al-Ilahiyyat min Kitab al-Sifaʾ

Ibn Sina d. 428 AH
165

al-Ilahiyyat min Kitab al-Sifaʾ

الالاهيات من كتاب الشفاء

Genres

والعجب منهم إذ يجعلون الخط متجردا في قوامه عن السطح، والنقطة عن الخط، فما الذي يجمعها في الجسم الطبيعي؟ أطبيعة واحدة منها توجب ذلك؟ فكذلك يجب أن يجمعهما لو كان مفارقة أو قوة أخرى نفس أو عقل أو باري، ثم الخط كيف يتقدم الجسم التام تقدم العلل وليس هو صورته، فليس الخط صورة جسمية ولا هو فاعله ولا هو غايته، بل إن كان ولا بد فالجسم التام الكامل في الأبعاد هو غاية الخط وغيره ولا هو هيولاه، بل هو شيء يلحقه من جهة ما يتناهى وينقطع، وأيضا يلزم القائل بالأعداد أن يجعل التفاوت بين الأمور بزيادة كثرة ونقصانها، فيكون الخلاف بين الإنسان والفرس أن أحدهما أكثر والآخر أقل، والأقل دائما موجود في الأكثر فيكون في أحدهما الآخر، فيلزم من ذلك دخول بعض المتباينات تحت بعض وهو خلف فاسد. ومن هؤلاء من يجعل الوحدات متساوية فيكون ما خالف به الأكثر الأقل جزءا من الأقل، لكن منهم من يجعل الوحدات أيضا غير متساوية؛ فإن كانت تختلف بالحد فليست وحدات إلا باشتراك الاسم وإن كانت لا تختلف بالحد لكنها بعد اتفاق في الحد تزيد وتنقص، فإما أن يكون زيادة الزائد منها بشيء فيها بالقوة كالمقادير، فتكون الوحدة مقدارا لا مبدأ مقدار، وإن كانت زيادة الزائد بشيء فيها بالفعل كالأعداد فتكون الوحدة كثرة. ويلزم القائلين بالعدد العددي المركبين منها صور الطبيعيات أن يعلموا أحد شيئين: إما أن يجعلوا للعدد المفارق الموجود نهاية، فيكون تناهيه عند حد من الحدود دون غيره من الاختراع الذي لا محصول له. أو يجعلوه غير متناه فيجعلوا صور الطبيعيات غير متناهية، وهؤلاء يجعلون الوحدة الأولى غير كل وحدة من الوحدتين اللتين في الثنائية، ثم يجعلون الثنائية الأولى غير الثنائية التي في الثلاثية وأقدم منها، وكذلك فيما بعد الثلاثية، وهذا محال؛ فإنه ليس بين الثنائية الأولى، والثنائية التي في الثلاثية فرق في الذات بل في عارض، وهو مقارنة شيء له. ومقارنة الشيء للشيء لا يجوز أن تبطل ذاته، ولو أبطل ذاته لم يكن مقارنا، لأن المقارن مقارن للموجود، وأما المفسد فغير مقارن، وكيف تكون الوحدة مفسدة للوحدتين إلا بإفسادها واحدا واحدا منهما، وكيف تكون الوحدة مفسدة لوحدة؟ ولو أفسدتها لم تكن ثنائية، بل الثنائية بمقارنة الوحدة إياها لا تصير مباينة في الذات للثنائية بوجودها غير مقارنة للوحدة؛ فإن الوحدة لا تتغير بالمقارنة حالا، بل تجعل الكل أكثر وتذر الجزء على حاله. وبالجملة إذا كانت الوحدات متشاكلة والتركيب واحدا كانت الطبيعتان متفقتين، إلا أن يعرض شيء يغير ويفسد، ولا يجوز أن لا تكون الوحدات متشاكلة، فإن العدد يحدث من وحدات متشاكلة لا غير.

Page 164