فتاة تتعذب!
وقلت له: ليس ذلك بالأمر المحتوم، على الأقل خلال عدة سنوات، وإذا أوتينا من الشجاعة وبعد النظر وسعة الحيلة ما يمكننا من استخدام المعلومات التي تجمعت لدينا فلربما استطعنا أن نتفادى أزمة أخرى من أزمات الكساد.
وقال معقبا: إنني لم أحدد تاريخا ...
وكان عند هذا الحد قد طوى ورقته بعناية بعد أن ملأها رسما، وشرع يرسم في وجه آخر صورة جديدة ذات خطوط مديدة مقوسة.
وكان قد طلب مني أن أختتم حديثي حتى تنتهي المقابلة إذا لم أجد من الماريشال ستالين اهتماما، كما كان بعضهم قد ذكر لي أن مقابلتي قد تستغرق نصف ساعة فقط. ونظرت إلى الساعة المعلقة على الحائط البعيد فوجدتها تشير إلى التاسعة والنصف تماما، فهل أحاول أن أمهد طريق الخروج بلباقة وينتهي الحديث؟
وألقيت لمحة خاطفة على الصورة الأخيرة التي كان ستالين قد انتهى من رسمها على الورق وقلت له: يا ماريشال ستالين! إن هذا الرسم يبدو لي وأنا جالس هنا في مكاني كأنه صورة فتاة تتعذب، ولما كنت قد حدثتني بلهجة التأكيد عما سنصاب به من الكساد والضيق في أعقاب الحرب فإنني أرجو ألا تكون قد رمزت بصورة هذه الفتاة التي تتعذب إلى «مس أمريكا»! ...
وهنا ولأول مرة رفع ستالين بصره إلي، وحدجني بنظرة ملؤها الدهشة والتساؤل، ثم ما لبث أن ابتسم فجأة عندما نظر إلى الرسم الذي أمامه، وبدا عليه شيء من الحياء ثم قال: كلا، إنني أعبث ... ولا أحاول أن أرسم شيئا معينا ...
فقلت له: ربما لم تكن تحاول، ولكنك كنت تتحدث عن أزمات الكساد حديث الواثق بما يقول، وكان الشقاء واضحا على وجه الفتاة التي رسمتها حتى لقد خشيت أن تكون بين الأمرين علاقة!
فأجاب: كلا، لا علاقة بينهما إطلاقا! ...
ثم نحى الورق جانبا، ووضع القلم في مكانه وابتسم ابتسامة عريضة!
Unknown page