بعضهم وقد بشر ببنت: والله ما هي بنعم الولد، وقول آخر وقد سار إلى محبوبته على حمار بطيء السير: نعم السير على بئس العَيْر، وتأولهما المانعون على حذف الموصوف وصفته، ودخول حرف الجر على معمول الصفة. والأصل: ما هي بولد مقول فيه نعم الولد، ونعم السير على غير مقول فيه بئس، فحرف الجر في الحقيقة إنما دخل على الاسم، وإنما لم يقل: وبالعلامتين كالتي قبلها؛ لأن تاء الفاعل لا تدخل على "نعم وبئس" بخلاف "ليس، وعسى" فإنهما يقبلان العلامتين كما مر.
العلامة "الثالثة: ياء" ضمير المؤنثة "المخاطبة، كقومي" يا هند، "وبهذه" العلامة "رد على من قال" كالزمخشري "أن هات" بكسر التاء "وتعال" بفتح اللام "اسما فعلين" للأمر، فهات بمعنى ناوِل١. وتعال بمعنى أقبل، والصحيح أنهما فعلا أمر للمذكر، لدلالتهما على الطلب؛ وقبولهما ياء المخاطبة، تقول هاتي بكسر التاء، وتعالي بفتح اللام، وهما مبنيان على حذف حرف العلة من آخرهما، فالمحذوف من "هات" الياء كما في "ارم" والمحذوف من "تعال" الألف كما في "اخش".
العلامة "الرابعة: نون التوكيد شديدة" كانت نحو: ﴿لَيُنْبَذَنَّ﴾ [الهمزة: ٤]، "أو خفيفة" نحو: ﴿لَنَسْفَعًا﴾ [العلق: ١٥]، ويجمعهما " ﴿لَيُسْجَنَنَّ﴾ " [يوسف: ٣٢] بالتشديد، " ﴿وَلِيَكُونًا﴾ " [يوسف: ٣٢] بالتخفيف. "وأما قوله" وهو رؤبة: [من الرجز]
١٤-
أريت إن جاءت به أملودا ... مرجلا ويلبس البرودا
"أقائلن أحضروا الشهودا"
فضرورة نادرة، أي: دخول نون التوكيد على "قائلن" مع أنه اسم. والذي سوغ ذلك شبه الوصف الواقع بعد الاستفهام بالفعل المضارع، نحو: أتقولن، وأريت: أصله: أرأيت، حذفت منه الهمزة الثانية تخفيفا. والأملود؛ بضم الهمزة؛ الغصن الناعم. والمرجل؛ بالجيم؛
_________
١ المفصل ص١٥١، وفي شرح المفصل لابن يعيش ٩/ ٣٠: "هات: اسم لـ"أعطني وناولني". وقال بعضهم: هو من آتى يؤاتي، والهاء فيه بدل من الهمزة، ويعزى هذا القول إلى الخليل".
١٤- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ١٧٣، والمقاصد النحوية ١/ ١١٨ ٣/ ٦٤٨، ٤/ ٣٣٤، ولرجل من هذيل في حاشية يس ١/ ٤٢، وخزانة الأدب ٦/ ٥، والدرر ٢/ ٢٤٧، وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٥٨، ولرؤبة أو لرجل من هذيل في خزانة الأدب ١١/ ٤٢٠، ٤٢٢، وبلا نسبة في اللسان ١٤/ ٢٩٣ "رأي"، والأشباه والنظائر ٣/ ٢٤٢، وأوضح المسالك ١/ ٢٤، والجنى الداني ص١٤١، والخصائص ١/ ١٣٦، وسر صناعة الإعراب ٢/ ٤٤٧، وشرح ابن الناظم ص٣٢٧، ٤٤٤ وشرح الأشموني ١/ ١٦، والمحتسب ١/ ١٩٣، ومغني اللبيب ١/ ٣٣٦، وهمع الهوامع ٢/ ٧٩.
1 / 35