Sirat Rasul Allah
سيرة رسول الله
Genres
(ما تنتظرون ها هنا ؟ قالوا: محمدا. قال : خيبكم الله ، قد والله خرج عليكم محمد ، ثم ما ترك رجلا منكم إلا وقد وضع على رأسه ترابا .
أيقظ هذا المار إحساسهم، فراحوا يتحسسون رؤوسهم وقد علاها التراب وأحاط بها الذل والهوان ، ثم اندفعوا يتطلعون صوب البيت ، وما فيه غير علي بن أبي طالب وهم يظنونه الرسول ، فظلوا يرقبون الدار حتى أصبحوا وقد أخذ الله على أيديهم وأحبط كيدهم ، وكانوا كلما هموا باقتحام الدار صاحت امرأة من الدار ، فكان يقول بعضهم لبعض : إنها لسبة في العرب أن يتحدث عنا تسورنا الحيطان على بنات العم)(1).
وعند الصباح نهض علي من فراشه فهاجت العصابة بوجهه يسألونه عن رسول الله (ص) ، وهو يجيبهم :
« قلتم له اخرج عنا ، فخرج عنكم » (2).
إستشاطت قريش غضبا ، وأحست بالخطر الداهم يهدد كيانها ، وأن محمدا قد أفلت من يدها ، والتحق بأصحابه وأنصاره ، فما عليها إلا أن تجوب البيداء ، وتسرع في الطلب ، وتبحث عنه في كل موقع تحتمله فيه .
إنطلق فرسان قريش ورجالها يبحثون عن رسول الله (ص) ، ويفتشون عنه في الوديان والشعاب ، ومحمد (ص) قد كمن هو وصاحبه أبو بكر في غار جبل ثور على مقربة من مكة ، واختفى فيه بعيدا عن الرقابة والملاحقة .
فعلت قريش كل ما بوسعها للقبض على الرسول ، وإرجاعه إلى مكة فلم تفلح ، لقد وضعت مكافأة ضخمة مقدارها مائة ناقة لمن يعيد محمدا (ص) ، فلم يتيسر لها
ذلك . لقد شاء الله أن ينجو محمد ، وأن يكتب الفصل المضيء في تأريخ الانسان ، وأن يأخذ
(67)
بيد البشرية المعذبة والانسان المستضعف ، ويقود الركب في طريق الهدى والصلاح .
Page 89