اختلف الكثيرون في وصف ستالين، ويظهر أن الشعور الشخصي كان له أكبر الأثر في هذا الاختلاف؛ فإن بعض الذين قابلوه من كتاب الغرب وصفوه بالدمامة، وبأن آثار الجدري قد شوهت وجهه.
ومع ذلك فإن سفير أمريكا الأسبق المستر والتر بيدل سميث الذي قابل ستالين عدة مرات قال: إنه ليس بأية حال شخصية غير جذابة كما وصفه البعض، بل أكد أنه ذو سحر طبيعي عندما يريد أن يظهر هذا السحر. وقال: إنه ليس بالطويل وإنما هو ربع، منتصب القامة، يوحي لمن يراه بأنه يتمتع بصحة جيدة على الرغم مما أشيع عدة مرات من أنه يشكو من مرض القلب. ويقول بيدل سميث: إنه لاحظ بصعوبة وجود آثار الجدري على وجه ستالين.
وكانت أعظم قسمات وجهه جاذبية ... عيناه الحادتان السوداوان، اللتان تضيئان عندما يكون ثمة أمر يهمه، وفيهما يقظة وتعبير وذكاء، وهو هادئ وبطيء وواثق من نفسه. وعندما يحتد في المناقشة، وهو لا يحتد إلا عندما يريد ذلك، يبدو في قوة، وإذا زادت حدته صار فظا. وقد وصف نفسه مرة فقال: إنه رجل عجوز فظ!
وكانت تبدو عليه في السنوات العشر الأخيرة علامات تقدم السن، ولم يكن غريبا بعد أن تحمل من الأعباء ما لم يتحمله حاكم آخر في العالم، وقد فرض عليه الأطباء في السنوات العشر الأخيرة من سنه نظاما صارما للغذاء والتنقلات حتى حرموا عليه السفر الطويل سواء بالبحر أو الجو، وقد أطاع أوامرهم.
وكان ستالين رجلا دقيقا جدا، شديد الاهتمام، يبحث التفاصيل، وفحص أصغر العوامل شأنا في الحياة العامة، وفي هذا كان يختلف عن كثير من الحكام الطغاة ... وكان ستالين يقرأ جميع رسائل الإعجاب التي تصل إليه من أفراد الشعب، وكان إذا بدأ برسالة قرأها حتى آخر كلمة فيها ...
ولم يكن خطيبا يعرف كيف يؤثر في الجماهير، بل كانت خطبه أشبه بخطب رجال الأعمال لولا أنها طويلة، ملأى بالتعاليم والوصايا.
وكان بطيء الذكاء، ولكنه كان شديد الجرأة، اعتنق المبدأ القائل بأن الغاية تبرر الواسطة؛ ولذلك فإن عمليات القتل الفردي أم الجماعي كانت عادية بالنسبة له؛ حتى ليقال: إن زوجته الثانية راعها ما تراه من بساطة قضاء ستالين على أعدائه وأصدقائه على حد سواء، وكان ذلك من أسباب انتهاء حياتها هي الأخرى بسرعة مريبة.
وفي عام 1922 أصبح سكرتيرا عاما للحزب، وهو المنصب الذي ساعده على توجيه الجهاز الحزبي ضد أعدائه، وفي عام 1923 بدأ لينين يشعر بالقلق من ناحيته فكتب يقول:
إن الرفيق ستالين يقبض على سلطة ضخمة ... ولست واثقا إذا كان يعرف دائما كيف يستعمل هذه السلطة ...
ومات لينين، وبقي ستالين لكي يصفي حسابه مع الملايين الذين قضى عليهم، ومن بينهم عدد من ضباط الجيش الأحمر وأسطوله لا يقل عددهم عن 30000.
Unknown page