ولم ير الناس في موسكو هذه السيدة غير مرة واحدة، وكان ذلك في حفلة افتتاح خط «مترو» موسكو، وقد وجهت إليها الدعوة لشهود هذه الحفلة بوصفها «روزا كاجانوفيتش» شقيقة وزير المواصلات، ولم يذكر قط أنها زوجة ستالين!
Unknown page