وقد حدث مرة أن استمع ستالين إلى موسيقى جديدة من تأليف موسيقيين اثنين كانا قد نالا بعض الشهرة؛ وهما شوستا كوفيتش وبروكفيف، وبعد انتهاء الحفلة استدعاهما ستالين إليه وقال لهما: في موسيقاكما «دربكة» كثيرة ... إلا أنها خالية من النغم!
ولم تقم للموسيقيين قائمة بعد هذه الحفلة! (20-2) ستالين ... الفيل!
وكان ستالين يبدو زاهدا في أي نوع من المتع البشرية التي كان يميل إليها غيره من قادة الدول الأخرى أو حكامها، كان زاهدا في الحياة، زاهدا في النساء، زاهدا في الهوايات أو جمع التحف أو طوابع البريد!
ويقول إميل لودفيج في ذلك: إنه يجد لذته الكبرى في الانتقام الصامت الذي ينزله بالدول الرأسمالية حين يدعو إلى مؤتمر يجمع فيه نفس أولئك الرجال الذين ظلوا زمنا طويلا وهم يحتقرونه، وبعد أن يستبقيهم على مائدته لتناول الطعام ويتبادل معهم شراب الأنخاب حتى الساعة الخامسة صباحا ينصرف إلى فراشه وهو يقهقه ضاحكا ساخرا. إن أذكى خصومه يفضلون لقاءه ومقابلته وهو يقوم بدور المضيف.
وقد أعجب روزفلت الرئيس الأسبق للولايات المتحدة بستالين، وعبر عن ذلك الإعجاب أكثر من مرة.
ولكن على حد قول لودفيج: إن أصحاب هذه الشخصيات المتثاقلة البطيئة الحركة التي تميل للعزلة لا يمكن أن ينسوا أي إساءة تلحق بهم؛ إنهم يحملون ذلك الحقد الدفين الذي لا يموت، وهو ما يتميز به الفيل!
ولم يشعر ستالين في أي يوم من الأيام بأن أحدا من الناس قد أسدى إليه جميلا من أي نوع كان، ولذلك كان من الطبيعي أن يذكر كل من أساء إليه وأن يحاول الانتقام.
وحصل ستالين على أعظم مجد في حياته بعد الحرب العالمية الثانية؛ إذ وضعت ألمانيا الشرقية كما وضع جزء من برلين تحت حكمه، كما تحول عدد من الدول الأوروبية إلى الشيوعية دون ثورة، تماما كما تحول ستالين نفسه من الثائر إلى الوطني، وهكذا وجد الثمر يسقط في يده ناضجا شهيا ... ذلك الثمر الذي حاول في شبابه المجهول أن ينتزعه من مكانه بالقوة ...
لقد بدأ حياته بمهاجمة مصرف ... وانتهى به الأمر بعد ذلك إلى أن أصبح من أصحاب المصارف! (20-3) ستالين والقدر
وروى إميل لودفيج أنه عندما قابل ستالين خطر له أن يلقي عليه هذا السؤال: هل تؤمن بالقدر؟
Unknown page