al-Ilahiyyat min Kitab al-Sifaʾ

Ibn Sina d. 428 AH
185

al-Ilahiyyat min Kitab al-Sifaʾ

الالاهيات من كتاب الشفاء

Genres

فيه، وإن كانت غير موجودة في بعضها وموجودة في بعضها؛ مثلا أن يكون أحدهما انفصل عن الآخر بأن له حقيقة وجوب الوجود، وشيئا هو الشرط في الانفصال، وللآخر حقيقة وجوب الوجود مع عدم الشرط الذي لذلك، وإنما فارقه لأجل هذا العدم فقط، وليس هناك شيء إلا العدم ينفصل به عن الآخر، فيكون من شأن وجوب الوجود بالحقيقة التي له أن تثبت قائمة مع عدم شرط يلحق به، والعدم لا معنى له محصلا في الأشياء، وإلا لكان في شيء واحد معان بلا نهاية فإن فيه اختلاف أشياء بلا نهاية. فلا يخلو إما أن يكون وجوب الوجود متحققا" في الثاني من دون الزيادة التي له، أو لا يكون. فإن لم يكن، فيكون ليس له دونه وجوب الوجود، ويكون شرطا في وجوب الوجود في الآخر أيضا. وإن كان، فتكون الزيادة فصلا أيضا"، وليس من شرط وجوب الوجود، وهو مع ذلك مركب، وواجب الوجود غير مركب. وإن كان لكل واحد منهما ما ينفصل به عن الآخر، فهو يقتضي التركيب في كل واحد منهما. ثم لا يخلو أيضا"، إما أن يكون وجوب الوجود يتم وجوب وجود دون كل واحد من الزيادتين، أو يكون ذلك شرطا له في أن يتم. فإن تم، فوجوب الوجود لا اختلاف فيه بالذات، إنما الاختلاف في العوارض التي تلحقه، وقد قام الوجود واجبا" مستغنيا" في قوامه عن تلك اللواحق. وإن لم يتم فلا يخلو: إما أن لا يتم دون ذلك في أن يكون له حقيقة وجوب الوجود، وإما أن يكون وجوب الوجود معنى متحققا" في نفسه، وليس ذانك ولا أحدهما داخلا في هويته من حيث هو واجب الوجود، ولكنه لابد من أن يصير حاصل الوجود بأحدهما، مثل أن الهيولي - وإن كانت لها جوهريتها في حد هيوليتها - فإن وجودها بالفعل إما بهذه الصورة أو بالأخرى؛ وأيضا" اللون، فإنه وإن كان فصل السواد لا يقومه - من حيث هو لون ولا فصل البياض - فإن كل واحد منهما كالعلة له في أن يوجد بالفعل ويحصل، وليس أحدهما علة له بعينه، بل أيهما اتفق، ولكن ذلك في حال، وذلك في حال. فإن كان الأمر على مقتضى الوجه الأول، فكل واحد منهما داخل في تقويم وجوب الوجود وشرط فيه، فحيث كان وجوب الوجود، وجب أن يكون معه؛ وإن كان على مقتضى المعنى الثاني فواجب الوجود يحتاج إلى شيء يوجد به، فيكون واجب الوجود - من بعد ما يتقرر له معنى أنه واجب الوجود - يحتاج إلى شيء آخر يوجد به، وهذا محال. وأما في اللون، وفي الهيولي، فليس الأمر هناك على هذه الصورة؛ فإن الهيولي في إنها هيولي شيء، واللون في أنه لون شيء، وفي أنه موجود شيء. ونظير اللون هناك هو واجب الوجود ههنا، ونظير فصلي السواد والبياض هناك هو ما يختص به كل واحد من المفروضين ههنا، فكما أن كل واحد من

Page 184