al-Ilahiyyat min Kitab al-Sifaʾ

Ibn Sina d. 428 AH
187

al-Ilahiyyat min Kitab al-Sifaʾ

الالاهيات من كتاب الشفاء

Genres

الفصل السادس (و) فصل في إنه تام بل فوق التام وخير، ومفيد كل شيء بعده، وأنه حق، وأنه عقل محض، ويعقل كل شيء، وكيف ذلك، وكيف يعلم ذاته، وكيف يعلم الكليات، وكيف يعلم الجزئيات، وعلى أي وجه لا يجوز أن يقال يدركها فواجب الوجود تام الوجود، لأنه ليس شيء من وجوده وكمالات وجوده قاصرا" عنه، ولا شيء من جنس وجوده خارجا" عن وجوده يوجد لغيره، كما يخرج في غيره؛ مثل الإنسان، فإن أشياء كثيرة من كمالات وجوده قاصرة عنه، وأيضا" فان إنسانيته توجد لغيره. بل واجب الوجود فوق التمام؛ لأنه ليس إنما له الوجود الذي له فقط، بل كل وجود أيضا" فهو فاضل عن وجوده، وله، وفائض عنه. وواجب الوجود بذاته خير محض، والخير بالجملة هو ما يتشوقه كل شيء وما يتشوقه كل شيء هو الوجود، أو كمال الوجود من باب الوجود. والعدم من حيث هو عدم لا يتشوق إليه، بل من حيث يتبعه وجود أو كمال للوجود، فيكون المتشوق بالحقيقة الوجود، فالوجود خير محض وكمال محض. فالخير بالجملة هو ما يتشوقه كل شيء في حده ويتم به وجوده، والشر لا ذات له، بل هو إما عدم جوهر، أو عدم صلاح حال الجوهر. فالوجود خيرية، وكمال الوجود خيرية الوجود. والوجود الذي لا يقارنه عدم - لا عدم جوهر، ولا عدم شيء للجوهر، بل هو دائما" بالفعل - فهو خير محض، والممكن الوجود بذاته ليس خيرا" محضا"؛ لأن ذاته بذاته لا يجب له الوجود بذاته، فذاته تحتمل العدم، وما أحتمل العدم بوجه ما فليس من جميع جهاته بريئا" من الشر والنقص، فإذن ليس الخير المحض إلا الواجب الوجود بذاته. وقد يقال أيضا": خير، لما كان مفيدا" لكمالات الأشياء وخيراتها، وقد بان أن واجب الوجود يجب أن يكون لذاته مفيدا" لكل وجود، ولكل كمال وجود، فهو من هذه الجهة خير أيضا" لا يدخله نقص ولا شر، وكل واجب الوجود فهو حق؛ لأن حقية كل شيء خصوصية وجوده الذي يثبت له، فلا أحق إذن من واجب الوجود. وقد يقال: حق، أيضا"، لما يكون الاعتقاد بوجوده صادقا"، فلا أحق بهذه الحقيقة مما يكون الاعتقاد بوجوده صادقا"، ومع صدقه دائما"، ومع دوامه لذاته لا لغيره؛ وسائر الأشياء فإن ماهياتها كما علمت لا

Page 186