نعم، فعرفهم أنه عمه، فقالوا له: إن كنت تريد أخذه فالساعة قبل أن تعلم به أمه، فإنها إن علمت بك لم تدعك وحالت بينك وبينه، فدعاه المطلب وقال يا ابن أخي أنا عمك وقد أردت الذهاب بك إلى قومك، وأناخ ناقته فجلس على عجز الناقة، فانطلق به ولم تعلم به أمه حتى كان الليل فقامت تدعوه، فأخبرت أن عمه قد ذهب به وكساه حلة يمانية، ثم قدم به مكة، فقالت قريش: هذا عبد المطلب: أي فإن هذا السياق يدل على أن عبد المطلب إنما ولد بعد موت أبيه هاشم بغزة، وكون عمه المطلب كساه حلة لا ينافي ما سبق أنه دخل به مكة وثيابه رثة خلقة، لأنه يجوز أن تكون هذه الحلة ألبست له عند أخذه ثم نزعت عنه في السفر: أي أو أن هذه الحلة اشتراها بمكة كما يصرح به كلام بعضهم. وما وقع هنا من تصرف الراوي على أنه يجوز أن يكون اشترى له حلتين واحدة ألبسها له بالمدينة وأخرى اشتراها بمكة وألبسها له.
وفي السيرة الهشامية أن أم عبد المطلب كانت لا تنكح الرجال لشرفها في قومها حتى يشرطوا لها أن أمرها بيدها، إذا كرهت رجلا فارقته: أي وإنها لا تلد ولدا إلا في أهلها كما تقدم، وأن عمه المطلب لما جاءه لأخذه قالت له لست بمرسلته معك، فقال لها المطلب: إني غير منصرف حتى أخرج به معي، إن ابن أخي قد بلغ وهو غريب في غير قومه، ونحن أهل بيت شرف في قومنا، وقومه وعشيرته وبلده خير من الإقامة في غيرهم، فقال شيبة لعمه: إني لست بمفارقها إلا أن تأذن لي، فأذنت له ودفعته إليه، فأردفه خلفه على بعيره. ويحتاج إلى الجمع بين هذا وما قبله، فقالت قريش عبد المطلب ابتاعه: أي ظنا منهم أنه اشتراه من المدينة فإن الشمس أثرت فيه وعليه ثياب أخلاق، فقال لهم: ويحكم إنما هو ابن أخي هاشم. ولا يخالف هذا ما سبق، من أنه صار يقول لمن يسأله عنه من هذا؟ فيقول عبدي، لأنه يجوز أن يكون بعض الناس قال من عند نفسه هذا عبد المطلب ظنا منه، وبعضهم سأله فأجابه بقوله هذا عبدي كما تقدم، ولما دخل مكة قال لهم ويحكم إلى آخره. وهاشم (بن عبد مناف) وعبد مناف اسمه المغيرة. أي وكان يقال له قمر البطحاء لحسنه وجماله، وهذا هو الجد الثالث لرسول الله ﷺ، وهو الجد الرابع لعثمان بن عفان، والجد التاسع لإمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنهما.
ووجد كتاب في حجر: أنا المغيرة بن قصي، أوصي قريشا بتقوى الله جل وعلا، وصلة الرحم، ومناف أصله مناة اسم صنم كان أعظم أصنامهم، وكانت أمه جعلته خادما لذلك الصنم. وقيل وهبته له لأنه كان أول ولد لقصي على ما قيل، لأن عبد مناف بن قصي أي ويسمى قصي زيدا.
وعن إمامنا الشافعي ﵁ أن اسمه يزيد، ويدعى مجمعا أيضا. وقيل
1 / 13