هو من القسم الذي مثل له بكون الهواء من الماء، وذلك لأن العناصر لا تفسد في أنواعها عند المزاج بل تستحيل، ولا من القسم الذي مثل له بكون الرجل من الصبي، لأنه كان لا ينعكس، فلا يكون الصبي بفساد الرجل، وههنا ينعكس فيكون من الممتزج شيء عنه أمتزج بعد فساد المزاج. وأيضا" فإنه إنما تكلم لا على الموضوع، بما هو الموضوع، بل بما يدل عليه لفظ الكون من الشيء؛ ومعلوم أن هذا لا يقال لكل نسبة للمتكون إلى موضوعه؛ فإن ما كان من المستعدات التي يكون منها الشيء بالاستكمال لا اسم له من جهة ما هو مستعد، ولا يلحقه تغير عن حالته التي له قبل الخروج إلى الفعل؛ فلا يقال إن الشيء كان منه، فلا يقال كان من الإنسان رجل، ولكن من الصبي، لأن الصبي اسم له من جهة ما هو ناقص، ولأنه لا يتم إلا بإستحالات أيضا في طريق السلوك؛ فكأنه لما سمى كان له معنى يدل عليه لاسم يزول عنه عند الخروج إلى الفعل؛ كأنه ما لم يتوهم فيه زوال أمر ما، كان له بسببه استحقاق الاسم، لم يقل إنه يكون منه شيء، فيعرض من هذا أن تكون ما لا يسمى فيه نسبة الكائن إلى الموضوع غير داخل في هذه القسمة ويعرض منه أن تكون النسبة إلى الموضوع بالعرض لا الذي بالذات، لأن الصبي بما هو صبي لا يجوز أن يصير رجلا، حتى يكون هو صبيا ورجلا، بل يفسد المعنى المفهوم من اسم الصبي حتى يصير رجلا فيكون الكون من الصبي آخر الأمر بمعنى بعد ويكون أيضا" إنما يتكلم عن الموضوعات التي بالعرض. وأيضا" فإنه لا يخلو: إما أن يكون الماء إذا كان منه الهواء عنصرا" له بوجه ما. أو لا يكون. فإن لم يكن فالاشتغال بذكره باطل. وإن كان فليس يجب إذا كان الهواء يستحيل في كيفيته الفاعلة إلى المائية، فيصير عنصرا" له أن لا يستحيل في كيفية أخرى، فيصير عنصرا" لشيء آخر، مثلا في رطوبته في فيصير عنصرا" للنار من غير أن يرجع ماء؛ ثم كذلك النار في كيفية أخرى غير مقابلة للتي فيها استحالة إليها الهواء فتكون العلل المادية تذهب إلى غير نهاية، من غير أن ترجع؛ فإذن لم يتبين من وضعه أنه يجب أن يرجع لا محالة، بل بأن إمكان الرجوع، ويتعلق بذلك إمكان التناهي، فليس ذلك مطلوبه، بل مطلوبه وجوب التناهي. ولنشرع الآن في حل هذه الشكوك فنقول: الأولى أن يكون كلام المعلم الأول، إنما هو في مباديء الجوهر- بما هو جوهر- لا بما هو جوهر معروض له ما لا يقوم جوهريته، ولا أيضا" يكمله، فيكون
Page 172