al-Ilahiyyat min Kitab al-Sifaʾ

Ibn Sina d. 428 AH
184

al-Ilahiyyat min Kitab al-Sifaʾ

الالاهيات من كتاب الشفاء

Genres

فصل توحيد واجب الوجود كأنه توكيد وتكرار لما سلف من توحيد واجب الوجود وجميع صفاته السلبية على سبيل الإنتاج

و بالحرى أن نعيد القول في أن حقيقة الأول موجودة للأول دون غيره؛ وذلك لأن الواحد - بما هو واجب الوجود - يكون ما هو به هو، وهو ذاته؛ ومعناه إما مقصورا" عليه لذات ذلك المعنى، أو لعلة، مثلا: لو كان الشيء الواجب الوجود هو هذا الإنسان، فلا يخلو إما أن يكون هو هذا للإنسانية ولأنه إنسان، أو لا يكون. فإن كان لأنه إنسان هو هذا، فالإنسانية تقتضي أن يكون هذا فقط؛ فإن وجدت لغيره فما اقتضت الإنسانية أن يكون هذا، بل إنما صار هذا الأمر غير الإنسانية. وكذلك الحال في حقيقة واجب الوجود، فإنها إن كانت لأجل نفسها هي هذا المعين استحال أن تكون تلك الحقيقة لغيره، فتكون تلك الحقيقة ليست إلا هذا. وإن كان تحقق هذا المعنى لهذا المعين لا عن ذاته، بل عن غيره، وإنما هو هو لأنه هذا المعين، فيكون وجوده الخاص له مستفادا" من غيره، فلا يكون واجب الوجود، وهذا خلف؛ فإذن حقيقة الواجب الوجود الواحد فقط. وكيف تكون الماهية المجردة عن المادة لذاتين، والشيئان إنما يكونان اثنين إما بسبب المعنى، وإما بسبب الحامل للمعنى، وإما بسبب الوضع أو المكان، أو بسبب الوقت والزمان، وبالجملة لعلة من العلل؟ لأن كل اثنين لا يختلفان بالمعنى، فإنما يختلفان بشيء عارض للمعنى مقارن له، فكل ما ليس له وجود إلا وجود معنى، ولا يتعلق بسبب خارج أو حالة خارجة، فبماذا يخالف مثله؟ فإذن لا يكون له مشارك في معناه، فالأول لا ند له. وأيضا، فإنا نقول: إن وجوب الوجود لا يجوز أن يكون معنى مشتركا فيه لعدة بوجه من الوجوه، لا متفقى الحقائق والأنواع ولا مختلفي الحقائق والأنواع. أما أول ذلك فإن وجوب الوجود لا ماهية له تقارنه غير وجوب الوجود، فلا يمكن أن يكون لحقيقة وجوب الوجود اختلاف بعد وجوب الوجود. وأيضا، لا يخلو إما أن يكون ما يختلف به آحاد واجب الوجود بعد الاتفاق في وجوب الوجود أشياء موجودة لكل واحد من المتفقين فيه بها يخالفه صاحبه، أو غير موجودة لشيء منها، أو موجودة لبعضها وليس في البعض الآخر إلا عدمها. فإن كانت غير موجودة وليس هناك شيء يقع به الاختلاف بعد الاتفاق، فلا اختلاف بينهما في الحقائق، فهي متفقة الحقائق، وقد قلنا إنها تختلف حقائقها بعد ما اشتركت

Page 183